كتبت الصحافية حمى خليلي، تقريرا في صحيفة "الغارديان"، معلقة على فوز المرشح
العمالي المسلم صادق
خان، قائلة إنه خاض حملة مشرفة، وأثبت أن المسلمين يستطيعون تحقيق إنجاز رغم المعوقات كلها.
وتقول خليلي: "ارتحنا، فخلال الأشهر السابقة كان من الصعب علي متابعة الأخبار، ولا يتعلق الأمر بوفاة النجوم، فعام 2016 لم يكن عاما جيدا للمسلمين البريطانيين، فقد صورتنا القناة الرابعة بالذين يدعمون تعدد الزوجات، والذين يكرهون المثليين في فيلمها الوثائقي (بماذا يفكر
المسلمون، حقيقة؟). وأخبرنا دونالد ترامب أننا سنمنع من دخول الولايات المتحدة، واستخدمنا كي يفوز في الانتخابات التمهيدية، وخلال هذا كله كانت تصدر نقاط من السم وبشكل مستمر من حملة زاك
غولدسميث لانتخابات عمدة
لندن. ولهذا فإن أخبار فوز صادق خان بمنصب عمدة لندن، بصفته أول مسلم يفوز بهذا المنصب، لم يكن هناك أفضل منها، وجاءت في وقتها".
وتصف الكاتبة قصة نجاح صادق خان بأنها مثل "حكاية الجنيات"، وتقول: "نجل سائق حافلة وخياطة، نشأ في مساكن البلدية، وأصبح عمدة لندن، وبالنسبة للأقلية الأسيوية والأفريقية، التي تشكل نسبة 44% من سكان لندن، فقد كان فوزة رسالة إلهام قوية، مهما كان عرقك، دينك، طبقتك، فيمكنك أن تصبح أقوى شخصية مؤثرة في البلد، من خلال الانتخاب المباشر".
وتجد خليلي في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، أن فوز خان هو بمثابة "ضربة على الأسنان" للاستطلاعات، التي قالت العام الماضي إن ثلث أهل لندن "لن يشعروا بالراحة إذا انتخب عمدة مسلم لها".
وتشير الكاتبة إلى أنها شاهدت الصيف الماضي السيدة الأولى ميشيل أوباما، وهي تتحدث إلى تلميذات مدرسة مالبري، الواقعة في أفقر المناطق في لندن، حيث أخبرت التلميذات قصتها، كونها فتاة سوداء نشأت في مدينة شيكاغو، وكيف كانت تجد مكانا للدراسة في غرفة النوم التي كانت تشترك فيها مع شقيقها، لافتة إلى أن "ردة فعل التلميذات كانت توحي بالاهتمام بقصة مختلفة عن أهمية النموذج الذي منحته لهن السيدة أوباما، وعليه فقد يكون لخان الأثر ذاته، لكن قصته هي إحدى القصص التي يشعر كل مواطن في لندن بالفخر بها".
وتقول خليلي إنه "من المخجل أن هذه الحكاية فيها شرير، وهو رجل طويل وسيم وغني، فقد كان من المتوقع مرة أن يجتاح غولدسميث لندن ويسحقها تحت قدميه، فهو نائب محترم ومحبوب في منطقته الانتخابية، ولديه سجل مثير للإعجاب في الدفاع عن قضايا البيئة، وعائلة غنية بشكل فاحش، لكنها تعكس التنوع، فلديها جذور يهودية ومسيحية وصهر مسلم سابق (عمران خان)، وبدلا من تبني رسالة إيجابية، فقد صمم فريق حملته على ما يبدو على إظهار ما يمكن إظهاره من عداء للإسلام".
ويلفت التقرير إلى أن "حملة غولدسميث بدأت أولا بالهمس والحديث عن خان ووصفه بأنه (متشدد)، وهو افتراء سهل لكون المرشح مسلما، ثم جاءت الإدانة بربطه بالمتطرفين، حيث امتلأت الصحف وعناوين الأخبار بالحديث عن صهر خان السابق، الذي حضر تجمعات للمتشددين، وقيام خان نفسه بالجلوس على المنصة ذاتها مع المتشددين، في إشارة إلى إمام مسجد في توتيتنغ، وهي منطقته الانتخابية، الذي اتهم بدعم تنظيم الدولة، بل تم تحريف عمل خان من محام لحقوق الإنسان إلى اتهامات بأنه قام بالدفاع عن الإرهابيين، وكأن منح المتهم، أي متهم، محاكمة عادلة جريمة وشبهة تصم المحامي الذي يدافع عنها بالإرهاب".
وتتساءل الكاتبة قائلة: "هل كان الأمر مهما بالنسبة لغولدسميث؟ فقد وصف صهره السابق عمران خان بأنه (خان الطالباني)، وقد ظهر أن الإمام الذي اتهمه ديفيد كاميرون بالداعم لتنظيم الدولة، كان سيمنح صوته لحزب المحافظين وليس لخان، لكن فريق غولدسميث كان يعرف أن اتهامات كهذه (تلصق بسهولة) على بشرة رجل بني/ أسود".
وتبين خليلي أن "المراقب عن بعد يلتقط الرسالة بسهولة؛ فالقواعد المطبقة على المسلمين دائما مختلفة، فبالإضافة إلى الأصول الاجتماعية، فإنه كان على المسلمين العيش مع عناوين الأخبار والإثارة حول عدد المسلمين الذين يدعمون الجهاديين، ولا يتم ذكر مجتمعاتنا المسلمة إلا في سياق التشدد وزيادة جرائم الكراهية، ولهذا السبب قيل لتيوليب صديق (برلمانية عمالية انتخبت عام 2015) إن أحدا لن ينتخبها طالما كانت تحمل اسما كهذا".
وتستدرك الكاتبة بأنه حتى المحافظين شعروا بالقرف من حملة العداء التي شنها مرشحهم غولدسميث، حيث كتبت رئيسة حزب المحافظين والوزيرة السابقة البارونة وارسي، تغريدة قالت فيها: "إن لم يكن صديق خان مسلما غير مقبول بما فيه الكفاية كي يرشح نفسه لعمدة لندن، فمن هو المسلم إذن؟"، مشيرة إلى أن نبرة الحملة التي قادها المحافظون جعلت من انتخاب 13 مسلما في البرلمان العام الماضي أمرا مدهشا.
وتنوه خليلي إلى أنه خلافا لحملة غولدسميث، فإن حملة خان اتسمت بالإيجابية، والدعوة إلى لم شمل الجميع، حيث وعد بأنه سيكون "عمدة اللندنيين كلهم".
وتعلق الكاتبة بأن "خان ليس ذلك النوع من السياسيين الذي ينتج مشاعر دافئة وغامضة للناخبين، وانتصاره ليس كانتصار أوباما عام 2008، إلا أن هدوءه وكياسته في وجه الهجمات التي تعرض لها من غولدسميث مدعاة للاحترام الحقيقي، بالإضافة إلى أنه تجنب (النمطية) عن المسلم، فقد صوت لصالح قانون زواج المثليين، ونال إعجاب الناخبين اليهود، وهو يبعث على الارتياح في وقت يواجه فيه حزب العمال هجوما بسبب اتهامات (معاداة السامية)، خاصة عندما دافع العمدة السابق كين ليفنغستون عن الحزب بلغة قرنت هتلر بالصهيونية، ما دفع خان إلى شجب سريع وحاسم".
وتقول خليلي إن "البعض اتهم خان بالقسوة، لكنه يفهم أن قوة لندن تنبع من تنوعها، وأنه يجب الاحتفال بالأقليات لا استغلالها أو إهمالها".
وتختم خليلي تقريرها بالقول: "خلال مراقبتي الحملة النشيطة، فإنه ليس لدي شك من أن خان كان يفهم أهمية الفوز بجائزة لندن البراقة، وأنها تستحق هذا العناء، وانتخاب عمدة مسلم للندن قد لا ينهي العداء للمسلمين (إسلاموفوبيا) في السياسة البريطانية أكثر مما شفى انتخاب أوباما أمريكا من العنصرية، لكن انتخابه يمنح فرصة للأمل على الأقل".