تحولت القارة الإفريقية خلال السنوات الأخيرة إلى الوجهة الأولى للمهاجرين اللبنانيين، خصوصا من الطائفة الشيعية، رافق ذلك توسع وُصف بأنه "غير مسبوق" للأنشطة التجارية لعدد من كبار رجال الأعمال التابعين لحزب الله، وتزايد للتمثيل الدبلوماسي لإيران بالقارة.
وتشير الإحصاءات إلى أن عدد أفراد الجالية اللبنانية بساحل العاج مثلا تجاوز 90 ألفا، فيما يصل عدد اللبنانيين المقيمين بالسنغال إلى أكثر من 30 ألفا، وتتواجد جاليات مماثلة في غامبيا ونيجيريا، بل وفي معظم دول القارة السمراء.
وبحسب تقارير نشرت مؤخرا، فإن الجالية اللبنانية الشيعية، باتت تسيطر على النشاط التجاري بساحل العاج والسنغال، فيما يدير رجال أعمال مقربين من
حزب الله أضخم الشركات التجارية وشركات الاستيراد بساحل العاج، التي تحولت لملاذ آمن للأنشطة التجارية لحزب الله.
وبحسب دراسات حديثة، فإن عددا من رجال الأعمال الشيعة المتعاطفين أو المنتمين لحزب الله اللبناني، باتوا يسيطرون على حوالي 60 في المئة من النشاط التجاري في
ساحل العاج، ويملكون شركات توريد، كما تنتشر المحلات التجارية المملوكة للبنانيين شيعة في جميع ربوع البلاد.
كما تشير المعطيات شبه الرسمية التي نشرها مؤخرا مركز الجزيرة للدراسات، إلى امتلاك الجالية اللبنانية الشيعية حوالي 80 في المئة من شركات جمع وتصدير القهوة والكاكاو في ساحل العاج، كما قدّرت بعض الدراسات نسبة حضورهم بحوالي 80 في المئة في
تجارة الماس في سيراليون.
ويرى الباحث الموريتاني الهيبة ولد الشيخ سيداتي، الذي سبق أن أعد دراسات حول التوسع
الإيراني بإفريقيا، أن الجالية الشيعية بإفريقيا استطاعت بقوة نفوذها المالي والتجاري؛ أن تكون فاعلا أساسيا في توجيه السياسات الخارجية بعدد من الدول الإفريقية، مضيفا أن الجالية الشيعية تعد الممول الرئيسي للحملات الانتخابية بساحل العاج.
وقال ولد الشيخ سيداتي لـ"
عربي21"؛ إن الجالية الشيعية اللبنانية تعد الداعم الأول ماليا وسياسيا لرئيس ساحل العاج الحالي الحسن وتارا، فيما يلعب الأخير دورا مهما في حماية أموال رجال الأعمال الشيعة التي تعد مصدرا رئيسيا للخزينة المالية لحزب الله.
ويرى ولد الشيخ سيداتي أن النشاط التجاري المتصاعد لحزب الله بساحل العاج ودول إفريقية أخرى، يعد جزءا مما سماه "التمدد الناعم" لإيران في إفريقيا.
وأضاف أن حزب الله وإيران يركزان حاليا في أنشطتهم التجارية على دولة ساحل العاج، باعتبار أنها تملك ثاني أكبر ميناء بإفريقيا بعد جنوب إفريقيا، وتعد أكبر مصدر للكاوكاو.
وتحدث ولد الشيخ سيداتي عن دور مزدوج لرجال الأعمال الشيعة في
أفريقيا، لتخفيف التوتر في العلاقة بين إيران وفرنسا المستعمر السابق لأغلب دول القارة السمراء، ضمن ما سماه "تداخل المصالح".
من جهته، يقول الكنتي سيدي محمد، الذي مارس مهنة التجارة لأكثر من ست سنوات في ساحل العاج، إن الجالية الشيعية هناك أصبحت تسيطر على مفاصل اقتصاد ساحل العاج بشكل واضح.
وقال سيدي محمد لـ"
عربي21"؛ إن المواطن العادي يكتشف دون عناء الخلفية الإيديولوجية لملاك الشركات الكبرى بساحل العاج من اللبنانيين، مضيفا أن صور الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، معلقة على الجدران الداخلية لأغلب الشركات الكبرى، وحتى داخل شركات صرف الأموال والمحلات التجارية العامة.