سلطت "
بي بي سي" الضوء على حلول الذكرى السنوية الخامسة لمقتل زعيم تنظيم
القاعدة أسامة بن لادن، الذي كان يوصف بأنه "أكثر الإرهابين المطلوبين في العالم"، على يد قوات خاصة من البحرية الأمريكية في هجوم على مقره في باكستان، مثيرة تساؤلا حول ما تبقى من إرث ابن لادن حتى الآن.
وفي تقرير لمراسلها للشؤون الأمنية فرانك غاردنر، قالت "بي بي سي" إن هذه الذكرى شكلت ثأرا للولايات المتحدة، عبر عملية سرية للغاية، نفذتها القوات الأمريكية دون إبلاغ الحكومة الباكستانية، بالإضافة إلى أنها أغلقت ملف هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001.
وفي الجانب الآخر بالنسبة لباكستان، فإن هذه العملية اعتبرت إهانة وسببت لها إحراجا كبيرا، وفقا للتقرير.
ونوه التقرير إلى أنه عثر على ابن لادن يعيش بحرية على بعد 50 كيلومترا فقط من العاصمة الباكستانية، إسلام أباد، وتقريبا تحت سمع وبصر الأكاديمية العسكرية الباكستانية في منطقة أبوت أباد.
واستدرك بالقول إنه "بعد مرور خمس سنوات من هذه الغارة التي نفذتها القوات الأمريكية الخاصة فجْرا وصُورت في عمل درامي أنتجته هوليوود، فإن الأعمال الجهادية الدموية لا تزال بشكل كبير ظاهرة عالمية".
وأشار إلى أن فترة الـ12 شهرا الماضية شهدت هجمات للمتشددين في جميع قارات العالم تقريبا، في أوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وأفريقيا.
وتساءل التقرير: إلى أي مدى سيؤثر إرث ابن لادن، إن وجد، على العالم؟
ونقل عن ساجان غوهيل، من مؤسسة آسيا والمحيط الهادئ الفكرية، قوله: إن "موت ابن لادن ترك إرثا... وإلى حد ما، اغتصب هذا الإرث داعش أو ما يسمى بتنظيم (الدولة الإسلامية) الذي تولى زمام الأمور واستند إلى أهدافه لتدشين مشروع إرهابي عابر للحدود".
وأوضح أن الجماعتين التزمتا بتوجه متشدد وغير متسامح للدين الإسلامي، واعتبرتا أي شخص، حتى من الجماعات السنية الأخرى، مرتدا إذا لم يتفق معهما.
وأشار إلى أن الجماعتين استخدمتا العمليات الانتحارية والقتل الجماعي للمدنيين كتكتيك، كما أنهما رفضتا مفهوم الديمقراطية باعتباره لا يتماشى مع الشريعة الإسلامية.
ونوه إلى أنه بالنسبة للكثيرين، فإن عهد تنظيم ابن لادن على مدار 22 عاما، بداية من 1989 حتى 2011، ربما لا يبدو مختلفا عن الأيديولوجية العنيفة لتنظيم الدولة في الوقت الحالي، وفقا للتقرير.
استراتيجية طويلة المدى
واستدرك التقرير بالقول، إنه "مع ذلك، فالجماعتان مختلفتان، وإن كان أسامة بن لان، أو أبو عبد الله كما كان أتباعه ينادونه، لا يزال حيا فسيختلف بكل تأكيد مع تحركات وتوقيت تنظيم الدولة".
وأكد أن ابن لادن كان يعتمد على استراتيجية متأنية وطويلة المدى وعابرة للأجيال، إذ كان يأمل في أن تؤدي هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) إلى إضعاف الولايات المتحدة والغرب، إلى درجة التخلي عن دعمهما للأنظمة العربية العلمانية في الشرق الأوسط، ما يمهد الطريق في النهاية إلى سيطرة الجهاديين وإنشاء خلافة إسلامية.
ورأى ابن لان أن هذا ربما يستغرق عقودا وأنه قد لا يحدث في حياته، بحسب التقرير.
وقال إنه حتى قبل موته، كانت هناك مؤشرات على أن أسامة بن لادن وقيادة تنظيم القاعدة في باكستان عارضت استخدام العنف المفرط الذي مارسته ذراع القاعدة في العراق التي أصبحت بعد ذلك تنظيم الدولة حاليا.
وأشار إلى أن غوهيل يقول إن "الدولة الإسلامية اتخذ مسارا مختلفا عن تنظيم القاعدة بزعامة ابن لادن".
وأضاف أن "تنظيم الدولة قتل عمدا المسلمين السنة، بمن فيهم السيدات والأطفال (إذ نفذ تفجيرات بمساجد عدة في السعودية، ليقتل السنة والشيعة على حد سواء)"، بحسب تقرير "بي بي سي".
وتابع بأنه "انخرط تنظيم الدولة كذلك في نشاطات إجرامية، كالاتجار بالبشر والأطفال، كانت أبوابه مفتوحه لتجنيد النساء، وكلها أمور كان تنظيم القاعدة يعارضها".
ضربة شبه قاضية
وشدد التقرير على أنه بعد سنوات من الآن، فسيعتبر المؤرخون مقتل ابن لادن في تلك الغارة الأمريكية التي نفذت فجرا في الثاني من أيار/ مايو 2011 ضربة شبه قاضية لتنظيم القاعدة.
واعتبر أن خليفته أيمن الظواهري، شخصية مملة غير جذابة تفتقر إلى الحضور، إضافة إلى أنه لا يترك أثرا في الآخرين.
وأكد أن برنامج وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) المثير للجدل دفع لشن هجمات بطائرات دون طيار على المناطق القبلية في باكستان، ما دفع من تبقوا من عناصر تنظيم ابن لادن إلى الاختباء دائما، وأضعف قدرته على التخطيط لشن هجمات مثل تفجيرات لندن مجددا.
واستدرك بالقول: "أما فروع القاعدة الإقليمية، مثل حركة الشباب في الصومال والقاعدة في جزيرة العرب في اليمن، فقد لجأت إلى العمل والتطوير بصورة منفردة".
لحظة فاصلة
ونقل التقرير عن مسؤول شؤون مكافحة الإرهاب في إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش حتى عام 2003، ريتشارد كلارك، قوله إنه بغض النظر عما هو أتٍ فإن موت بن لادن يمثل لحظة فاصلة.
ويقول: "أعتقد بأنه كان هناك تأثير مباشر للدعاية".
ويضيف أنه "حينما كان (ابن لادن) حيا، فقد بدا الأمريكيون عاجزين، لكن تأثير (موت ابن لادن) على المدى الطويل هو أن مركز القاعدة ومقراتها الرئيسة، لم تعرفعلى الإطلاق. فالقاعدة باعتبارها منظمة متعددة الجنسيات ليس لها وجود فعلي"، بحسب التقرير.
واستدرك بالقول إنه مع ذلك، فإن عدم وجود هدف واحد ومحدد مثل أسامة بن لادن فإن تنظيم "الدولة الإسلامية" اليوم يمثل للولايات المتحدة هدفا متشعبا وتصعب إصابته.
وقال التقرير إنه من المؤكد أن تنظيم "الدولة الإسلامية" أعد مخططا منذ فترة طويلة في حال ما إذا قتل زعيمه أبو بكر البغدادي.
وختم بالقول: "في الآونة الأخيرة، تعهد المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة الأمريكية بتدمير تنظيم الدولة، لكنه لم يقل كيف سيفعل ذلك".