قدم "أبو علي" المقاتل السابق في
تنظيم الدولة، شهادته منذ التحق بالتنظيم إلى اليوم الذي فر منه، متحدثا عن مرحلة إحراق الطيار الأردني معاذ
الكساسبة.
وروى أبو علي في مقتطفات نشرتها صحيفة "دايلي مايل" من كتاب روبرت وورث "A Rage for Order"، الجهادي الأردني سابق لدى تنظيم "
داعش" كيف أرغموهم على مشاهدة شريط فيديو عن حرق الكساسبة، بالإضافة إلى مسار دخوله التنظيم وصولا إلى نجاحه في
الهروب.
وحكى الكتاب قصة التحاق "أبو علي" بـ"التنظيم" قائلا: "ذات صباح في منتصف كانون الثاني/يناير 2015، وقف رجل صغير القامة بدا متخفيا تحت سترة سوداء مع قبعة، وحيدا في الجانب التركي من معبر أقجة قلعة الحدودي مع سوريا".
وتابع الكتاب: "حدق الرجل حوله بانزعاج، ثم اقترب من كناس شوارع يرتدي بزة زرقاء وقال له: "أريد العبور إلى الجهة الأخرى. ماذا يمكنني أن أفعل؟" طلب الكنّاس 75 ليرة تركية وأشار إلى ثقب صغير في السياج، على مقربة من البوابة الرئيسة".
وأضاف: "دفع له الرجل المال لكنه بدا مترددا. كان قد قطع طريقا طويلا، وقد أصبح على بعد عشرة أمتار فقط من وجهته: التلال المغبرة في شمال سوريا التي انطلق منها إلى تنظيم الدولة. سأل الرجل كناس الشوارع: "ماذا عن الحراس؟" فأجابه: لا مشكلة. اذهب وحسب".
وزاد: "سار الرجل باتجاه الثقب في السياج. انحنى ومر عبره. ولدى بلوغه الجهة الأخرى، بدأ يركض. رآه أحد الحراس الأتراك وصاح في اتجاهه، لكنه لم يتوقف. كان اسم الوافد الجديد أبو علي، 38 عاما، من الأردن. كان لديه اسم آخر وحياة أخرى، لكنه تخلى عنهما، كما يفعل معظم الأشخاص الذين يلتحقون بـ"التنظيم"، أراد أن يولد من جديد".
وأفاد: "بعد نحو ساعة، أطلت سيارة، وتولى عنصر من "داعش" نقل أبو علي إلى منزل قريب مخصص لاستقبال الوافدين الجدد إلى التنظيم. كان مبنى كبيرا من طابق واحد مع حديقة في الخلف، وكان هناك نحو 12 وافدا جديدا آخر يجري تدريبهم للتأقلم مع حياتهم الجديدة".
وقال أبو علي: "كان المكان أشبه بمطار. رأيت أمريكيين وإنجليز وفرنسيين وأشخاصا من بلدان أخرى، كان هناك سوري واحد فقط".
وسجل: "في الأيام الخمسة التالية، نام أبو علي على فراش وتبادل أحاديث مطولة مع الوافدين الآخرين الذين كانوا يتكلمون الإنجليزية بمعظمهم. وقد قال لهم المسؤولون في داعش إنهم يتقصون عن خلفياتهم".
وشدد: "كان هناك دجاج في الحديقة الخلفية، وشدد الأمير على أنه لا يسمح سوى للأمركيين والأوروبيين بذبحها"، مشيرا إلى أن هذا الأمر بمثابة تدريب لهم لقتل الكفار.
وأوضح: "بعد مرور خمسة أيام، قيل للمجندين الجدد إنه حان الوقت للمغادرة. صعد أبو علي في حافلة صغيرة مع نحو 15 مجندا آخر وتوجهوا نحو جبل بلعاس الجاف والشديد الانحدار شرق مدينة حمص".
ومضى يقول: "في الأسبوعين التاليين، كان المسؤولون يوقظون جميع المجندين قبل طلوع الفجر. وكان المجندون يؤدون صلاة الفجر ثم يخرجون لممارسة رياضة العدو وتمارين الضغط (push-up) قبل أن تبدأ دروس الشريعة مع بزوغ أنوار الفجر الأولى. كانت الدروس تركز على الفارق بين المسلمين وغير المسلمين، والمقتضيات المطلوبة لمحاربة الكفار والمرتدين".
وأعلن أنه "ذات ليلة، قال الأمير المسؤول عن المقرر التدريبي، وهو سوري أصلع ذو بشرة شاحبة كان يدرس سابقا مادة التاريخ في حمص، إنهم سيشهدون على حدث مميز".
وأضاف: "بعدما جلس الجميع على الأرض في القبو، شغل الأمير الكاشف الضوئي وبدأ بعرض شريط فيديو على جدار القبو، وقد ظهر فيه رجل عربي يرتدي بزة برتقالية ويقف داخل قفص. بدأت ألسنة النيران تتقدم بسرعة نحو القفص والتهمت الرجل".
وزاد: "أعلن صوت مسجل على شريط الفيديو أنه الطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي أسر بعد تحطم طائرته. وقد استقطب إعدامه حرقا في شباط/فبراير 2015 اهتمام العالم بأسره، حتى إن بعض الجهاديين وصفوه بأنه عمل غير أخلاقي".
وتابع: "وقف الأمير وشرح أن الطيار المذكور ألقى قنابل على المسلمين، وأن إعدامه حرقا هو ثأر عادل بموجب الشريعة الإسلامية. وقد أصغى إليه المجندون بصمت".
وسجل: "سرعان ما شعر أبو علي بأن عشرات العيون اتجهت نحوه. كان الأردني الوحيد هناك، وكانوا جميعهم يعلمون ذلك. لم يتفوه بكلمة، لكن لا بد من أن هول الصدمة كان باديا على وجهه. وكذلك حدق الأمير في وجهه".
وشدد على أنه "من الواضح أنه كان نوعا من الاختبار لامتحان ولائهم. شعر أبو علي بأنظارهم مركّزة عليه، وبدأ يرتجف. تعلم في صغره أن حرق إنسان حتى الموت ممنوع في الإسلام. أثارت المشاهد اشمئزازه. وردد في نفسه: (ليكن الله في عوني)".
وأفاد: "أمسكه حارسان من داعش بذراعيه واقتاداه إلى خارج القبو. وتبعهم الأمير لاحقا. جلس الأخير على الصخور مع أبو علي وسأله لماذا قال تلك الكلمات. هل شكك في ما قام به داعش؟ فأجاب بالنفي، وقال إنه تكلم لأن الآخرين استفزوه".
وزاد: "بدا الأمير راضيا وقال له: في بداية هذا المقرر، كنت كافرا. أما الآن فأصبحت مسلما".
وأوضح: "شعر أبو علي بارتياح شديد. لقد نجا من العقاب. لكنه قال لي إنه منذ تلك اللحظة، بدأ يشك في كل ما يحيط به".
فلقد التحق أبو علي بـ"تنظيم الدولة" أملا في الحصول على وظيفة مكتبية وفي أن يصبح مسلما صالحا".
وقبل انضمامه إلى "داعش"، كان يرتاد الحانات والملاهي ويخرج للسهر والاحتفال مرات عدة في الأسبوع، على الرغم من مضايقات زوجته المستمرة، كانت زوجته عاقرا، وكانا يشعران بفراغ كبير لأنه ليس لديهما أولاد.