تساءل محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "ديلي تلغراف" ريتشارد سبنسر، عن "الجيش العربي السوري"، وكتب تقريرا نشرته صحيفة "صندي تلغراف" تحت عنوان "أين هم السوريون في الجيش العربي السوري؟".
ويقول الكاتب: "يظهر شريط الفيديو الهجوم على مدينة تدمر، المدينة التاريخية التي استعادها نظام بشار
الأسد من تنظيم الدولة، ويظهر فيه رتل من الجنود وهم يتوجهون في وسط الصحراء، وفي الخلفية تعليق جندي قائلا: (رغم وقوع العديد من الضحايا، إلا أنهم يتقدمون للأمام)".
ويعلق سبنسر قائلا: "المثير في الأمر أنه لم يكن يتحدث باللغة العربية، ولكن حديثه كان باللغة الفارسية، والرجل نفسه كان أفغانيا، وهو جزء من 10 آلاف إلى 20 ألف مجند
أفغاني تم تجنيدهم في الحرب السورية"، مشيرا إلى أن استعادة مدينة تدمر قدمت للعالم على أنها انتصار لرئيس النظام السوري بشار الأسد والجيش العربي السوري.
ويشير التقرير إلى أنه مع هروب مقاتلي تنظيم الدولة ودخول
الجيش السوري إلى مدينة تدمر، سارع الجميع من النظام الروسي إلى السياسيين البريطانيين المحافظين إلى تهنئة الأسد على إعادة تدمر مرة أخرى إلى المدنية.
ويلاحظ الكاتب الدور الروسي في التحضير للهجوم على تدمر، فقد كان هذا التحالف المضاد لتنظيم الدولة، الذي وعد به الروس بداية تدخلهم العسكري العام الماضي، لكنه كان بطيئا في تحقيق المكاسب.
ويقول سبنسر إن تحليلا للصور والتقارير الإعلامية السورية والروسية والإيرانية يظهر أن العملية في تدمر قادتها الطائرات الروسية، وأن الجهد البري الأكبر بذله المقاتلون الأفغان، الذين جندتهم
إيران، وبمساعدة من المليشيات الشيعية العراقية، مشيرا إلى أن هؤلاء كلهم عملوا تحت إمرة الحرس الثوري الإيراني.
وتعلق الصحيفة أنه "في ظل الهزائم التي تكبدها تنظيم الدولة على يد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، والمكون من البيشمركة العراقية والمليشيات الشيعية والمسلحين الأزيديين وأبناء العشائر، فإن السؤال هو من سيحل محل تنظيم الدولة في حال هزيمته نهائيا؟".
ويجد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن الجواب غير واضح، مشيرا إلى أنه ليست لدى المحللين والدبلوماسيين رؤية واضحة في حال تحرير المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة.
وينقل الكاتب عن نوح بونسي من مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل، قوله: "الخطر هنا هو أن تتعجل الجهات الفاعلة المتعددة، خاصة الروس والأمريكيين، للإعلان عن نتائج تغض الطرف عن المكونات الرئيسة طويلة الأمد المتعلقة بالاستقرار".
وتكشف الصحيفة عن أن الصور القادمة من تدمر تظهر لأول مرة أن القوات الروسية الخاصة لم تشارك فقط في المعركة، لكن شاركت أيضا قوات مرتزقة متصلة بشكل مباشر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث تكشف صورة وضعها تنظيم الدولة على الإنترنت عن أنواع غير عادية من المتفجرات اليدوية، وحدد نوعيتها فريق من شركة أبحاث التسلح بأنها من نوع "أم آي بي"، وهي قنبلة يدوية روسية تستخدمها القوات الروسية الخاصة.
ويلفت التقرير إلى أنه منذ ذلك الوقت، ظهرت تقارير لم يتم نفيها في صحيفة "فونتانكا" الصادرة في سانت بطرسبرغ، حيث قالت إن شركة خاصة للمرتزقة الروس شاركت في الحرب السورية، وسقط بعض أفرادها في المعارك، وقيل إن بعض عناصرها شاركوا في معركة تدمر، مشيرا إلى أن الشركة تعرف باسم "واغنر" ومقرها في بلدة مولكينو، وهي المقر الرئيسي للكتيبة العاشرة من وحدة استخبارات القوات الخاصة، وخسرت الشركة عناصر لها في كل من أوكرانيا وسوريا، وقام الرئيس الروسي بوتين بتكريم أفرادها، رغم تحريم التعهدات الأمنية في
روسيا.
ويورد سبنسر إلى أنه يقال إن هناك فرقة من الشركة أفرادها من الصرب، ما يضيف جنسية جديدة للقوات التي تقاتل في
سوريا من أنحاء العالم، لافتا إلى أنه يطلق على قائد المجموعة، واسمه دافور سافيفتش، وهو صربي بوسني، اسم "إلفيس"، ويحتفل به كونه رجلا لديه سجل في القتل أثناء الحرب الأهلية في البوسنة قبل عقدين من الزمان.
وتذكر الصحيفة أن الطائرات الروسية قامت بقيادة الهجوم على تدمر، مستدركة بأن الدفع بالقوات جاء بعدما تدفق المقاتلون الإيرانيون، في محاولة أخيرة بعدما توقفت المعركة، حيث إن الجيش السوري استبدل وبشكل كبير من المليشيات الشيعية العراقية وحزب الله ومن الأفغان.
وينوه التقرير إلى أنه يقال إن عناصر قوات البحرية السورية، الذين نقلوا من اللاذقية إلى تدمر، تعرضوا لكارثة عندما تعرضوا لنيران روسية "صديقة"، وقتل منهم 17 فردا، وتمت إضافة عناصر من قوات الدفاع الشعبي التي دربتها إيران قبل وصول مقاتلي لواء الفاطميين، المكون من العناصر الأفغانية، وتم تجنيد عناصر اللواء من اللاجئين الأفغان الذين يعيشون في إيران.
ويفيد الكاتب بأنه في تقرير سيعرض نهاية هذا الأسبوع على "بي بي سي وورلد سيرفس"، تمت مقابلة مهاجرين أفغان إلى أوروبا، حيث تحدثوا كيف قدم لهم الخيار بين العودة إلى بلادهم أفغانستان، أو الانضمام للواء الفاطميين والقتال في سوريا، ولهذا قرروا الهروب واللجوء إلى أوروبا.
وبحسب الصحيفة، فإن هناك عددا من أشرطة الفيديو تظهر جنازات متعددة ومنتظمة لمقاتلين أفغان سقطوا في سوريا، وذلك في المناطق التي يعيش فيها الأفغان في إيران، مشيرة إلى أن هناك من يقدر عدد الأفغان الذين قتلوا بحوالي 260 شخصا، منهم قائد اللواء علي رضا تفاسولي.
ويبين التقرير أن استعادة تدمر تكشف اعتماد نظام الأسد على الإيرانيين بشكل كبير، خاصة في حالة قرر بوتين سحب قواته بالكامل من سوريا.
وينقل سبنسر عن أبي محمد الحلبي من جبهة الشرق، وهي تحالف من الفصائل غير الجهادية في حلب، قوله إن "إيران أرسلت مزيدا من القوات، ولا يقوم النظام بشن هجمات جدية دون دعم إيراني"، ويضيف: "إلى جانب الإيرانيين، هناك العراقيون والمقاتلون الأفغان وحزب الله اللبناني، ولكن ليس بأعداد كبيرة".
ويشير الكاتب إلى أن إيران قد أعلنت الأسبوع الماضي نشر قوات مارينز في سوريا، لافتا إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تنشر فيها قوات خارج إيران منذ الثورة الإسلامية، وتجد في هذا تصعيدا كبيرا ويطرح أسئلة فيما إذا كانت إيران تعمل بتنسيق مع بوتين من أجل تمكين الأسد من السيطرة على كامل سوريا، أو أنها تقوم بالرد على إعلانه المفاجئ وقف الغارات الجوية.
وتذكر الصحيفة أن بوتين أعلن عن استعداده لدعم الأسد حتى النهاية، ووضع ثقله وراء محادثات جنيف، مستدركة بأن جنرالاته لا يرغبون بالتورط في حرب طويلة في سوريا، ويسخرون ليس فقط من قدرات الجيش السوري، ولكن من حلفاء دمشق الإيرانيين.
وتختم "صندي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى قول الدبلوماسي الروسي السابق في إيران نيكولاي كوزانوف: "في الوقت الحالي هناك مصلحة لكل من الروس والإيرانيين بنجاة الأسد"، ويستدرك قائلا: "لكنهم سيركزون على أمور مختلفة عندما يتعلق الأمر بمستقبل سوريا على المدى البعيد، وهناك احتمالية لتصادم المصالح".