تسبب توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في
قطاع غزة عن العمل بشكل كامل؛ في دخول القطاع وكافة مؤسساته الخدماتية في أزمة إنسانية كبيرة، أرخت بسدولها "الكارثية" على كافة مناحي الحياة في القطاع، الذي يقترب الحصار الذي تفرضه "إسرائيل" عليه بالتعاون مع بعض الدول العربية؛ من الدخول في عامه الحادي عشر.
الفلسطينية مروة شراب "أم محمد" (42 عاما)، تعبت "كثيرا" من طول الانتظار، فلديها "كومة غسيل"، ولم تسعفها ثلاث ساعات -مدة زيارة الكهرباء لمنزلها- من إنجاز ما عليها من أعمالها البيتية.. ومنذ أيام أيضا؛ لم تعدّ خبزها -كما تعودت- في بيتها الكائن في وسط مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة؛ بسبب غياب الكهرباء.
والهم الأكبر لدى هذه الأم الفلسطينية -كما قالت لـ"عربي21"- أن لديها أربعة توائم "محمد، وخالد، ودعاء، ونداء" (11 عاما) "وحينما تنقطع الكهرباء ليلا؛ لا يتمكنون من أداء واجباتهم المدرسية، أو إتمام عدد ساعات دراستهم اليومية".
وأضافت: "أبنائي لا يتمكنون من إتمام دراستهم على إنارة لمبات (ليد) الموفرة للطاقة، لأنها غير مريحة، ومتعبة للعين". ويعتمد كثير من سكان قطاع غزة على إنارة منازلهم من خلال تلك اللمبات التي تعمل على بطارية قوتها 12 فولت.
ويزداد توتر أم محمد مع عدم معرفتها "متى تأتي الكهرباء، ومتى تنقطع، حيث لا يوجد جدول ثابت بمواعيدها"، مبينة أنه "مع ارتفاع درجة الحرارة في هذه الأيام، لا نستطيع شراء الأغذية وتخزينها في الثلاجة؛ خوفا من فسادها".
ضريبة البلو
وأعلنت
سلطة الطاقة في قطاع غزة، عن توقف محطة توليد الكهرباء بشكل كامل، الجمعة الماضي؛ بسبب نفاد الوقود المخصص لتشغليها، واستمرار وزارة المالية في الحكومة الفلسطينية بفرض ضريبة "البلو" على الوقود اللازم لتشغيل المحطة.
وأكد مدير مركز المعلومات بسلطة الطاقة بغزة، أحمد أبو العمرين، أن وزارة المالية بالضفة "مستمرة في فرض
ضريبة البلو بشكل غير شرعي، ولأننا لا نملك إمكانية لشراء الوقود بهذا السعر؛ فإن
محطة التوليد متوقفة بشكل كامل".
وأوضح لـ"عربي21" أنه "لا أفق للحل إلا برفع ضريبة البلو عن وقود المحطة؛ كي تتمكن سلطة الطاقة من شراء الوقود"، مشيرا إلى أن سلطة الطاقة "منذ عدة أشهر وهي تورد الوقود للمحطة شاملا الضريبة، على أمل إيجاد حل للمشكلة، ومن أجل اتاحة الفرصة للجهود التي كانت تبذل للحل دون جدوى".
وأضاف أبو العمرين أن "كامل الموارد المالية لدينا قد استنزفت، وتوقفت المحطة"، مبينا أن تكلفة تشغيل المحطة بنصف طاقتها؛ تبلغ قرابة 33 مليون شيكل شهريا (الدولار = 3.8 شيكل)؛ بدون ضريبة "البلو"، "ومع فرض الضريبة تصل لنحو 58 مليون شيكل".
تهديد حياة المرضى
وحول طبيعة تعاطي المؤسسات الطبية مع
أزمة الكهرباء، وهي "القطاع الأكثر تأثرا"؛ قال المدير الإداري لمستشفى غزة الأوروبي، كمال موسى، إن زيادة عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي يوميا، "تمثل عبئا كبيرا على إدارة المؤسسات الطبية، وهو ما يستوجب تشغيل مولدات الكهرباء لأكثر من 18 ساعة يوميا، بدلا من 10 ساعات قبل حدوث الأزمة الحالية، وهذا من شأنه أن يهدد بحدوث خلل في المولدات".
وأكد لـ"عربي21" أنه "يحتاج يوميا من ألفين إلى ألفين و500 لتر من الوقود؛ لتشغيل المولد، وتوفير الكهرباء بشكل مستمر، خوفا على حياة المرضى المقيمين داخل المستشفى"، منوها على أن "هناك 13 مستشفى منتشرة في مختلف محافظات قطاع غزة الخمس؛ لديها مولدات تحتاج إلى وقود".
ويعتمد قطاع غزة على ثلاثة موارد للكهرباء؛ هي محطة التوليد التي تقع وسط القطاع، والخطوط الواردة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، والخط الوارد من الجانب المصري، وجميعها لا تفي بحاجة القطاع المقدرة بنحو 400 ميغاواط.