بعد توصية البرلمان الأوروبي بمراجعة مساعدات الاتحاد الأوروبي لمصر، وإدانته لمقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، ولحالات الاختفاء القسري وأحكام الإعدام الجماعي، يظل التساؤل هل تتأثر العلاقات
الاقتصادية الأوروبية
المصرية؟
خاصة وأن الاتحاد الأوروبي يعد الشريك التجاري الأول لمصر، وكذلك الشريك الاستثماري الأول، والشريك السياحي الأول.
فلقد ساهم القرب الجغرافي والعلاقات التاريخية في زيادة معدلات التبادل التجاري، وحسب بيانات البنك المركزي المصري للعام المالي 2014/2015، فقد استحوذ الاتحاد الأوروبي على نسبة 30 % من إجمالي التجارة المصرية، وذلك بخلاف نسبة 7 % من التجارة المصرية مع دول أوروبية أخرى.
وضمن الدول العشر الأوائل للتجارة مع مصر، كانت إيطاليا بنسبة 3ر5 % من الإجمالي، وألمانيا بنصيب 7ر4 %، وكل من إنجلترا وفرنسا بنسبة 4 %، وهكذا كانت الصدارة للاتحاد الأوروبي في توجه الصادرات المصرية بنصيب 34 % بخلاف 6 % لدول أوروبية أخرى، كما تصدر الاتحاد الأوروبي أيضا بالواردات المصرية بنسبة 29 % بخلاف 7 % من دول أوروبية أخرى.
أما حسب بيانات الاتحاد الأوروبى لعام 2014، فقد بلغت قيمة التجارة مع مصر 34 مليار دولار، حقق خلالها الاتحاد فائضا تجاريا بلغ 11 مليار دولار.
وفي ضوء المشاكل الاقتصادية التي تواجهها دول الاتحاد وضعف معدلات النمو وارتفاع نسب البطالة، ووجود عجز تجاري لدى 16 دولة من بين دول الاتحاد الثمانية والعشرين بالعام الماضي، لا يتوقع تأثر التجارة بتوصية البرلمان الأوروبي، خاصة مع توجه مصر لتقليل
الواردات لمواجهة نقص العملات الأجنبية.
وهو أمر ليس بجديد على الاتحاد الأوروبي الذي دائما ما كان يشيد بنزاهة الانتخابات التي تمت بعهد مبارك، حرصا على مصالحه، وهو ما كرره مع الجنرال الحاكم لمصر حاليا، كما لم يكترث بالمجازر التي ارتكبها النظام المصري تجاه المتظاهرين السلميين مرات عديدة، خاصة في ضوء عقد مصر صفقات استيراد أسلحة من أكثر من بلد أوروبي، منها فرنسا وألمانيا وإنجلترا وإيطاليا وإسبانيا بمبالغ ضخمة.
وفي الاستثمار الأجنبي المباشر، استحوذ الاتحاد الأوروبي، على النصيب الأكبر من الاستثمارات الواردة لمصر خلال العام المالي الأخير 2014/2015 بنسبة 53 %، كما بلغ متوسطها 63 % بالسنوات المالية الخمس الأخيرة.
وتستحوذ إنجلترا على النصيب الأكبر من تلك الاستثمارات، يليها بقيمة أقل بلجيكا وفرنسا وألمانيا وهولندا ولكسمبورج، ونظرا لكون غالب تلك الاستثمارات بترولية واستحواذات، فلا يتوقع تأثرها في ظل النقص البترولي الحاد بغالب دول الاتحاد.
وفي السياحة المصرية عام 2014، كان نصيب
أوروبا نسبة 77% من إجمالي عدد السياح الواصلين لمصر، كما بلغ نصيبها 76 % من إجمالي عدد الليالي السياحية التي قضاها السياح بمصر، واستحوذت خمس دول من دول الاتحاد هي: إنجلترا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وفرنسا على نسبة 38 % من عدد السياح الواصلين لمصر.
ولم تؤثر المجازر التي ارتكبها النظام الحاكم في مصر منذ يوليو 2013، فاستمر تدفق السياح الأوروبيين، ولم ينقطع وصولهم سوى بعد حادث الطائرة الروسية آخر أكتوبر الماضي لأسباب تتعلق بسلامة السياح، فإذا اطمأنوا لسلامتهم فسيعودون لمصر لأسباب تتعلق بالقرب المكاني والطقس المعتدل والأسعار الرخيصة.
أما معونات دول الاتحاد الأوروبي فقد ظلت ضئيلة، حسب البنك المركزي المصري، حيث بلغت أقل من 24 مليون دولار قبل سبع سنوات، بنسبة 4 %، وقبل ست سنوات ارتفع الرقم إلى 40 مليون دولار بنسبة 4 % من الإجمالي.
ثم انخفض بالعام التالي إلى 23 مليون دولار بنسبة 3 %، وهكذا بلغ الرقم 26 مليون دولار قبل أربع سنوات، وكان أعلى رقم بالعام الذي تولاه الرئيس مرسي بنحو 62 مليون دولار، ثم عادت المعونات للانخفاض إلى 27 مليون دولار قبل عامين، كما بلغت 26 مليون خلال الشهور التسعة الأولى من العام المالي الأخير.
ولأن تلك المعونات تقوم بالتخديم على الواردات السلعية من الاتحاد لمصر فلا ينتظر انقطاعها.
وهناك قروض لمصر من قبل مؤسسات التمويل الأوروبية لمصر بلغت بالعام الماضي 3ر2 مليار دولار، وهذا أيضا قد يتأثر لعوامل تتعلق بقدرة الحكومة على السداد في ضوء نقص العملات الأجنبية.
ويظل السؤال هل يعني ذلك عدم تأثر العلاقات الاقتصادية بموقف البرلمان الأوروبي الأخير، وهنا نفصل بين موقف الحكومات الذي تحركه المصالح لبلد يتعدى سكانه التسعين مليون فرد، بما يجعله سوقا جيدة لصادراتهم، أما موقف الأفراد فيمكن أن يتأثر من جانب البعض فيما يخص السياحة في مصر، وعدم تفضيل شراء
المنتجات المصرية خلال تسوقهم.