أدانت 20 منظمة حقوقية
مصرية، قرارات المنع من السفر الأخيرة التي قالت إنها "غير مسببة"، والتي صدرت بحق العديد من الأفراد المرتبطين بالحراك الفعال في المجال العام، وبالأخص المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، وعلى رأسهم الناشط الحقوقي مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
جمال عيد.
وقالت المنظمات، في بيان لها الاثنين، إن "المنع من السفر بدا وكأنه يصنع من الحدود المصرية جدرانا لزنزانة جماعية، لهؤلاء الأفراد، وخاصة النشطاء والحقوقيين"، مطالبة برفع حظر السفر فورا عن جمال عيد، وغيره ممن تكرر حرمانهم من حقهم في السفر والتنقل دون سند قانوني واضح.
وكانت سلطات مطار القاهرة الدولي قد أعلمت جمال عيد في 4 شباط/ فبراير الجاري، بإدراج اسمه ضمن قوائم الممنوعين من السفر، وذلك أثناء إتمامه لإجراءات الفحص المعتادة لدى "الجوازات" قبيل سفره إلى أثينا، فيما أفادت سلطات الأمن في المطار بأن الحظر جاء بناء على أمر من النائب العام، دون إبداء أسباب، رغم أن "عيد" لم يتلق من قبل قرارا بمنعه من السفر أو استدعاء للتحقيق من قِبل النائب العام.
وجمال عيد، محام ومدافع بارز عن حقوق الإنسان، وهو مدير ومؤسس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (ANHRI) التي بدأت عملها في آذار/ مارس 2004، بهدف الدفاع عن حرية التعبير في مصر والعالم العربي. ونالت الشبكة جائزة رونالد بيرغر لعام 2011، لعملها في تعزيز حرية التعبير وحرية الصحافة في مصر. وتلقى جمال عيد في شباط/ فبراير 2011، جائزة قادة الديمقراطية المقدمة من منظمة مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط (POMED).
وقبل أيام من هذه الواقعة، تحديدا في كانون الثاني/ يناير 2016، منعت السلطات الأمنية بمطار القاهرة أيضا سفر الشاعر عمر حاذق، الذي كان بصدد السفر إلى هولندا لتسلم جائزة تخص حرية التعبير مُقدَمة من مؤسستي "أوكسفام نوفيب" و"بن" الدوليتين، وقد اكتفت سلطات المطار بالإشارة إلى "دواع أمنية" تستوجب منع حاذق من السفر ومصادرة جواز سفره وهاتفه الشخصي، والتحقيق معه حول أنشطته داخل مصر، والغرض من سفره وعلاقته بعدد من المنظمات الدولية غير الحكومية.
وكان حاذق قد شمله العفو الرئاسي في أيلول/ سبتمبر الماضي، قبل أن يُنهي عقوبته بالسجن لعامين في خرق قانون التظاهر.
وأكدت المنظمات أن تكرار وقائع المنع من السفر على مدى الأيام القليلة الماضية، هو بمثابة استكمال لمسلسل التضييق على النشطاء، والممتد منذ أكثر من عام، فقد سبق وأن منعت السلطات بالمطار لدواع أمنية سفر كل من محمد لطفي، المدافع عن حقوق الإنسان ومدير المفوضية المصرية للحقوق والحريات (ECRF)، في حزيران/ يونيو 2015، والمدافعة عن حقوق الإنسان إسراء عبد الفتاح في كانون الثاني/ يناير 2015، وحسام الدين علي رئيس المعهد المصري الديمقراطي ونائبه أحمد غنيم في كانون الأول/ ديسمبر 2014، فضلا عن قرارات مماثلة صدرت بحق قيادات وأعضاء في أحزاب سياسية، من بينهم عمرو حمزاوي، ومصطفى النجار، والناشطة السياسية أسماء محفوظ، والذين صدر بحقهم قرارات المنع من السفر، دون إبداء أسباب ودون استدعائهم إلى تحقيقات.
وشدّدت على أن مثل هذه القرارات "غير المسببة"، والمستندة لتوجيهات أمنية، تفتقر للسند القانوني الذي يشترط إعلام الممنوعين من السفر بقرار المنع فور صدوره، ومداه الزمني، وأسانيد صدوره، على النحو المبين في المادة 62 من الدستور. وتمثل تلك القرارات قيدا على حريات الأفراد، يتناقض مع المادة 54 من الدستور، التي كفلت حماية حريات الأفراد في مواجهة تغوّل سلطات الدولة –بما في ذلك السلطة القضائية– من خلال ضمانات، تتمثل في ضرورة إبلاغ من تُقيّد حريته فورا بأسباب هذا القيد، الأمر الذي لم يحدث في الوقائع المشار إليها.
وأوضحت المنظمات أن المنع من السفر ليس الانتهاك الوحيد الذي ينال المسافرين من النشطاء السياسيين والحقوقيين، فقد تكرر تعرض بعضهم للتحقيق لساعات داخل المطار، قبل السماح لهم بالسفر، فضلا عن تفتيش حقائبهم ومقتنيات بعضهم الإلكترونية، دون إبداء أسباب وبدون إذن قضائي، أو استجوابهم حول رحلاتهم والفعاليات التي شاركوا فيها بمجرد عودتهم من السفر.
واستطرد البيان، قائلا إن هذه القرارات والتضييقات تأتي في أعقاب "حملات شرسة تشنها أجهزة الدولة بهدف غلق المجال العام، وقمع المجتمع المدني والعاملين فيه، بدءًا من 10 تشرين الثاني / نوفمبر 2014، وقرار وزارة التضامن بإلزام جميع الكيانات العاملة بالمجتمع المدني التسجيل تحت قانون معيب يصادر حرية التنظيم، مرورا بالتلويح المستمر بتوظيف قضية التمويل الأجنبي التي ترجع لعام 2011، للانتقام من المنظمات، وهي القضية التي تتضمن اتهامات وادعاءات خطيرة وصلت لحد الخيانة العظمى، وتلقي تمويلات أجنبية بغرض تنفيذ أجندات أجنبية لنشر الفوضى".
وتابعت: "هذا بالإضافة إلى حملات اقتحام وتفتيش عشرات المنازل بمحيط وسط المدينة لضمان عدم وجود مُتنفس للنشطاء قبل الذكري الخامسة لثورة كانون الثاني/ يناير، والقبض على عدد من الشباب بتهم الترويج للتظاهر، وغلق عدد من المؤسسات الثقافية المصرية".
ووقع على البيان كل من: مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، والجمعية المصرية للنهوض بالمشارك، والمركز المصري لدراسات السياسات العامة، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، ومركز حابي للحقوق البيئية، ومركز عدالة للحقوق والحريات، ومركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (أكت)، ومصريون ضد التمييز الديني، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والمنظمة العربية للإصلاح الجنائي، ومؤسسة الحقانية للحقوق والحريات، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومؤسسة ضحايا الاختطاف والاختفاء القسري، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية، ومركز هشام مبارك للقانون.