أكد ناشطون سوريون وأطباء أن المشافي الميدانية ومراكز العلاج المجانية في مناطق الثوار في محافظة
درعا، جنوب
سوريا، على رأس قائمة الأهداف للغارات الجوية الروسية.
وقال الطبيب في إحدى نقاط العلاج بمحافظة درعا، أبو أحمد، إن الوضع لم يختلف في محافظة درعا عن باقي المناطق السورية التي قام باستهدافها الطيران الروسي، حيث يركز
قصفه على المشافي، وفق سياسة تدمير ممنهج للبنية التحتية الطبية لإخراج مراكز العلاج والاستشفاء عن العمل، قبيل أي هجوم بري لاحق لقوات النظام السوري المدعوم بالمليشيات الشيعية.
واستطرد الطبيب قائلا في حديث لـ"
عربي21": "تدمير البنية التحتية للمراكز الطبية التي تقدم غالبية أنواع العلاج للجرحى والمصابين مجانا؛ من قبل الطائرات الحربية الروسية، أدى إلى إغلاق العديد منها تجنبا للقصف، في حين لقي العشرات من الكوادر الطبية والمسعفين مصرعهم جراء الصواريخ التي تستهدف المراكز الطبية، وغادر البلاد آخرون".
ونتيجة لذلك، بات القطاع الصحي في محافظة درعا يعاني اليوم من شلل شبه تام، بحسب ما أكده الطبيب الميداني، الأمر الذي من شأنه تهديد حياة مئات الأشخاص من مدنيين وعسكريين في مناطق الثوار هذه.
ومنذ بداية الحملة على محافظة درعا، قامت الطائرات الروسية باستهداف عدد من النقاط الطبية، ابتداء بالمشفى الميداني في مدينة أنخل، ثم انتقل إلى بلدة أبطع ومدينة نوى. وبالانتقال إلى ريف المحافظة الشرقي، قصفت الطائرات الروسية مشفى بلدة الغارية الغربية ودمرته بشكل كامل، ما أدى لتوقفه عن العمل. وفي أحدث الهجمات من قبل
روسيا على النقاط الطبية في محافظة درعا، تم استهداف المشفى الميداني في مدينة صيدا، التابع لمنظمة أطباء بلا حدود، ما أدى لخروج المشفى عن الخدمة، بحسب ما أكده الطبيب أبو أحمد.
وكانت المنظمة قد أعلنت أن المشفى تعرض للقصف يوم الجمعة، ما أدى لمقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ستة آخرين، كما أصيبت في القصف سيارة إسعاف.
وأشار الطبيب إلى أن "محافظة درعا كانت ما قبل العدوان الروسي تشهد وضعا مزريا على الصعيد الطبي نتيجة النقص في عدد الأطباء وغلاء الدواء، مع نقص في أدوية الأمراض المزمنة، وانقطاع في مادة حليب الأطفال منذ أشهر، ليأتي الطيران الروسي ويطلق رصاصة الرحمة على القطاع الأكثر أهمية للأهالي"، بحسب وصفه.
بدورها، قالت الناشطة الإعلامية "غلا الحوراني" لـ"
عربي21"، إنه في العام الماضي دمرت الطائرات الحربية الروسية خمسة مشاف وأخرجتها عن العمل بشكل كلي. وفي العام الحالي ازدادت وتيرة القصف بشكل غير مسبوق، للضغط على المعارضة بالدرجة الأولى وخاصة في نقاط الاشتباك المتقدمة، حيث تكون غالبية الإصابات من عناصر الجيش الحر.
وأردفت الحوراني أنه بعد قيام الطائرات الروسية بتدمير البنية التحتية للمشافي، يقوم النظام السوري برصد الطرقات الفرعية بغية استهداف أي عملية نقل للجرحى باتجاه النقاط الخلفية لمناطق الاشتباكات.
وقد وثقت إحدى النقاط الطبية وفاة جريح جراء العجز عن نقله نحو مناطق أكثر أمنا لإتمام العلاج، في حين ما زال الأردن يرفض إدخال الجرحى إلى أراضيه، الأمر الذي فاقم الوضع الطبي الميداني، وأنهى حياة العديد من الجرحى والمصابين على الحدود بين البلدين.
ونبهت الناشطة الإعلامية إلى أن أضرار القصف الروسي للمشافي الميداني متعددة، إذ إن هذه المراكز الطبية تعتبر عصب الحياة لآلاف السكان في المناطق المحررة في محافظة درعا، وإخراج المشافي عن العمل يضيق الخناق أكثر على الأهالي، وينعكس سلبا على المرضى والجرحى ممن يحتاجون لرعاية يومية، الأمر الذي يجعل حياتهم في دائرة الخطر المستمر.
أما خطر المشافي الميدانية على النظام السوري فتكمن في أن المراكز الطبية تعد من أولى المؤسسات التي تم افتتاحها بداية الثورة، وحملت هموم وأوجاع الجرحى والمرضى، وشهدت الكثير من حالات العلاج، منها أعمال جراحية صعبة بأدوات بسيطة، ومن ذلك عمليات بتر واستئصال، وخاصة لعناصر الجيش الحر، كما حظيت مراكز العلاج بدعم وتأييد وحاضرة شعبية كبيرة لما قدمته من خدمات طيلة السنوات السابقة.