كشفت مصادر لـ"
عربي21" عن معلومات مثيرة تتعلق بطريقة إنهاء الأزمة السياسية الخانقة التي وصلت إليها العملية السياسية في
العراق خلال الأيام الماضية، وذلك بعدما ضيق
البرلمان وزعيم التيار
الصدري مقتدى الصدر على رئيس الوزراء حيدر
العبادي، وحددا له مدة زمنية لتقديم حكومة التكنوقراط انتهت يوم الخميس الماضي.
وقدم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الخميس، إلى البرلمان قائمة المرشحين لتولي حقائب وزارية في حكومة التكنوقراط ، تضمنت 14 اسما من أصل 16 حقيبة وزارية، وقد يستثني التغيير وزارتي الداخلية والدفاع نظرا للظروف الأمنية التي تمر بها البلاد، حسبما أعلن العبادي.
وقالت مصادر نيابية في حديث مع "
عربي21" إن "رئيس الوزراء العبادي بات في وضع حرج للغاية بعدما دخل رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في اعتصام داخل المنطقة الخضراء، وحدد له مهلة وجيزة لتقديم وزراء (تكنوقراط) ومحاسبة الفاسدين ومعظمهم سياسيون قريبون من العبادي نفسه".
وأضافت المصادر رافضة الكشف عن هويتها، أن "الصدر رفض تمديد المهلة التي فرضها على العبادي وأصر على ضرورة أن يُقدم الأخير على خطوة للتغيير وإصلاح الحكومة في الوقت المحدد، حتى يتيح له ذلك الانسحاب من المنطقة الخضراء وإنهاء الاعتصام الذي يقيمه داخلها وأنصاره على أسوارها وسط العاصمة بغداد".
ودفع إصرار مقتدى الصدر هذا، العبادي إلى إعداد قائمة وهمية من 14 اسما وتقديمها إلى البرلمان على عجل ضمن المهلة الممنوحة له، وقد كانت الأسماء المقدمة مبهمة وفي ظرف مغلق ولم يقرأها العبادي نفسه، وقال للبرلمان إن "فيها 14 اسما وأمامكم عشرة أيام لمناقشتها"، بحسب المصادر.
وبحسب المصادر، فإن "العشرة أيام التي منحها العبادي هي في واقع الحال وقت منح للزعيم الشيعي مقتدى الصدر حتى يتيح له المجال أن يخرج بموقف يحفظ فيه كرامته أمام أنصاره المعتصمين، والانسحاب من المنطقة الخضراء التي كان الصدر نفسه يبحث عن مخرج لإنهاء اعتصامه أمامها بعدما أقامه، لحماية المنطقة الخضراء من أي خطوة طائشة يقوم بها أنصاره لاقتحامها"، على حد تعبيره.
وفي غضون ذلك، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أنصاره إلى إنهاء اعتصامهم أمام المنطقة الخضراء وسط بغداد والانسحاب، وذلك خلال كلمة ألقاها بعد عرض العبادي تشكيلة الحكومة الجديدة، ووصف تحرك العبادي بـ"الخطوة الشجاعة".
وحث الزعيم الشيعي، البرلمان على المصادقة على التشكيلة الحكومية الجديدة، وهدد باتخاذ عدة خطوات إذا لم يصادق النواب عليها.
وتابعت المصادر في حديثها لـ"
عربي21"، بأن "المدة التي حددها العبادي للبرلمان، جاءت بمثابة ضوء أخضر للكتل السياسية، للاتفاق على شخصيات تمثلها في تشكيلة الحكومة الجديدة بدلا من التي قدمها أمام البرلمان، لأنه على علم تام بأن تشكيل حكومة تكنوقراط جديدة وإقالة السابقة يوجب إقالة العبادي نفسه طبقا للنصوص الدستورية".
وأكدت المصادر، أن "تشكيلة العبادي الجديدة أصبحت في مهب الريح، وأن الكتل السياسية اليوم في حراك مستمر لاختيار شخصيات جديدة تمثلها لشغل حقائب وزارية محددة، وأن عددا من الوزراء سيبقون في وزاراتهم".
وكان رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم، قال في تصريح له السبت: "تفاجأنا بالتغيير الوزاري كما تفاجأ مجلس النواب العراقي"، مبينا أن "طريقة إعلان تغيير الكابينة الوزارية لم تكن موفقة ولدينا ملاحظات عليها".
ودعا الحكيم إلى العمل على إنقاذ الحكومة من خلال خطوات إصلاحية محسوبة"، لافتا إلى أنه "في حال فشل رئيس الوزراء حيدر العبادي بالإصلاحات، فإن القوى السياسية ستبحث عن بديل". وقال: "سنتشاور مع جميع القوى السياسية لإعادة العقلانية والتوازن إلى العملية السياسية".