نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن مشاركة المملكة الأردنية في الحرب على
الإرهاب، من خلال ما أعلنه الملك عبد الله الثاني في كانون الثاني/ يناير الماضي، عن مشاركة الأردن في كل من سوريا وليبيا والصومال.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن قرار الأردن الانخراط في الجهود العالمية لمحاربة الإرهاب أصبح أمرا لا مناص منه بالنسبة إليه، منذ أن أقدم
تنظيم الدولة على إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقا.
وتنقل الصحيفة عن المختصة في شؤون الشرق الأوسط، إليزابيث مرتو، إن "الأردنيين يريدون أن يتصدّروا الصفوف الأمامية في الحرب ضد الجهاد العالمي، معتبرين أن بلدهم هو محور الإسلام السنّي المعتدل، الذي يمكن للغرب أن يعوّل عليه".
وأشارت الصحيفة إلى أن استثمار عمّان في المسألة السورية، ليس بالأمر الجديد، حيث جعل الأردن مكافحة تنظيم الدولة من أولوياته وعلى قائمة جدول أعماله، بالاشتراك مع الدعم الأمريكي وستة دول عربية وغربية أخرى، وبمشاركة الجبهة الجنوبية للمعارضة السورية.
وأفادت الصحيفة أن الأردن أبدى تخوفه من مخاطر تسلل الجهاديين عبر حدوده المشتركة مع سوريا والعراق، ومن احتمال تنشيط الخلايا المحلية النائمة داخل أراضيه، خاصة بعد أن اكتسحت الجماعات الإرهابية أكثر من ثلث سوريا والعراق منذ حزيران/ يونيو سنة 2014.
كما عبّر الأردن عن قلقه إزاء تقدم الجهاديين نحو السويداء ودرعا، المحاذيتين لحدوده، على الرغم من تشكيل المعارضة المعتدلة لخط دفاعي قوي في تلك المناطق.
ولفتت الصحيفة إلى أنه نتيجة لهذه المخاوف سارع ملك الأردن، باقتراح من واشنطن، إلى إنشاء كتيبتين في الجنوب السوري، يضطلع الأردن بمهمة تدريب الكتيبة الأولى المتمثلة في مقاتلين قبليين ومحليين، في حين تشرف واشنطن على الكتيبة الثانية.
ووفقا لمصدر مطلع، فإن المجموعة الأولى من جيش القبائل الحرة تقاتل في سهل اللجاة، وهي منطقة وعرة في شمال شرق درعا يتسلل عبرها الجهاديون. وأما الكتيبة الثانية فهي جيش سوريا الجديد، وهي مجموعة مكونة من ضباط سابقين في محافظة دير الزور، منشقين عن الجيش السوري، ويتمّ تكوينهم بمساعدة الأمريكيين. وقد حققت هذه المجموعة بدعم من قوات التحالف الجوي انتصارا ضد تنظيم الدولة في الشهر الماضي، وأزاحته من معبر "التنف"، على الحدود السورية العراقية.
وذكرت الصحيفة أن الخبراء يشككون في قدرة هذه التشكيلات على استرجاع الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم في كل من جنوب وشرق سوريا، خاصة بعد التدخل الروسي في سوريا.
ووفقا لإليزابيث مرتو، فإن "الأردن لم يتمكن من الدفاع عن المعارضة التي يدعمها بالقرب من درعا، نظرا لأنه لا يستطيع التصدي للغارات الجوية التي تشنّها روسيا".
وبيّنت الصحيفة أن الأردن نشر قواته الخاصة في إفريقيا، المكان الذي لا يمثل فيه كل من تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة، تهديدا مباشرا لعمّان. كما كشف العاهل الأردني أنه "سيتمّ تعزيز نفوذ الأردن في ليبيا خلال الأسابيع القادمة، وأن القوات الأردنية ستتعاون مع القوات الخاصة البريطانية لتحقيق هذه المآرب".
ووفقا لخبراء أمريكيين في مجال الاستخبارات منتمين لمركز "ستراتفور"، فإن "وحدات النخبة البريطانية انتشرت في ليبيا خلال شهر آذار/ مارس، برفقة ضباط الاستخبارات المكلفين بتنظيم دعم الأسلحة وتدريب كل من الجيش الليبي والمليشيات المناهضة لتنظيم الدولة".
وأوردت الصحيفة أن الملك الهاشمي صرح أن "لديه قوات على أهبة الاستعداد لشن هجوم ضد حركة الشباب الصومالي"، وهو ما علقت عليه مصادر مطلعة بأنه يهدف إلى "توفير دعم عربي إسلامي للقوات البريطانية، لسد النقص الذي تعانيه بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال".
وأشارت الصحيفة إلى أنه من الناحية العسكرية، تعدّ قوات النخبة الأردنية، الأفضل في العالم العربي، وأن هذا الالتزام سيؤدّي إلى تعزيز الشراكة التاريخية مع القوات البريطانية، التي عمل بها الملك لمدة سنة، بعد تخرجه من أكاديمية ساندهيرست العسكرية".
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن الملك عبد الله الثاني يريد الاستفادة من هذه التحركات في الشرق الأوسط وفي إفريقيا، ليعزز علاقاته مع رؤساء دول الخليج ومع الزعماء الغربيين.