بدأ المواطنون
القطريون يودّعون رفاهية سنوات
النفط، والاستعداد للتقشف، في الوقت الذي بدأت فيه دول الخليج الاتجاه الفعلي إلى سياسات الترشيد، وأثار قرار الحكومة القطرية بتحرير
أسعار الوقود ردود فعل متباينة.
بعض المواطنين أبدوا تخوّفهم من أن يؤدّي هذا القرار إلى تحميلهم أعباء مالية إضافية، وأن يزيد من ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية والمواد الاستهلاكية، وغيرها من الخدمات التي ترتبط بالوقود.
بينما ذهب آخرون إلى أن القرار سيعود بالنفع على الاقتصاد الوطني، وعلى البيئة في البلاد على المدى الطويل، لافتين إلى أنه لن يكون لهذا القرار تداعيات سلبية كبيرة على الحالة المعيشية للمواطنين، مسترشدين برفع أسعار الوقود سابقا، وعدم تأثيرها على أسعار المنتجات المعيشية للسكان.
وبحسب ما نقلته صحيفة "الراية" القطرية، فإن تحرير أسعار الوقود ورفع الدعم أصبحا ضرورة قصوى لزيادة كفاءة الاقتصاد، خاصة بعد تراجع أسعار النفط العالمية.
سلاح ذو حدين
ورأى أحد المعلقين ويدعى حمد البلوشي، في تعليق له على مواقع التواصل الاجتماعي، أن القرار "سلاح ذو حدين"، موضحا ذلك بالقول: "فالسيارات الكبيرة ستكون المتضرّر الأكثر"، معربا عن اعتقاده بأن البعض سيلجأ إلى بيعها أو تخفيف حركتها في الشوارع، "وبالتالي سنشهد زيادة الإقبال على السيارات ذات السلندرات الأربعة، بعيدا عن السيارات كبيرة الحجم".
ولفت في الوقت ذاته إلى الأخذ بعين الاعتبار أن المواصلات العامة ستكون الأكثر تأثرا وتأثيرا؛ لارتباطها بمختلف الخدمات والمنتجات الاستهلاكية المقدّمة للناس.
وبالتالي، من المتوقع أن يشهد هذا القطاع زيادة في أسعار خدماته، ما يُشكل أعباء مالية إضافية على الجمهور.
مفاجأة غير متوقعة
من جهته، قال الناشط سلطان حسن الدهنيم، إن القرار كان مفاجئا للجميع، خاصة أنه تم رفع أسعار الوقود قبل أربعة أشهر، الذي دفع ليتر البنزين السوبر ليصل إلى 1.30 ريال، ولتر الجازولين إلى 1.40 ريال، متوقعا أن يكون لهذا القرار انعكاسات على أسعار المنتجات والخدمات، التي يحتاجها المواطنون في المستقبل.
ونوّه إلى أن قطر بلد منتج للنفط، وليس بمستورد، كما أن التكلفة منخفضة، مشيرا إلى أن تحرير السعر في الدول المستوردة أمر طبيعي، بالإضافة إلى زيادة أعداد السكان، فتلجأ الدول لتحرير الأسعار للتخفيف من الأعباء المالية.
يرشد استهلاك الوقود
بدوره، أكد عيسى الأنصاري أن "هناك جوانب إيجابية وأخرى سلبية في قرار تحرير أسعار الوقود، ولا يمكن التكهّن في الوقت الحالي بتأثيرات القرار السلبية، وما أكثر القطاعات المتأثرة به، وكذلك ما هي إيجابيات هذا القرار، إلا أن ما يخطر ببالي في الوقت الحالي أن القرار سيلعب دورا كبيرا في تخفيف أزمات المرور التي نشهدها في مختلف مناطق الدوحة، فضلا عن مساهمته بشكل كبير في تشجيع السكان على استخدام وسائل النقل العامة، والتوفير في استهلاك الوقود في استخداماتهم اليومية".
انعكاسات القرار بعد التجربة
وقال معلق آخر، هو محمد الدوسري، إن قرار تحرير أسعار الوقود يتضمن إيجابيات وسلبيات، ولا يمكن رفضه أو القبول به بشكل نهائي قبل تجربته على أرض الواقع، لافتا إلى أن "أول إيجابيات القرار، أنه سيُشجع المواطنين والمقيمين على خفض استهلاكهم للوقود، بحيث سيكون له تأثير على متوسط الاستهلاك العام في الدولة، ويجعله بمستويات مقبولة، فضلا عن مساهمته في الترشيد، ما يجعله أمرا ضروريا خلال الوضع الحالي لأسعار النفط العالمية".
وأكد أن الكثير من الدول طبقت هذه التجربة، وبعضها استفاد كثيرا منها بعد أشهر عدة، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي، حيث حفزت التجربة القطاع الخاص على تولي مسؤولياته تجاه الدولة والمجتمع.
وأشار إلى أن إعادة هيكلة أسعار الوقود في الدولة وتعديلها بشكل شهري لا يعني ارتفاعها بالضرورة، وإنما يعني أنها ستكون مرتبطة بالأسعار الحقيقية لهذه السلع، نزولا وصعودا، وبحسب الأسعار العالمية لها.