قال محللون وخبراء اقتصاديون إن تداعيات قرار البنك المركزي برفع أسعار الفائدة، من المؤكد أنه سيزيد الأزمات الاقتصادية التي يواجهها
المصريون خلال الفترة المقبلة.
وأوضحوا أن هذا القرار جاء في إطار الحرب الطاحنة بين "المركزي المصري" من جهة، وبين تجار السوق السوداء وكبار تجار العملة والدولار من جهة أخرى، لكنه بالتأكيد سيخلف أكثر من 10 أخطاء قاتلة، تبدأ بالركود وتراجع حركة البيع والشراء، وتنتهي بزيادة عجز الموازنة العامة للدولة.
وقبل أيام قرر
البنك المركزي المصري رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بواقع 150 نقطة أساس، ليصل إلى مستوى 10.75 بالمئة، و11.75 بالمئة على التوالي.
وأوضح عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأوراق المالية، محمد راضي، أن هذا القرار يأتي في إطار تحرك مفاجئ وغريب ليصل سعر عائد الإقراض إلى أعلى مستوى منذ أيار/ مايو 2009، حيث إنه جاء بعد أيام من قرار البنك المركزي بتعديل سياسته النقدية بإلغاء القيود على تداول الدولار الأمريكي في السوق المحلي وتخفيض قيمة
الجنيه المصري.
وأشار في حديثه لـ"
عربي21"، إلى أن هذه القرارات سوف تخلف أخطاء كارثية على المواطن المصري وعلى الميزانية العامة للدولة، خاصة أن ذلك يعني اتجاه الحكومة المصرية إلى سياسة انكماشية واضحة في ظل اقتصاد يعاني من ركود تضخمي، هذا إلى جانب أن القرار سوف يرفع تكلفة الدين العام ويزيد أيضا عجز الموازنة.
هذا إلى جانب ارتفاع تكلفة الإنتاج، وفي نفس الوقت ارتفاع الأسعار على المستهلك النهائي، والكارثة الأهم من كل ذلك هو أن هذا القرار يؤدي إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية والمحلية نظرا لارتفاع تكلفة الاستثمار، هذا إلى جانب قيام البنوك بسحب السيولة من الأسواق والبورصة المصرية والاستثمارات الأخرى دون استثمارها، وأيضا التأثير السلبي على أداء البورصة المصرية، مع إحجام البنوك عن تمويل المشروعات الاستثمارية والتوجه لإقراض الحكومة لتتفاقم معدلات الدين المحلي، وأخيرا تراجع معدلات النمو وزيادة معدلات البطالة.
وأوضح أن رفع أسعار الفائدة بهذة النسبة الكبيرة سوف يدفع الاقتصاد المصري لحالة من الركود التضخمي بسياسة انكماشية واضحة من البنك المركزي، في الوقت الذي تنتهج فيه الحكومة سياسة توسعية تقوم على أساس زيادة الانفاق الاستثمارى وجذب الاستثمارات لرفع معدلات النمو الاقتصادي، لنجد حالة تضاد واضحة بين الحكومة والبنك المركزي لعدم الاتساق بين قرارات السياسة النقدية والسياسة المالية بما لا يصب في صالح الاقتصاد والمواطن المصري.
وستنعكس الآثار السلبية لرفع أسعار الفائدة على زيادة تكلفة الدين في الموازنة العامة للدولة والتي تمثل بالفعل أكثر من ثلث الموازنة المصرية، متوقعا ارتفاع عجز الموازنة بنسب تتراوح بين 0.1% و0.2% من الناتج المحلي الإجمالي على الأقل، بل ومن المتوقع أن ترتفع أكثر من ذلك حيث إنه بالفعل كان العائد على السندات التي طرحتها الحكومة الأسبوع الماضي قد تخطى نسبة 15% للمرة الأولى منذ فترة طويلة.
وتستمر الحكومة في عدم البحث عن حلول جذرية لعجز الموازنة، والاقتراض من البنوك لتمويل عجز الموازنة ودفع مستويات الدين المحلي إلى مستويات قياسية وحادة تتخطى بالفعل الآن المستويات الآمنه.
وستنعكس الآثار السلبية لرفع أسعار الفائدة على زيادة تكلفة الإنتاج ما سيدفع الشركات إلى رفع أسعار البيع للمتنج النهائي بنسبة لا تقل عن 15% على المستهلكين خلال الفترة المقبلة، ما يجعل المستهلك هو المتحمل الرئيس لها، وبالتالي ارتفاع نسبة الركود في الأسواق نتيجة تدني المستوى الاجتماعي والاقتصادي.
وفي نفس الوقت سيؤدي رفع أسعار الفائدة إلى تراجع حجم الاستثمارات المباشرة سواء الأجنبية أم المحلية نتيجة لارتفاع تكلفة الاستثمار نظرا لارتفاع تكلفة التمويل من البنوك، هذا بجانب أثر رفع أسعار الفادة على سحب السيولة من السوق ومن قطاعات الاستثمارات الأخرى والبورصة المصرية وتحويلها للبنوك دون استثمارها لأن تكلفة استثمار هذة الأموال سيكون مرتفعا جدا على المستثمرين ما سيدفع البنوك إلى الإحجام عن تمويل المشروعات والاتجاه إلى الاستثمار في إقراض الحكومة، وهو ما سيدفعها إلى الاستمرار في الاعتماد على تمويل عجز الموازنة المتفاقم من خلال البنوك ما سيؤدي إلى تفاقم الدين المحلي وتكلفة الدين لمستويات غير مسبوقة، ومع ارتفاع تكلفة الاستثمار وارتفاع تكلفة الإنتاج وزيادة أسعار السلع في ظل انخفاض القدرة الشرائية سيؤدي لمزيد من الركود في النشاط الاقتصادي مهددا بتراجع معدلات النمو وزيادة معدلات البطالة.