تسود بالجزائر حالة مقلقة من الترقب، في ظل "فوضى سياسية"، ناجمة عن عدم اتضاح الرؤية حول مستقبل البلاد، سياسيا واقتصاديا وحتى اجتماعيا، بوقت اتسعت فيه الهوة بشكل خطير بين السلطة والمعارضة.
وتشهد
الجزائر العاصمة، الأربعاء، مواجهة بين السلطة وأحزابها، وبين
المعارضة والفصائل المنضوية تحت لوائها. أما السلطة، فسيعقد حزبها الحاكم، جبهة التحرير الوطني، مؤتمرا موسعا لعرض ندوة "الجدار الوطني" بالقاعة البيضاوية الشهيرة بالعاصمة. وفي المقابل، تعقد المعارضة، بكل أطيافها، مؤتمرها الخاص بالانتقال الديمقراطي بضاحية زرالدة غرب العاصمة.
ومنذ ما قبل انتخابات الرئاسة التي تمت بالجزائر في شهر نيسان/ أبريل، العام 2014، فإنها لم تلتق السلطة مع المعارضة على طاولة واحدة، وطعنت أحزاب المعارضة بنتائج الانتخابات التي أبقت على بوتفليقة رئيسا للبلاد لولاية رابعة.
لكن المطالبات التي رفعتها "تنسيقية الانتقال الديمقراطي"، رأس المعارضة بالجزائر، بتنظيم انتخابات رئاسة مبكرة وتطبيق البند 88 من الدستور الذي يتحدث عن شغور السلطة، بسبب مرض الرئيس بوتفليقة، فيبدو أنها تراجعت عنها، أمام قدرة السلطة على فرض منطقها والشعور بقوة الرئيس على خلفية حملة الإصلاحات التي قام بها على مستوى الجيش والمخابرات وإحالته رئيس دائرة الاستعلام والأمن الجنرال محمد مدين، على التقاعد بعد مكوثه ربع قرن بمنصبه.
ورغم ذلك، فإن تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي تمضي بتنظيم مؤتمرها الثاني، الأربعاء، في محاولة للضغط على السلطة وافتكاك تنازلات منها، بالجلوس على طاولة المفاوضات، لكن السلطة لا ترى أن هناك أزمة سياسية بالبلاد، حتى تتفاوض مع خصومها.
وحسب وثيقة المؤتمر الثاني للمعارضة، التي حصلت "
عربي21" على نسخة منها، الثلاثاء، فإن "السلطة الفعلية مسؤولة أمام الأجيال القادمة، وتقديم مقاربة واضحة لحل الأزمة السياسية المعقدة، مرفوقة بمشروع بعنوان "جزائر الغد" الذي سيكون أرضية لنقاش وطني حول صياغة رؤية تنموية شاملة".
وسيحضر المؤتمر الثاني للمعارضة، "أكثر من 20 حزبا سياسيا معتمدا و12 حزبا قيد التأسيس، إضافة إلى ستة رؤساء حكومات سابقين وثمانية وزراء و26 إعلاميا، فيما خصّصت 16 دعوة للعلماء والأكاديميين و23 ناشطا سياسيا حرا، وما يفوق الـ20 نقابيا وناشطا جمعويا، زيادة على 10 ضباط سامين سابقين بالجيش، وعلى الأقل عشرة من الحقوقيين".
مقابل ذلك، تلتقي أحزاب الموالاة وجمعيات ومنظمات جماهيرية بالعاصمة في اليوم نفسه، بمؤتمر أطلق عليه "الوحدة والانسجام"، بمسعى لخطف الأضواء من مؤتمر المعارضة وتقزيمه إعلاميا.
وقال أنور ماحي، الإعلامي المختص بالشأن السياسي بالجزائر، في تصريح لصحيفة "
عربي21" الثلاثاء، إن "تزامن التجمعين، جاء بعد قرار الحزب الحاكم عقد مؤتمره، في محاولة منه لسحب الترويج الإعلامي من مؤتمر المعارضة ولو جزئيا".
وأفاد ماحي أن "الحزب الحاكم شعر بالذنب لأنه وفر مساحات لعب واسعة للمعارضة، في ما سبق، بسبب اهتمامه بالوضع الصحي للرئيس بوتفليقة، واليوم يريد سحب البساط من تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي والحد من امتدادها".
ويرى ماحي أن "السلطة ولسان حالها، الحزب الحاكم، جبهة التحرير الوطني، وكأنها أعادت ترتيب أوراقها في مواجهة المعارضة".
ويرى أن "الوضع الأمني المتدهور على الحدود ومخاطر داعش، أكسب السلطة وأحزابها ثقة، في أن المعارضة لا يمكنها أن تجند الشارع ضدها".