ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" أن
أزمة السكن الحادة في
السعودية تمثل تحديا كبيرا، أدى إلى ضرورة اتخاذ إجراءات لمعالجة هذه المشكلة.
ويقول مراسل الصحيفة سايمون كير إن المناطق الصحراوية الخالية، التي يمر عليها زائر المناطق الحضرية في مدينة جدة، ثاني أكبر المدن في المملكة العربية السعودية، تثير سخط العديد من السعوديين؛ باعتبارها فرصة ضائعة لبناء مجمعات سكنية عليها، أو الاتجار بها، وهما أمران تحتاجهما السعودية في ظل تزايد عدد سكانها الشباب.
ويضيف الكاتب أن ملاك هذه الأراضي تركوها خالية لسنين، على أمل الاستفادة منها وبيعها بأرباح عالية في سوق الأراضي المرتفع بنسبة 7% كل عام، بدلا من إقامة مجمعات سكنية أو تطويرها، الذي يكلفهم جهدا ومالا.
ويشير التقرير إلى أن الحكومة السعودية قامت بالتدخل بفرض نسبة 25% ضريبة على ما يطلق عليها "الأراضي البيضاء"؛ آملة بإجبار أصحابها على بيع هذه "البنوك"، أو استخدامها في
مشاريع تطوير، حيث تم تحديد 40% من أراضي العاصمة الرياض التي ينبغي على أصحابها دفع الضريبة عليها، لافتا إلى أن خبراء
اقتصاد يقولون إن الضريبة على هذه المساحات قد تجلب لخزينة الدولة 15 مليار دولار في العام.
وتنقل الصحيفة عن مصرفيين قولهم إن بعض هذه الأراضي الخالية تحضر لإقامة مشاريع تطوير عليها، حيث يقول المدير التنفيذي لشركة التطويرالعقارية "كينان" نضال جمجوم، إن الرسوم المفروضة على هذه الأراضي البيضاء ربما صححت أسعار المساكن، لكنه أضاف أن هناك إجراءات أخرى ضرورية يجب على الدولة اتخاذها، مثل تصحيح عمليات التطوير البطيئة، وتعزيز سوق الرهن العقاري، ومعالجة موضوع قدرة الناس على الشراء، وهذا متعلق بكيفية التنسيق بين جميع الإجراءات.
ويورد كير نقلا عن أصحاب شركات التطوير العقاري قولهم إن الحصول على أراض رخيصة الثمن، ووضع تنظيمات جديدة، قد يساعدان صناعة العقارات، وقد يدفعان باتجاه خطط بناء واسعة وأبراج، مثل تلك التي أدت إلى تحول سوق العقارات في عدد من المدن الخليجية، مثل دبي.
وتكشف الصحيفة عن أنه سيتم الإعلان عن الضريبة الجديدة على الأراضي في حزيران/ يونيو، حيث ستوضح الكيفية التي سيتم تحديد فيها الأراضي واستحقاق الضريبة عليها، مستدركة بأنه رغم أن سوق الأراضي مستقر، حيث انخفض في بعض المناطق، إلا أن انخفاضه لا يتعلق بالسوق ذاته، بحسب بعض المحللين، لكنه مرتبط بأسعار النفط التي تتراجع بشكل دائم.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه من الطرق التي يمكن من خلالها زيادة الطلب في السوق، خلق سوق رهن عقاري فاعل، حيث تم تشريع قانون عام 2013 يسمح للبنوك بمنح قروض رهن عقاري، إلا أنه لا يزال في مراحله الأولى.
وينوه الكاتب إلى أنه بحسب تقرير منبر جدة الاقتصادي، فإن نسبة الذين يملكون بيوتهم من السعوديين تصل إلى الثلث، حيث تم رفع نسبة القرض على قيمة البيت من 70 إلى 85%، ما رفع العديد من القيود على دخول الراغبين بالحصول على قرض إلى سوق العقارات، لافتا إلى أن خبيرا اقتصاديا يقول إن الإجراءات الجديدة تفتح الباب أمام 110 آلاف شخص للحصول على القرض، بناء على قيمة البيت وبمحفزات عالية، أما 400 ألف فلا يزالون ينتظرون على قوائم وزارة الإسكان.
وتستدرك الصحيفة بأنه رغم أنه من الصعب الحصول على إحصائيات عن القطاع العقاري في السعودية، إلا أن وزارة الإسكان تقول إن البلاد تحتاج إلى 3.3 مليون وحدة سكنية في العشر سنوات القادمة، حيث يزيدعدد السكان من 31 مليون نسمة عام 2015، إلى 37 مليون نسمة بحلول عام 2025، مشيرة إلى أن السوق العقاري لم يقدم إلا نصف المطلوب في العقود الماضية.
ويفيد التقرير بأن سوق العقارات هو موضوع سياسي أيضا، حيث إنه في عام 2011 ردت الدولة على ثورات
الربيع العربي، بالإعلان عن مشاريع بناء 500 وحدة سكنية، وخصصت لها ميزانية 67 مليار دولار، ومع ذلك لم ينجز منها سوى عدد قليل؛ وذلك بسبب عدم توفر الأراضي، بالإضافة إلى المعوقات البيروقراطية.
وبحسب كير، فإن السعودية أنشأت في الأربعين عاما الماضية وحدات سكنية بمعدل 150 ألف وحدة في العام، ويقول مسؤول التطوير الاقتصادي ومديرالتنمية الإسكانية في شركة "إعمار"، والمدينة الاقتصادية وهي المدينة الجديدة التي تبنى شمال جدة، أيمن منسي، إن الطلب على السكن يحتاج إلى 300 ألف وحدة سكنية في العام، مبينا أنه من أجل تحقيق هذا، فإن هناك حاجة إلى الموافقة السريعة على المشاريع، وسرعة تنفيذها، وأن تكون مشاريع خلاقة.
ويخلص الكاتب إلى أن السعودية بحاجة إلى مضاعفة عدد شركات التطوير العقاري، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية الراغبة بالاستثمار في البنى التحتية، بالإضافة إلى جذب المقاولين الدوليين، الذين لديهم سجل في تطوير مشاريع ضخمة، مثل الصينين الذين يستطيعون بناء 80 ألف وحدة سكنية في العام، مستدركا بأن جذب الشركات الأجنبية يحتاج إلى تغيير في طريقة المصادقة على المشاريع وقوانين العمل، ومنح مزيد من الحوافز.