نشر مركز الدراسات الاستراتيجية الأمريكي "ستراتفور" تقريرا؛ حول مشروع الجسر البري بين المملكة العربية
السعودية ومصر، كاشفا فيه لأول مرة أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة حذر السيسي مسبقا من التنازل عن جزيرتي "
تيران" و"
صنافير" لصالح السعودية.
وحسب مصادر "ستراتفور" فان المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية نصح السيسي بالامتناع عن نقل السيادة على الجزيرتين للسعودية، وذلك لان ذلك "سيمس بالشرف الوطني وسيغضب الرأي العام المصري".
وقال المركز في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الزيارة الأخيرة التي قام بها الملك سلمان إلى
مصر، أدت إلى التوصل لاتفاق مع عبد الفتاح السيسي لبناء جسر بري يربط بين مصر والسعودية. وقد شمل هذا الاتفاق عملية إعادة رسم الحدود البحرية بين البلدين، بعدما تخلت مصر عن جزيرتي تيران وصنافير، اللتين تحتلان مكانة استراتيجية على مدخل خليج العقبة.
وذكر المركز أنه إذا تم بناء هذا الجسر، فإن له انعكاسات سلبية وإيجابية بالنسبة للبلدين، في حين أن عملية المقايضة التي شملت تخلي مصر عن جزيرتين استراتجيتين في البحر الأحمر أدت إلى ردود فعل ساخطة بين الأوساط السياسية المصرية.
وأضاف المركز أن الإعلان عن بناء جسر بين البلدين حظي باهتمام وسائل الإعلام العربية، رغم أن هذا المشروع الذي يهدف للربط بين البلدين ظهر منذ سنوات، ففي سنة 1988، أعلن الملك فهد وحسني مبارك عن الاتفاق على بناء جسر بري، ثم أعاد محمد مرسي في سنة 2012 طرح فكرة المشروع على أرض الواقع، لكن كل هذه المحاولات بقيت حبرا على ورق.
ويمتد الجسر على مسافة تتراوح بين 25 و50 كيلومترا، ويبلغ ارتفاعه 100 متر عن سطح البحر.
وذكر المركز أن هذه المبادرات السابقة لإحياء مشروع بناء الجسر البري الذي يمر بجزيرة تيران، افتقرت إلى رؤية واضحة حول التصميم والجدول الزمني، لكنها اتفقت حول ميزانية تقديرية تتراوح بين ثلاثة وأربعة مليار دولار، وقد تمتد فترة البناء إلى سبع سنوات.
وأضاف المركز أن تخلي مصر عن جزيرتي تيران وصنافير كان تتويجا لأكثر من 11 لقاء دبلوماسيا؛ حرصت المملكة من خلالها على إقناع الرؤساء الذين تداولوا على السلطة في مصر خلال السنوات الستة الأخيرة، بالتخلي عن الجزيرتين اللتين كانت السعودية تسعى إلى السيطرة عليهما منذ سنة 1988.
وذكر المركز أن الجزيرتين كانتا تحت سيطرة الامبراطورية العثمانية قبل تأسيس المملكة العربية السعودية الحديثة في سنة 1932، وتحرر مصر من السيطرة العثمانية في سنة 1922. ومع ظهور إسرائيل في سنة 1948، مهّد اتفاق ثنائي بين السعودية ومصر، لتمركز قوات محدودة العدد من الجيش المصري في الجزيرتين بهدف حمايتهما من الاعتداءات الإسرائيلية.
بعد حرب الأيام الستة في سنة 1967، تمكنت إسرائيل من الاستيلاء على جزيرة تيران. وقد تواصلت سيطرة إسرائيل على مضيق تيران إلى حين توقيع اتفاقية كامب ديفيد في سنة 1978، الذي انسحبت بموجبه القوات الإسرائيلية من الجزيرة، لتسيطر عليها قوات حفظ السلام المكونة من جنود أمريكيين ومصريين في سنة 1982.
وأضاف المركز أنه رغم الموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به الجزيرتان، فإن إنشاء جسر يمر منهما، لن تكون له انعكاسات كبيرة على معادلة العلاقات الإقليمية بين كل من الأردن والسعودية ومصر وإسرائيل.
وذكر المركز أن مبادرات إنشاء الجسر البري أثارت منذ سنوات مخاوف إسرائيلية من انتهاك اتفاقية كامب ديفيد، لكن المسؤولين الإسرائيليين لم يبدوا أي اعتراض رسمي ضد عملية بناء الجسر أو مقايضة الجزيرتين.
ونقل المركز عن صحيفة الأهرام المصرية أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان "أكد أن بلاده ستلتزم باحترام وجود القوات الدولية في الجزيرة، وضمان سلامة السفن التي تعبر البحر الأحمر مرورا بخليج العقبة"، الذي يطل على ميناء إيلات الإسرائيلي، وميناء العقبة الأردني.
وإذا تم بناء الجسر وفقا للمخططات السابقة، فإن ذلك لا يمكن أن يشكل خرقا لمعاهدة كامب ديفيد التي تضمن حرية تنقل السفن في مضيق العقبة، حيث إن ارتفاع الجسر عن سطح البحر سيوفر مجالا واسعا لمرور السفن العسكرية والتجارية.
وذكر المركز أن الجسر سيكون له تأثير حقيقي على المعادلة العسكرية، في حال حدوث اعتداء على إحدى الدولتين، حيث سيسمح باختصار الوقت والتكلفة لنقل الأشخاص والبضائع، خاصة إذا كان هذا الاعتداء يستهدف السعودية.
وأضاف المركز أن الهدف من بناء الجسر يعدّ اقتصاديا بامتياز، حيث يراهن البلدان على دور الجسر البري في دعم التجارة الثنائية بينهما، خاصة في منطقة شبه جزيرة سيناء التي تعاني من نسبة عالية من معدلات الفقر.
وذكر المركز أنه إذا كان هذا الاتفاق بين البلدين يثبت شيئا، فإنه يثبت نجاح السعودية في ضمّ مصر إلى كتلتها السنية في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما وضع السيسي في موقف محرج، بعدما اعتبر البعض أن تنازله عن الجزيرتين يمس من سيادة الدولة المصرية، بينما اعتبره البعض الآخر انتهاكا واضحا للدستور المصري الذي يمنع بيع الأراضي العمومية.
وقال المركز إن الظروف التي تخلت فيها مصر عن الجزيرتين، جعلت الاتفاق يبدو "كعقد بيع" أبرمه السيسي الذي نصحه المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالامتناع عن مقايضة الجزيرتين، في الوقت الذي تراجعت فيه شعبية حكمه بصفة كبيرة في الفترة الأخيرة.
لمطالعة التقرير الأصلي كاملا إضغط هنا