دعت
الأمم المتحدة تركيا إلى فتح حدودها أمام عشرات آلاف السوريين الذين فروا من هجوم عنيف تشنه قوات النظام والطيران الروسي في محافظة حلب وتجمعوا عند المنطقة الحدودية. وأعلنت أن المخيمات على الجانب السوري من الحدود مع تركيا بلغت طاقتها القصوى.
كما حثت الأمم المتحدة الدول الأوروبية على فتح حدود بلدانها بوجه اللاجئين السوريين، على غرار ما فعلت تركيا، وتأمين وصول هؤلاء اللاجئين إلى أراضيها عن طريق البر والجو.
وقال المتحدث باسم المفوض السامي لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، وليام سبيندلر، في مؤتمر صحفي بجنيف: "نعلم أنّ تركيا قامت بكل واجباتها تجاه اللاجئين السوريين، وإننا ندعو أنقرة إلى فتح أبوابها أمام كافة المحتشدين على حدودها، نتيجة تزايد الغارات على مدينة حلب، في الآونة الأخيرة، وعدم الاكتفاء باستقبال الجرحى والمصابين فقط".
يشار إلى أن المؤسسات والمنظمات الإغاثية التركية سارعت إلى تقديم مساعدات مختلفة بما فيها الخيام، للنازحيين السوريين الذين احتشدوا بالقرب من حدود تركيا، هرباً من القصف الروسي وهجمات قوات النظام السوري والميلشيات الإيرانية والموالية لها، في حلب وريفها، حيث تصاعدت موجة النزوح مؤخرا، عقب قطع الطريق الواصل بين مركز حلب وريفها الشمالي.
وتسببت موجة النزوح الأخيرة "بالضغط على أكثر من عشرة مخيمات موجودة في الخط الحدودي الممتد من شمال إعزاز (في ريف حلب الشمالي) وحتى تركيا"، بحسب ما قال أحمد المحمد، وهو مسؤول ميداني في منظمة "أطباء بلا حدود" يدخل يوميا من تركيا إلى محافظة حلب.
المخيمات بلغت طاقتها القصوى
وأعلن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ليل الاثنين، أن ثمانية مخيمات عشوائية في الجانب السوري من الحدود مع تركيا بلغت طاقتها "الاستيعابية القصوى"، لافتا إلى نزوح نحو 31 ألف شخص من مدينة حلب ومحيطها في الأيام الأخيرة.
ويضطر العديد من النازحين "للنوم في الشوارع والعراء بدون بطانيات أو أغطية"، وفق المحمد، الذي يتولى مهمة "مدير الصيدلية والتبرعات" في منظمة أطباء بلا حدود.
وأوضح أن منظمات الإغاثة كانت توزع خيما مخصصة لسبعة أشخاص لكن أكثر من عشرين شخصا يضطرون للمبيت فيها في وقت لم تعد منازل سكان القرى الحدودية قادرة على استيعاب عدد إضافي من النازحين.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في بيان، الثلاثاء، عن بدء "توزيع المواد الغذائية العاجلة للنازحين (...) في قوافل عبر الحدود من تركيا إلى بلدة إعزاز".
وقال جاكوب كيرن، مدير البرنامج في
سوريا: "نحن قلقون للغاية نظرا لأن إمكانية الوصول وطرق الإمدادات من الشمال إلى شرقي مدينة حلب والمناطق المحيطة بها أصبحت مقطوعة الآن، لكننا نبذل كل جهد ممكن لتوصيل ما يكفي من الغذاء لجميع المحتاجين".
من جانبها أعلنت المتحدثة باسم منظمة الغذاء العالمية "بيتينا لوستشير"، أنّ الأمم المتحدة بدأت بإمداد السوريين الفارين من الغارات التي تستهدف محافظة حلب، بالغذاء عن طريق الحدود التركية.
وأوضحت لوستشير أنّ الأمم المتحدة بدأت بإيصال المساعدات الغذائية إلى مدينة إعزاز شمال حلب، مشيرة إلى إرسال دفعة جديدة تكفي لـ 21 ألف شخص خلال الأيام المقبلة.
عالقون قرب الحدود
وبعد أسبوع على بدء هجوم واسع في ريف حلب الشمالي بدعم من الغارات الجوية الروسية، تمكنت قوات النظام من استعادة السيطرة على بلدات عدة في المنطقة وقطع طريق إمداد رئيسي للفصائل يربط مدينة حلب بالريف الشمالي نحو تركيا. وباتت للمرة الأولى منذ العام 2012 على بعد نحو عشرين كيلومترا من الحدود التركية.
وتمكنت قوات النظام بفضل هجومها من التقدم باتجاه مدينة تل رفعت، وهي واحدة من المعاقل الثلاثة المتبقية للفصائل المقاتلة في ريف حلب الشمالي، إلى جانب مدينتي مارع وإعزاز.
واستهدفت الطائرات الحربية الروسية مناطق في ريف حلب الشمالي، بينها تل رفعت، بـ21 غارة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ولا تزال الحدود التركية مغلقة أمام النازحين، فيما تسمح أنقرة بدخول الشاحنات التي تنقل المساعدات الغذائية والطبية إليهم.
وأبدت تركيا، التي تستضيف نحو 2,5 مليون سوري مساء، الاثنين، خشيتها من وقوع "الأسوأ". وقال نائب رئيس الحكومة التركية نعمان قورتولموش في ختام اجتماع للحكومة إن "السيناريو الأسوأ الذي يمكن أن يحدث في هذه المنطقة على المدى القصير قد يكون عبارة عن تدفق جديد لـ600 ألف لاجئ إلى الحدود التركية".
وتابع المسؤول التركي قائلا: "هدفنا في الوقت الحاضر هو إبقاء هذه الموجة من المهاجرين وراء حدود تركيا أطول فترة ممكنة، وتقديم الخدمات اللازمة لهم حيث هم".
وبدوره قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، الثلاثاء، إن الحلف سيدرس "بكثير من الجدية" طلب المساعدة الذي قدمته تركيا وألمانيا لمواجهة أزمة الهجرة عبر المتوسط.