أظن أن لبنان أكثر الدول استفادة من المعونات والدعم السعودي، الدعم السياسي والأمني والمالي. كانت هذه الدولة في مقدمة اهتمامات المملكة لسنين طويلة، لكن المملكة لم تفرض أجندة معينة أو تعاملا سياسيا مع هذا البلد.
حتى ولبنان يعيش أسوأ فترات تاريخه، عندما أتت الحرب على الأخضر واليابس، وكادت الدولة أن تضمحل بسبب محاولات إنهاء وجودها السياسي من قبل أقرب أقربائها، قدمت السعودية الملاذ الآمن لمختلف الطوائف اللبنانية، ورعت مصالحة تاريخية لا يزال اللبنانيون متمسكين بها؛ لأنها لم تكن لتبتز بهذا أحدا.
هدفت المملكة من جهدها إلى المحافظة على الدولة اللبنانية ساعدت الشعب اللبناني دون أهداف أو شروط، وعلى مدار السنوات التالية، قدمت المملكة كل أنواع الدعم لإعمار هذه الدولة التي جنى عليها سياسيوها، باستغلال المذهبية والطائفية كوسيلة لإخافة الشعب من أبناء جلدته.
كتبت كثيرا في الدعوة للابتعاد عن المستنقع اللبناني وتكاليفه التي لا طائل من وراء التورط فيها سوى المزيد من الفرقة والتناحر والكراهية والتقاطع بين الكل. دعوت للبعد وترك الشعب ليواجه ممثليه، ويفهمهم ما يريد، بعد أن ينكشفوا أمامه على حقيقتهم، وجاء اليوم الذي تتحقق فيه دعوتي لترك لبنان ليعيش الواقع الذي تحاول المملكة أن تجعله ورديا، من خلال الإبقاء على مؤسسات الدولة التي ينتهك كينونتها الكل.
كانت سوريا تدير الخراب، وتسهم في الفساد، وتدفع بلبنان نحو مزيد من التناحر، ثم دخلت إيران بأسلوبها البشع الدموي الذي يبنى على إيجاد العداء والكراهية بين الناس، بناء على مذهبهم، ووجدت في "حسن" أفضل مروج للكراهية، وداعية للقتل وإلغاء الدولة، الرجل الذي رفض أن يكون للبنان رئيس؛ لأنه يرى أنه هو المُنَصَّب بحكم الدبابة والبندقية.
رغم كل ما فعلته السعودية، استمرت بعض مكونات لبنان -وما زالت- تعض اليد التي امتدت لها بالأمن والأموال. لبنان الذي رفض وزير خارجيته أن يدين الاعتداء على الممثليات السعودية، واستمرت إذاعته الرسمية في سب السعودية، لم يعد من ورائه أمل يرجى، فإلى النهاية هو يسير، ولم يعد هناك من يستطيع إنقاذه من التحول إلى عراق أو سورية أخرى. المأمول أن نشاهد المزيد من التأديب للمارقين من خلال إجراءات سياسية واقتصادية إضافية.
عن صحيفة الاقتصادية السعودية