نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست"
الإسرائيلية، تقريرا حول التعقيدات التي منعت
نتنياهو من الانتهاء من تشييد
الجدار العازل، رغم أن العمل عليه انطلق منذ عام 2002، وقالت إن ضغوط المجتمع الدولي وكلفة الجدار وتغير الأولويات الأمنية لـ"إسرائيل" في المنطقة؛ كلها عرقلت الانتهاء منه.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن أعمال البناء في الجدار العازل بالضفة الغربية؛ ظلت جامدة خلال السنوات التسع الماضية، رغم أنه لم يتبقَّ من هذه الأشغال إلا 36 بالمئة، كما أنه لا يبدو أن هذه الأشغال ستنتهي في المستقبل القريب، رغم تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال الأسبوع الماضي بإنشاء سياج أمني حول "دولة إسرائيل" بأكملها.
وذكرت أن المشاكل التي يواجهها بناء الجدار العازل لا تتعلق بمجرد فجوة في هذا الجدار، أو عملية اختراق لهذا المشروع الذي تم تصميمه في 2002، في خضم الانتفاضة
الفلسطينية الثانية التي تميزت بكثرة "العمليات الاستشهادية"، بل يتعلق الأمر بأكثر من 250 كيلومترا من التحصينات، من جملة 790 كيلومترا، وهو الطول الجملي للسور، حيث لم يتم إلى حد الآن بناء أجزاء من السور في المناطق المحاذية للمنطقة "E1"، التي توجد فيها مستوطنات غوش عتصيون وأريئيل ومعاليه أدوميم.
وأشارت إلى أن الرأي العام في "إسرائيل" كان قد نسي هذا الموضوع بعد أن طال عليه الزمن، بسبب التحديات الأمنية التي واجهتها "إسرائيل" مع إيران وجنوب لبنان في الجانب الآخر من حدودها، بل إن البعض ظنوا أن الجيش الإسرائيلي انتهى من العمل على هذا المشروع؛ لأنه أعلن منذ سنوات أنه يعتبره أولوية قصوى بالنسبة له.
"ولكن مع اندلاع انتفاضة السكاكين، وعودة الهجمات اليومية خلال الخمسة الأشهر الماضية، ما أدى إلى مقتل 30 مستوطنا وجرح 346 آخرين؛ تذكر الناس الحجة الأساس التي من أجلها ظهرت فكرة الجدار، وهي منع هجمات السكاكين والبنادق والقنابل اليدوية التي يقوم بها الفلسطينيون لقتل المستوطنين".
وذكرت الصحيفة أن مجموعة من المسؤولين الإسرائيليين، على رأسهم زعيم المعارضة إسحاق هرتسوغ، هاجموا بنيامين نتنياهو، وطالبوه بإنهاء بناء الجدار، واعتبروا أن الهجمات التي يتعرض لها الإسرائيليون كان يمكن منعها لو تم الانتهاء من بنائه.
واعتبرت الصحيفة أن سبب توقف الأشغال وتردد نتنياهو إلى حد الآن؛ هو أن الجدار جلب لرئيس الحكومة الإسرائيلية العديد من الانتقادات والضغوطات من الجانب الفلسطيني والمجتمع الدولي، منذ المراحل الأولى التي كان فيها الجدار يمتد على 364 كيلومترا فقط، باعتبار أنه يتجاوز الخط الأخضر، ويحاصر القدس وبعض مناطق الضفة الغربية.
وأَضافت أن المجتمع الدولي لم يعارض مطالبة "إسرائيل" بما تعتبره "حقها في السياج الأمني"، ولكن عندما أظهرت مخططات الجدار نيتها تجاوز خط 67؛ فإن الجميع وجه لها تهمة محاولة الاستحواذ على أراضي السلطة الفلسطينية.
وأشارت إلى أنه في عام 2004 أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي رأيا استشاريا غير ملزم؛ يقضي بعدم شرعية الجدار طالما أنه يتجاوز الخط الأخضر، ومع مرور الزمن؛ ارتبط منظر الكتل الاسمنتية التي يتم ترصيفها بجانب بعضها لإقامة الجدار، بالوجه البغيض للاحتلال، والطبيعة العنصرية لهذه الدولة.
وقالت إن نتنياهو إذا استأنف العمل على الجدار؛ فإنه سيواجه خطر العزلة الدولية؛ لأنه سيضم المنطقة إي1 "E1" من الضفة الغربية بشكل غير قانوني، بينما يواصل الفلسطينيون عملهم في مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار ضد الاستيطان.
وأوضحت الصحيفة إلى أن نتنياهو إذا قرر تغيير المخططات الأصلية، وبناء الجدار دون ضم المنطقة "E1"؛ فإنه سيحتاج إلى موافقة الحكومة الإسرائيلية لإدخال هذا التعديل، ومثل هذا التصويت قد ينتهي إلى تفكيك كتلته السياسية بسبب الحساسية التي سيثيرها هذا الموضوع؛ لأن كثيرا من الإسرائيليين يعتقدون أن وضع هذه المنطقة خارج الجدار الفاصل؛ يعني خروجها من يد "إسرائيل" في مفاوضات الحل النهائي.
ونقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله، إن "الأولويات تغيرت بسبب التطورات الحاصلة في المنطقة، حيث إن نتنياهو عندما يتحدث عن بناء سياج أمني؛ فإنه يتحدث عن الحدود الخارجية لإسرائيل مع الأردن ومنطقة الجولان، كما أن جيش الدفاع يواجه صعوبات مالية كبرى، وليس قادرا على استئناف هذا المشروع المكلف".
وأضافت الصحيفة: "أما بالنسبة للضفة الغربية؛ فإن إنهاء بناء هذا الجدار الأمني سوف يؤدي إلى موجة من ردود الأفعال على المستوى الدولي والمحلي، بسبب كثرة الخلافات حول المخطط النهائي لهذا الجدار والمستوطنات والمناطق التي سيتم ضمها، والمناطق التي سيتم إبقاؤها خارج السياج، وخاصة في ظل المعارضة الكبيرة التي تلقاها هذه الفكرة من قبل زعماء المستوطنات".
وأشارت إلى أن رئيس مجلس مستوطنة غوش عتصيون، دافيدي بيرل، يعارض بشدة بناء هذا الجدار، ناقلة عنه قوله إن "الصواريخ يمكنها أن تطير فوق هذا الجدار، والأنفاق تمر من تحته، فكيف يمكن أن يساعدنا؟".
وفي الختام؛ أشارت الصحيفة إلى أن موضوع الجدار العازل يخضع للكثير من المزايدات السياسية بين نتنياهو وإسحاق هرتسوغ، حيث صرح هرتسوغ بأن حكومة نتنياهو تتحمل على عاتقها مسؤولية إنهاء هذا العمل في أقرب وقت، رغم كثرة الخلافات وتضارب الآراء حول كيفية إنهائه، وهو ما اعتبرته الصحيفة مزايدة من هرتسوغ الذي يتصرف كمعارض غير مسؤول، حيث إنه لم يقدم أي حلول، واكتفى بالمطالبة بإنجاز المشروع، من أجل تسليط المزيد من الضغط على نتنياهو، الذي وضع نفسه في موقف محرج عندما ربط سمعته السياسية بإنهاء هذا الجدار.