نشرت صحيفة دي فيلت الألمانية تقريرا حول مخاوف
الإسرائيليين من
الأنفاق التي يقوم مقاتلو حركة
حماس بحفرها، ونقلت حالة المستوطنين الذين يعيشون قرب قطاع
غزة المحاصر، الذين أصبحوا يعيشون حالة ارتياب وحرمان من النوم بسبب هذا السلاح المرعب.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن سكان
المستوطنات القريبة من قطاع غزة تعودوا على العيش تحت خطر هجمات المقاومة الفلسطينية، على غرار المستوطن عوفر بايدر، الذي يسكن في مستوطنة نتيف هعسراه التي تبعد 250 مترا فقط عن القطاع، والذي كان قبل شهرين جالسا في منزله يشاهد التلفاز، ليفاجأ باختراق رصاصتين للجدار وتسببهما بانفجار جهاز التلفاز.
ونقلت الصحيفة عن عوفر قوله إن "حوالي ألفي قنبلة وصاروخ أصابت هذه المستوطنة منذ سنة 2005، وهي المعاناة ذاتها التي تعيشها كل المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، إلى أن أصبح الأمر يشبه الروتين".
ويضيف عوفر: "ولكن ما أصبح يقلقنا فعلا ويسرق النوم من أعيننا، هو الهجمات القادمة من الأنفاق؛ لأن هذه الأنفاق تمثل خطرا جديدا كليا ومختلفا بالنسبة لنا، لأننا مهددون في أي لحظة بأن تخرج علينا كتيبة من المقاتلين من تحت الأرض، وحينها لا أحد يمكنه حمايتنا".
وأكدت الصحيفة أن الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل على غزة في صيف سنة 2014، والتي استمرت لأكثر من سبعة أسابيع، كان هدفها الأساسي هو التصدي لظاهرة حفر الأنفاق، بعد أن فهمت الحكومة الإسرائيلية متأخرة مدى خطورة هذا السلاح الذي ابتكرته حركة حماس، حيث بلغ عدد الأنفاق حينها 32 نفقا متصلة بالأراضي الخاضعة لسيطرة إسرائيل.
وأضافت الصحيفة أن الجنود الإسرائيليين قضوا حينها أسابيع وهم يحاولون اكتشاف الأنفاق وتدميرها، ولكن لا أحد اليوم يتوهم أنهم نجحوا في القيام بذلك، كما أن حماس استأنفت عمليات الحفر والتسلح منذ اللحظة الأولى التي تم فيها إعلان وقف إطلاق النار.
ونقلت الصحيفة عن الجنرال في جيش الاحتلال الإسرائيلي، نيتسان عالون، اعتقاده بأن "حماس لا تسعى لإشعال حرب في الوقت الحالي، ولكنها قامت في الفترة الماضية بحفر عشرات الأنفاق الجديدة وتطوير ترسانتها الصاروخية بشكل كبير، وهي تقوم بتجارب لاختبار أسلحتها مرتين كل أسبوع، حيث تطلق في يومي الثلاثاء والجمعة صواريخ وقذائف باتجاه البحر".
واعتبرت الصحيفة أن السلاح الحقيقي الذي تمتلكه حركة حماس يقع تحت الأرض وليس في الجو، حيث إن الحركة تثق بأنها يمكنها كسر التفوق الإسرائيلي من خلال التحرك في الأنفاق.
ونقلت تصريحات القيادي في حركة حماس، إسماعيل هنية، التي قال فيها مؤخرا أمام 250 ألف شخص، أثناء جنازة 11 شهيدا من سلاح الأنفاق: "إن مقاتلي حماس يواصلون جهودهم للاستعداد للتصدي لإسرائيل، وقد حفروا حتى الآن ضعف ما تم حفره من أنفاق خلال حرب فيتنام".
وقالت الصحيفة إن تهديدات حماس أصابت سكان المستوطنات القريبة من غزة بالرعب، حيث يقول عوفر بايدر: "السكان يعيشون في ضغط نفسي وقلق متواصل، وكثيرون منهم يقولون إنهم يسمعون أصواتا غريبة تحت منازلهم، وقد أخبرني أحدهم قبل أيام أنه سمع صوت شخص يحفر، فسارعنا باستدعاء الجيش الذي جاء مباشرة للتثبت من الأمر، رغم أنه علميا لا يمكن للأذن البشرية أن تسمع صوت حفر على عمق أكثر من 30 مترا".
وقالت الصحيفة إن إسرائيل صرفت ملايين الدولارات للتزود بتكنولوجيات متطورة لمراقبة باطن الأرض، وقد تم تركيز مجسات وأجهزة ميكروفون حساسة في عدة مناطق، من بينها الحي الذي يسكن فيه عوفر بايدر، وذات مرة تم التقاط صوت حفر واضح، فجاء الجيش وتحقق من الأمر، ليتبين أن الإرهابي المفترض هو حشرة غير ضارة تصدر صوتا التقطته أجهزة المراقبة على أنه صوت حفر.
ويقول عوفر: "هذه القصة قد تبدو مضحكة، ولكنها ليست كذلك بالنسبة لنا، فكثيرون هجروا بيوتهم وانتقلوا لمناطق أخرى؛ بسبب حالة الرعب المتواصلة".
وذكرت الصحيفة أن السكان لا يصدقون تطمينات وزارة الدفاع الإسرائيلية، على غرار عائلة رايموند مايزليت، التي تسكن في مستوطنة نيرعام التي تبعد 1.8 كيلومتر عن غزة، قبل أن تنجح وحدة من مقاتلي حماس في الخروج من باطن الأرض قرب منزل هذه العائلة، وتقتل أربعة جنود إسرائيليين، خلال الحرب الأخيرة، ومنذ ذلك الوقت تنام هذه العائلة ليلا "بعين مغمضة وعين مفتوحة".
ونقلت الصحيفة عن رايموند مايزليت قوله: "أنا أقضي الليل في الإنصات للأصوات؛ خوفا من وجود نفق تحت منزلي، وأسأل نفسي كل يوم إن كنت سأموت على يد وحدة من مقاتلي حماس. أما جاري أوهاد مادموني، فهو يضع كل ليلة سكينا تحت الوسادة".