اهتمت الصحافة
اللبنانية الجمعة، بالخلاف الداخلي الذي بدا ظاهرا داخل
تيار المستقبل، بين رئيس التيار سعد
الحريري وممثله المفترض في الحكومة، وزير العدل اللبناني، أشرف
ريفي.
,بحسب ما تابعته "
عربي21"، ظهر الخلاف عقب انسحاب ريفي الخميس من جلسة مجلس الوزراء، اعتراضا على عدم إحالة قضية الوزير السابق ميشال سماحة على المجلس العدلي، إذ بدا أن ذلك لم يرق للحريري الذي جاء رده سريعا عبر تغريدة له على حسابه الرسمي في "تويتر"، معتبرا أن موقف ريفي لا يمثلنه.
وما زاد من التوتر، تصريحات الحريري التي قال فيها: "لا يزايدنّ أحد عليه بمحاكمة سماحة، فكل من ارتكب جريمة سينال عقابه"، وفق ما نقلته صحيفة "النهار" اللبنانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الخلاف لا يعدّ الأول داخل "البيت المستقبلي"، إذ إن علاقة وزير العدل ريفي بوزير الداخلية نهاد المشنوق، شهدت الكثير من المد والجزر والخلافات والتسريبات.
ومن الخلافات التي بدت واضحة أيضا، الاعتراض العلني الذي بدأه ريفي على ترشيح الحريري لسليمان فرنجية للرئاسة، وهو ما رد عليه بشكل غير مباشر أمين عام "تيار المستقبل" أحمد الحريري، الذي أكد "ألا كلمة تعلو على كلمة سعد الحريري في تيار المستقبل".
إلا أن "النهار" ترى أن الخلاف الأخير بين ريفي والحريري الخميس، "خلق حالة تجاذب في أوساط الجمهور المستقبلي بشكل خاص، وانقسم جمهور 14 آذار بين مؤيد بشدة لكلام ريفي ومتضامن معه، بشكل ظهر جليا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومدافع عن موقف الحريري، باعتبار أن على الوزير أن يلتزم موقف حزبه، مهما اختلف معه في الرؤية الشخصية".
ولكن الصحيفة لفتت إلى أن وزير العدل أشرف ريفي متمسك بالتزامه الأساسي المتمثل بقضية رفيق دربه اللواء وسام الحسن، وهو يعتبر أن الإيقاع بسماحة العائد من سوريا محملا بالمتفجرات، كان مسببَ الاغتيال الأساسي.
هاشتاغ "أشرف ريفي يمثلني"
من جهته، رصد موقع "جنوبية" تفاعل أنصار "التيار الأزرق" بعد الخلاف، ولفت إلى أن هاشتاغين انتشرا هما "
#أشرف_ريفي_يمثلني"، "
#سعد_الحريري_لا_يمثلني"، إذ ينصبّان ريفي زعيما منطلقا بتمركزه من السنية الطرابلسية إلى اللبنانية.
ونقل الموقع عن إذاعة "lbc"، أنها حاولت الاتصال بوزير العدل أشرف ريفي الذي رفض التعليق، واكتفى بالقول: "إنه على ما أعلنه، وإنه سيواصل نضاله، وهو لن يستقيل".
وذهب الموقع إلى أن هذه الجملة تُفضي إلى أنّ ريفي لا زال في " البيت المستقبلي"، وأنّه لن يخرج مع خروج الخلاف إلى العلن، موضحا أن "اللواء عينه ليس على الزعامة السنية، ولا خاطر لديه لسحب التموضع السياسي الأوّل طرابلسيا من الحريري. ولو أراد لاستغل مسألة سجن رومية، وهي الأكثر حساسية بالنسبة للمظلومية الشمالية من ملف سماحة".
ويرى الموقع أن "وزير العدل أكثر ذكاء من أن يترك الحريري وحيدا عشية الذكرى الحادية عشر لمقتل والده".
وأضاف أن ريفي لم يتسرّع، ولم يتلقف التغريدة بتغريدة، ولم يضع الأمور في محور السجال الإعلامي لغاية واحدة "هي أن يكون ما حدث غيمة صيف عابرة".
قرار ريفي "ينسجم مع اجتماع الرياض"
من جهة أخرى، نقلت "النهار" عن مصادر قالت إنها "بارزة في تيار المستقبل"، إشارتها إلى أن قرار الوزير ريفي بالانسحاب، جاء منسجما مع الاجتماع الأخير الذي عقد بين الحريري وقيادات "المستقبل" في الرياض.
لكن المصادر لفتت إلى حساسية التوقيت بالنسبة للانسحاب من الحكومة، بعد الالتزام بتسهيل عملها، ما جعل من الانسحاب "موضوعا كان يستـحق ربما التأجيل قليلا".
من جانبه، اعتبر عضو المكتب السياسي في "تيار المستقبل" النائب السابق مصطفى علوش، أن ريفي "عبّر عن رأيه في هذه القضية على طريقته"، معترفا بأن "القرار أحدث إشكالية لدى جمهور المستقبل عموما، والطرابلسيين منهم خصوصا".
وبحسب ما نقلته "النهار"، قال علوش إنه "من المفترض على الوزير الممثل للتيار في الحكومة أن يكون قد نسق آراءه مع رئيس هذا التيار، فهو يمثل حالة معينة، وليس شخصه".
"ريفي تمرّد على الحريري"
من جانبها، اعتبرت صحيفة "الأخبار" أن انسحاب ريفي من الجلسة مثّل تمردا على الحريري، حيث وصفت الموقف بالقول: "ما إن تجاوز الحريري صفعة النائب خالد الضاهر له، حتى تمرّد الوزير أشرف ريفي، ما دفع رئيس المستقبل إلى توبيخه علنا".
وبالحديث عن هذا الجانب، سبق التوتر بين ريفي والحريري، توتر آخر بين الأخير والنائب خالد الضاهر، إذ قرر الحريري بعدها وضعه خارج السرب المستقبلي "حفاظا على وحدة الصفّ"، "بعد أن كان قد عجز عن وضع حد لشطحاته"، بحسب ما أوردته الصحيفة.
ورأت الصحيفة أن الخلاف الأخير بين ريفي والحريري، مثل صفعة جديدة لرئيس تيار المستقبل. "فقد شكّلت جلسة مجلس الوزراء الخميس، محطّة أكد فيها وزير العدل أشرف ريفي حجم الهوة بين رأس الهرم المستقبلي و"أبناء البيت" المعترضين على مواقفه".
وتساءلت الصحيفة: "هل قرر الرئيس المهاجر تحجيم وزيره علنا، تمهيدا لإبعاده على خطى الضاهر؟"، معتبرة أن "اندفاع وزير العدل هذه المرّة تجاوز كل الخطوط الحمر".
وذهبت صحيفة "الأخبار" إلى التساؤل عن الجهة التي تُغطّي وزير العدل في "معاركه"، حيث استعادت شريط الأسابيع الماضية بين تصريحات ريفي ومواقف تيار المستقبل، ما دفعها إلى أن تسأل إن كانت هذه المعطيات تشير إلى أنه يحظى بـ"دعم سعودي" لمواقفه.
إلا أنها نقلت في الوقت ذاته تأكيدا من "مصادر بارزة في التيار" أن "المملكة
السعودية هذه الأيام، ليست معنية بالملف اللبناني برمّته، فهل ستكون معنية بملف تيار المستقبل وسماحة والزواريب الطرابلسية؟".
وبناء عليه، ربطت المصادر في حديثها للصحيفة تصرفات وزير العدل "بشدّ العصب في الملعب الطرابلسي، الذي يتقاسم زعامته إلى جانب التيار الرئيسي نجيب ميقاتي، والنائب محمد الصفدي، والوزير السابق فيصل كرامي".
وأشارت أخيرا إلى أن وزير العدل ربما بالغ في التعبير عن سخطه، وقد يكون هذا التعبير متعمّدا خطوة أولى لخروجه من عباءة المستقبل. لكن الأكيد أن ما فعله شكّل فرصة ذهبية أمام الحريري للتخلص من عبئه، تماما كما حصل سابقا مع النائب خالد الضاهر، وفق قولها.