كشف محافظ
الأنبار صهيب الراوي، الأحد، عن قرب اقتحام مدينة الفلوجة التي يسيطر عليها
تنظيم الدولة، لافتا إلى أن حياة المدنيين تؤخر استعادة المدن. وفيما أشار إلى أن العمليات العسكرية في المحافظة تسير بوتيرة متسارعة؛ فقد أكد أن أكثر من تسعة آلاف متطوع من أبناء عشائر الأنبار يشاركون في المعارك.
وقال الراوي في حوار خاص مع "
عربي21" إن "الملفين الأمني والإنساني هما سيدا الموقف في المحافظة، ونعمل عليهما بصورة متوازية؛ فمن جهة نحن ننسق مع الحكومة المركزية والقوات الأمنية للمضي في تحرير جميع مدن المحافظة، ومن جهة أخرى نحن نوفر ممرات وملاذات آمنة لتحرير المدنيين الذين تتخذهم عصابات تنظيم الدولة الإرهابية دروعا بشرية".
وأكد المحافظ أن "قيادة العمليات المشتركة (جهة تديرها وزارتا الدفاع والداخلية
العراقية) تشرف على جميع العمليات وتوزع الأدوار بحسب الموقف العسكري"، لافتا إلى أن "دور القوات الأمريكية والتحالف الدولي، يقتصر على الاستشارة والتدريب والتسليح الخفيف والمتوسط للشرطة المحلية ومقاتلي العشائر، إضافة للطلعات الجوية المؤثرة".
وعن دور الحشد الشعبي "الشيعي" في المحافظة، قال الراوي لـ"
عربي21" إن "مؤسسة الحشد الشعبي واحدة لا يجزّئها المذهب، وهي هيئة مستقلة مرتبطة برئاسة الوزراء، ومقاتلو الحشد العشائري في الأنبار هم أحد الأفرع التابعة لها، ومشاركة مقاتلي عشائر الأنبار نوعية، وهي الأعلى عددا والأكثر تأثيرا".
وبشأن إمكانية أن يكون حصار الفلوجة ناجما عن تاريخها المقاوم لأمريكا، قال محافظ الأنبار: "ليس لذلك ارتباط، ولكن الملف الإنساني والحرص على سلامة المدنيين، هو ما جعل العمليات العسكرية تسير ببطء وحذر دون توقفها".
وفي ما يأتي النص الكامل للحوار:
* بداية.. كيف تقيمون وضع الأنبار في هذه المرحلة من الزمن؟
- الملفان الأمني والإنساني هما سيدا الموقف بكل تأكيد، ونعمل عليهما بصورة متوازية، فمن جهة نحن ننسق مع الحكومة المركزية والقوات الأمنية للمضي في تحرير جميع المحافظة، ومن جهة أخرى نحن نمضي قدما نحو تحرير المدنيين الذين تتخذهم عصابات تنظيم الدولة الإرهابية دروعا بشرية، من خلال توفير ممرات وملاذات آمنة.
أما ضمن الملف الإنساني، فنحن نغيث
النازحين داخل الأنبار وخارجها، ونتابع حالتهم الصحية وعلاج الحالات المستعصية منها.
وحاليّا، تقوم فرق المقر المسيطر بجميع تشكيلاتها، برفع المخلفات الحربية ورفع الأنقاض من أي منطقة يتم تحريرها، بالتنسيق مع الحكومة المركزية، والمنظمات الدولية وعلى رأسها الـ"UNDP"، لتنظيم عودة عاجلة وآمنة لعموم النازحين.
* كيف تسير العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة؟ وما هي نسبة المدن المحررة من المحافظة؟ وما هي أهم المدن التي بقيت تحت سيطرة التنظيم؟
- العمليات تسير بوتيرة متسارعة، بالتوازي مع حجم الانتصارات، التي تحققها قواتنا الأمنية جميعا، والمبادرة اليوم بيد قواتنا الأمنية.
أما أبرز المدن التي سيبصر أهلها أفواج المحررين قريبا إن شاء الله، فهي الفلوجة ومدن المنطقة الغربية.
* من يدير المعارك على أرض الواقع؟ الأمريكيون أم الحكومة المحلية والمركزية في بغداد؟
- قيادة العمليات المشتركة تشرف على جميع العمليات، وتوزع الأدوار بحسب الموقف العسكري، ودور الحكومة المحلية هو دور فعال من خلال التنسيق مع الحكومة المركزية والقوات الأمنية، إضافة إلى الجهود الكبيرة والنوعية لشرطة الأنبار المحلية، ومقاتلي العشائر الذين قامت المحافظة بإكمال تطويعهم وتسليحهم وتدريبهم بالتنسيق مع الحكومة المركزية.
أما دور القوات الأمريكية والتحالف الدولي، فيقتصر على الاستشارة والتدريب والتسليح الخفيف والمتوسط للشرطة المحلية ومقاتلي العشائر، إضافة إلى الطلعات الجوية التي كان لها دور مؤثر وكبير في تقطيع أوصال الإرهاب والحد من حركته.
* ما هو دور الحشد الشعبي الشيعي في المحافظة مقارنة بغيرهم من المقاتلين من أبناء المحافظة؟ ومن الذي يمسك مدن المحافظة بعد استعادتها من تنظيم الدولة؟
- مؤسسة الحشد الشعبي واحدة لا يجزّئها المذهب، وهي هيئة مستقلة مرتبطة برئاسة الوزراء، ومقاتلو الحشد العشائري في الأنبار أحد الأفرع التابعة لها، ومشاركتهم نوعية، وهي الأعلى عددا والأكثر تأثيرا .
* بعد زيارة رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري إلى واشنطن في العام الماضي بدأتم بتشكيل الحشد السني أو "العشائري".. ما علاقة هذه الزيارة بتكوين الحشد بالأنبار؟
- ليست هناك علاقة لذلك بتشكيل حشد عشائر الأنبار، وجهود السيد رئيس مجلس النواب كبيرة ومؤثرة، إذ إنه راعٍ أول لجميع الملفات التي تعمل عليها الحكومة المحلية.
تشكيل أفواج العشائر المقاتلة تم بمبادرة من الحكومة المحلية، وإسناد ودعم مباشر من قبل دولة رئيس الوزراء، علما بأن دور التحالف الدولي نوعي ومؤثر في ذلك.
* كم يبلغ تعداد "الحشد الأنباري" اليوم وما هي المهام الموكلة له؟
- أكملنا لغاية اليوم تطويع وتدريب وتسليح أكثر من تسعة آلاف مقاتل، وهم اليوم يشاركون في القتال والسيطرة على الأرض، تحت قيادة العمليات المشتركة.
* لماذا تؤجل عمليات اقتحام الفلوجة رغم أنها قريبة جدا من بغداد وتشكل خطرا عليها؟
- الملف الإنساني يشكل أولوية لدينا، عكس ما هو عند العصابات الإرهابية، لذا فقد تم تطويق المدينة، وتحريرها على الأبواب إن شاء الله.
إن تأخير تحرير المدينة ليس خيارا، ولكن حياة المواطن هي أغلى ما نملك ونقاتل لأجله، لذا فإننا نسعى جاهدين لتوفير الممرات الآمنة للمدنيين، لتمضي بعدها العمليات العسكرية في وتيرة واحدة.
* طالبتم في وقت سابق التحالف الدولي بإلقاء مساعدات لأهالي الفلوجة المحاصرين.. أين وصل الأمر؟
- سنقطف ثمار ذلك قريبا، وما يهمنا هو وصولها لأهلها دون الإرهابيين.
* هل يمكن أن يلقي تاريخ المدينة في مقاومة الاحتلال الأمريكي بظلاله على ما تتعرض له المدينة من حصار؟
- ليس لذلك ارتباط، ولكن الملف الإنساني والحرص على سلامة المدنيين، هو ما جعل العمليات العسكرية تسير ببطء وحذر دون توقفها.
* يقال إن محافظة الأنبار ستكون نقطة الارتكاز لعراق ما بعد تنظيم الدولة.. ما صحة هذا الأمر؟
- لا نستبعد ذلك، قبل تنظيم الدولة وبعده ومستقبلا، لما تمتلكه المحافظة من مؤهلات المساحة والإمكانات والثروات.
* مروجو وجهة النظر هذه يستدلون عليها بأن الأمريكان منعوا "الحشد الشعبي" من القتال في الأنبار وأعطوا الفرصة لتشكيل حشد سني لضمان استقرار المحافظة بعد التحرير.. ما رأيكم بذلك؟
- المعلومة غير صحيحة، ومقاتلو العشائر هم أحد تشكيلات هيئة الحشد الشعبي، المرتبطة برئاسة الوزراء، وقرار تحريك القوات تقدما وتأخير أخرى هو بتوجيه من القوات المشتركة العراقية.
* هل أنتم مع مشروع تحويل محافظة الأنبار بعد استعادتها من تنظيم الدولة إلى إقليم يدير شؤونه بنفسه؟
- أصدر دولة رئيس الوزراء الأمر الديواني رقم (1) لعام 2016 والذي يخول المحافظ بتشكيل المقر المسيطر المرتبط بـ15 وزارة مرتبطة به، وبعضوية وكيل وزير أو مدير عام عن هذه الوزارات، وهو استخدام واسع للصلاحيات.
أما مسالة نقل الصلاحيات فهو أمر أقره الدستور، ونسعى لاستكمال تنفيذ هذا القرار بعد إنهاء عمليات التحرير وعودة النازحين.
* نأتي إلى ملف إعمار المدينة.. ما نسبة الدمار الذي لحق بالمناطق المحررة من المحافظة؟
- الدمار كبير، والنسب تتغير بسبب استمرار العمليات العسكرية، ففي الرمادي وحدها أكدت الأمم المتحدة تضرر أكثر من 3205 مبان بأضرار متفاوتة، ولكننا نؤكد حاجتنا لجهد دولي لإعادة إعمار المحافظة.
* ما الفرق بين لجنة إعادة النازحين التي يرأسها رئيس ديوان الوقف السني عبد اللطيف الهميم وبين المقر المسيطر الذي ترأسه.. وصلاحيات كل من هما؟
- المقر المسيطر الذي شكله دولة رئيس الوزراء في الأمر الديواني المرقم (1) لعام 2016، ترتبط به أكثر من 15 وزارة وبتمثيل وكيل وزير أو مدير عام، وهذا المقر برئاسة المحافظ، وهو المسؤول عن عمليات الإعمار وإعادة الاستقرار ورفع المخلفات الحربية والأنقاض من المناطق المحررة، ليتم بعد ذلك تنظيم عودة آمنة وعاجلة لعموم النازحين.
أما لجنة إعادة النازحين فدورها يتعلق بحسب الأمر الديواني 66 الصادر في 9 شباط 2016، هو كما ذكرنا آنفا: "تسهيل" إعادة النازحين إلى مدينة الرمادي فقط.
* هناك من يتهم الهميم (رئيس ديوان الوقف السني) بزج ألف عنصر من المليشيات ضمن حملة لتنظيف الأنبار في مسعى لإفشال خطة الأمريكان والسنة معا.. ما رأيكم بذلك؟
- حكومة الأنبار المحلية ومن خلال المقر المسيطر والتنسيق مع عشائر الأنبار والفعاليات الاجتماعية والشركات العاملة، تعمل وبجد من أجل تحقيق ذلك، أما هذه الأرقام فلا نعلم عنها شيئا، ولا نعلم ما إذا كان السيد رئيس الوقف قد تحدث بها أصلا أم لا.
* هناك تخوف من ذهاب أموال صندوق إعمار المناطق المستعادة من تنظيم الدولة إلى جيوب الفاسدين وليس للمدن.. خصوصا أن هناك من يتحدث عن سياسة طائفية لدى الحكومة العراقية.. ما ردكم على ذلك؟
- الحكومة المحلية والمركزية لن تستلم أي شيء من هذه الأموال وستكون تحت رقابة المانحين، وستكون إن شاء الله في استحقاقاتها التي طلبت من أجلها.
* ملف النازحين يشكل تحديا مهما للحكومة المحلية في الأنبار.. كم عدد النازحين؟ وهل بدأت فعليا مرحلة إعادتهم للمحافظة؟
- عدد النازحين تخطى حاجز المليون، باحتساب جميع مناطق النزوح داخل المحافظة وخارجها، وهو فعلاً ملف ضاغط، والمحافظة تسعى بغاية الجهد لتنظيم عودة آمنة وعاجلة لهم، وسجلنا عودة فعلية منذ عام 2015 لعديد من المواطنين إلى قضاء الكرمة بعد تحريره، وعملنا مستمر لباقي الأقضية بعد إخلائها من المخلفات الحربية.
* هل توجد تعويضات للعائلات النازحة عما لحق بها من ضرر بسبب أزمة النزوح وتدمير منازل البعض منهم في العمليات العسكرية؟
- نعم، وشكلت لجان مختصة في ذلك.
* كلمة أخيرة توجهها لأبناء المحافظة؟
- يد تحمل السلاح وأخرى تداوي الجراح.
نعدكم على المضي في ذلك قدما، إلى أن نرى محافظة الأنبار عامرة بكم قريبا عاجلا إن شاء الله.