كشف تقرير في صحيفة "ديلي تلغراف"، أعدته جوزي إنسور، عن الطريقة التي تعاون فيها نظام بشار
الأسد مع
تنظيم الدولة في تجارة
النفط، مشيرا إلى أن حجم التجارة بين الطرفين بلغ 40 مليون دولار في الشهر.
وتقول إنسور إن حكومة النظام السوري وقعت صفقة مع تنظيم الدولة؛ لمساعدته على بيع النفط الذي يستخرجه من آبار النفط الواقعة تحت سيطرته في شرق سوريا.
وتشير الصحيفة إلى أن مصدر هذا الكشف هو
الوثائق التي حصلت عليها القوات الأمريكية الخاصة والبريطانيون من الهجمات على قيادي بارز في العام الماضي، حيث قتل
أبو سياف، الذي كان يعرف بوزير المال والنفط في "الدولة"، فيما أسرت زوجته في الغارة، التي تمت على مجمع سكني في دير الزور، لافتة إلى أن آلاف الصفحات والحسابات تشير إلى الكيفية التي تعامل فيها الجانبان لنفع بعضهما، رغم حالة الحرب بينهما.
ويذكر التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن مقاتلي التنظيم قد سيطروا على المنشآت النفطية في عام 2013، حيث كشفت عدة تقارير صحافية بريطانية عن وجود علاقة بين النظام السوري وتنظيم الدولة، أو "زواج مصلحة" بين الطرفين، ففي صحف مثل "ديلي تلغراف" و"ول ستريت جورنال" تمت الإشارة إلى حجم ومدى التجارة بين النظام والتنظيم.
وتبين الكاتبة أن الوثائق تشير إلى أن الجهاديين كانوا يحصلون في ذروة الإنتاج النفطي في الفترة ما بين 2014 و2015، على أرباح مالية تصل إلى 40.7 مليون دولار في الشهر، حيث إن معظم المبيعات ذهبت إلى حكومة النظام السوري، بحسب وزارة الخزانة الأمريكية.
وتورد الصحيفة أنه في مذكرة حملت رقم 156، وكتبت في شباط/ فبراير 2015 ، وأرسلها مكتب أبي سياف إلى قيادة التنظيم، يطلب فيها المشورة والإذن بإقامة علاقات تجارية مع نظام الأسد، حيث أشارت الوثيقة إلى الاتفاق القائم، الذي يسمح بمرور أنابيب النفط والشاحنات من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة إلى أراضي التنظيم.
ويلفت التقرير إلى أن وزير النفط عرف باسمه، حيث إنه ولد في تونس، وقاتل في العراق، الذي انتقل إليه بعد انهيار نظام صدام حسين، وأصبح مقربا من القيادات السنية، التي كانت تقاتل القوات الأمريكية، وبينهم أبو بكر البغدادي، الذي تولى قيادة التنظيم في عام 2010.
وتنوه أنسور إلى أنه عندما أعلن البغدادي عن "الخلافة" عام 2014، أوكلت لأبي سياف مهمة إدارة تجارة النفط، من مقر حقل النفط الرئيسي عمر في دير الزور قرب الحدود السورية مع العراق، لافتة إلى أنه الحقل الذي كان تديره في السابق الشركة الأنجلو- هولندية "رويال داتش شيل".
وتكشف الصحيفة عن أن الوثائق تظهر الكيفية التي تعامل فيها التنظيم مع عمال النفط في الحقل، مشيرة إلى أنه عرضت عليهم رواتب خيالية للبقاء ومواصلة عملية الإنتاج النفطي، بدلا من إعفائهم من مناصبهم، وقدم لهم أحيانا أربعة أضعاف الراتب الأساسي.
ويورد التقرير أنه بحسب روايات من عملوا في الموقع النفطي، فقد كان أبو سياف رجلا مهيب الجانب، ويخافه العمال، وهدد عماله الـ 152 بالذبح، أو إرسالهم إلى العراق، في حال عصوا أوامره.
وتفيد الكاتبة بأن عمل أبي سياف جلب ثمارا مالية جيدة، حيث أصبح عنصرا مهما في تحويل جماعة البغدادي إلى أُثرى حركة إرهابية في العالم، وحققت "وزارته" إيرادات 40.7 مليون دولار في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2014، بزيادة نسبتها 60% عن شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام ذاته.
وتلفت الصحيفة إلى أن السجلات الرسمية للإنتاج تظهر أن التنظيم حقق في ستة أشهر، حتى نهاية شباط/ فبراير عام 2015، مبلغ 289.5 مليون دولار أمريكي، وجاءت نسبة 70% منها من حقل عمر، الذي كان يديره أبو سياف، حيث إنه عندما اكتشفت قوات التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة، حجم الإيرادات الكبير بدأت باستهداف المصافي البدائية والمؤقتة، التي تستخدم لتكرير النفط.
ويقول التقرير إن السجلات تظهر أن التنظيم كان قادرا على التكيف مع الوضع، مشيرة إلى أنه ظهر في بعض السجلات أن التنظيم كان يعد زبائنه باستئناف الإنتاج بعد إصلاحات تستغرق 14 يوما، حيث استمر الإنتاج الضخم حتى مقتل أبي سياف في غارة على دير الزور في أيار/ مايو 2015.
وتنقل أنسور عن مسؤول أمريكي قوله بعد الغارة: "لدينا سجلات كبيرة حول الكيفية التي عمل فيها التنظيم، وطريقة تواصله وحصوله على أمواله"، ويضيف أن التنظيم "كان دقيقا في تسجيل الحسابات".
وتذكر الصحيفة أنه بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فقد تولى منصب إدارة النفط بعد أبي سياف الجهادي الفرنسي، أبو محمد الفرنسي، مستدركة بأنه رغم تأثير الهجمات الجوية على معدلات إنتاج النفط، إلا أنها لم تدمرها بالكامل.
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى أن المنشات النفطية تتعرض للتهديد، حيث يجد التنظيم نفسه محاصرا في شمال شرق سوريا من قوات حماية الشعب الكردي، ومن التحالف الروسي الإيراني والنظام في جنوب ووسط البلاد، بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة بدأت حربها الإلكترونية من قيادة العمليات الإلكترونية، التي تهدف لمواجهة الصين وروسيا وكوريا الشمالية وتنظيم الدولة.