تصاعدت المطالب بأن يتقدم وزير الداخلية
المصري، مجدي عبد الغفار، باعتذار رسمي إلى نقابة
الأطباء عما اقترفه أمناء شرطة من اعتداء على طبيبين يعملان بمستشفى المطرية التعليمي، ما حدا بالنقابة إلى التلويح بدخول الأطباء في إضراب جزئي عن العمل، بعد أن تسبب ما حدث مع الطبيبين في حالة عارمة من الغضب بين الأطباء.
وأعلن مجلس
النقابة الدعوة لعقد جمعية عمومية طارئة للأطباء يوم الجمعة المقبل 12 شباط/ فبراير الجاري، مع الإغلاق
الاضطراري لمستشفى المطرية التعليمي، على أن يستمر الإغلاق لحين إعلان قرارات واضحة بضبط وإحضار أمناء الشرطة، وإحالتهم للمحاكمة الجنائية، بعد تقديم مجلس نقابة الأطباء برئاسة الدكتور حسين خيري، بلاغا للنائب العام ضد أمناء الشرطة المعتدين على طبيبي المستشفى، وطلب انتداب قاض للتحقيق، والمطالبة بتشكيل لجنة ثلاثية لتوقيع الكشف الطبي على أميني الشرطة لبيان ما بهما من إصابات، بعد أن اتهما الطبيبين بالاعتداء عليهما.
وقال مراقبون إن الخطوات التصعيدية المتوقع أن تتخذها النقابة -ردا على واقعة الاعتداء، والتي ينتظر أن تأخذ منحى آخر في ضوء تهديد النقابة بأن القرارات التصعيدية في الجمعية العمومية الطارئة- تتمثل في اتخاذ قرار بالإضراب الجزئي في عموم مستشفيات مصر، اعتراضا على ما حدث مع الطبيبين.
وقال الكاتب الصحفي بجريدة "الفجر"، عبد الحفيظ سعد، إنه في حالة إقدام الأطباء على تنفيذ تهديدهم، ستتحول القضية لأزمة سياسية، كما حدث في شهر حزيران/ يونيو 2015، أثناء أزمة نقابة المحامين مع وزارة الداخلية عقب الاعتداء على محام من قبل مأمور قسم فارسكور بدمياط، وقيام الضابط بضرب المحامي بحذائه، مما دعا المحامين للقيام بإضراب عن العمل احتجاجا على ما حدث مع زملائهم، مطالبين وزير الداخلية بتقديم اعتذار عن الواقعة التي اعتبروها إهانة للمحامين وقعت من أحد ضباط الداخلية.
وبحسب عبد الحفيظ، اضطر وقتها (رئيس الانقلاب) عبد الفتاح السيسي، إلى أن يقدم للمحامين اعتذارا، عن واقعة اعتداء ضابط الشرطة برغم الحكم بحبسه ثلاثة أشهر.
ووقتها خاطب السيسي وزير الداخلية مجدي عبد الغفار بالقول: "أنا بأقول للمحامين كلهم: حقكم علي، وأنا أعتذر لكم، وأقول لكل أجهزة الدولة: من فضلكم لازم نخلي بالنا من كل حاجة برغم الظروف "الصعبة" اللي إحنا فيها".
وساعتها، قال السيسي أيضا: "أنا أعتذر لكل مواطن مصري تعرض لأي إساءة "من موظف عام" باعتباري مسؤولا مسؤولية مباشرة عن أي شيء حصل للمواطن المصري".
وتساءل عبدالحفيظ: هل يقدم وزير الداخلية هذه المرة الاعتذار في واقعة الاعتداء على الطبيبين، مقتديا بما قام به السيسي، عندما اعتذر بنفسه للمحامين، أم إن الوزير سينتظر هذه المرة أيضا أن يقدم السيسي اعتذارا للأطباء، نيابة عنهم كما حدث مع المحامين.. أم إن هناك عقلا سياسيا سيحرك الوزير هذه المرة في الظروف الصعبة، ليقدم اعتذارا، لما فعله أمناء الشرطة بحق الطبيبين؟
أسباب غضب الأطباء
وكان الطبيبان أحمد السيد ومؤمن عبد العظيم، تعرضا لاعتداء من قبل اثنين من أمناء شرطة قسم المطرية في أثناء عملهما بالمستشفى الجمعة الماضي، بعد أن طلبا وهما في زي مدني، من الطبيبين، أن يقوما بتحرير تقرير طبي عن إصابة وقعت في جبهة أحدهما بعدما رفض الطبيب أحمد السيد كتابة تقرير طبي.
واتفق معه في الرأي نفسه زميله مؤمن عبد العظيم، المسؤول الإداري عن المستشفى في المناوبة الليلية، وقرر الطبيبان أن إصابة الشرطي لا تتطلب تقريرا، لأنها إصابة ليست خطيرة، وأن الجرح في جبهة الأمين بسيط، ويحتاج لتضميد فقط.
لكن رد الطبيبين، وتوصيفهما الحالة، لم يرق لأمين الشرطة المصاب، وزميله المرافق له، فطلبا من الطبيب أن يكتب تقريرا يثبت أن جرح أمين الشرطة المصاب خطير، ويستلزم العلاج.
وأمام إصرار الطبيب أحمد السيد على عدم تزوير تقرير طبي على عكس ما يراه، وبما لا يخالف ضميره، قرر أمينا الشرطة إجبار الطبيبين على أن يعدا تقريرا "غصب عنكم" كما قال الطبيبان، مضيفين: "فوجئنا بالتعدي علينا بالضرب من قبل أميني الشرطة، بل أشهر الأمين المرافق للأمين المصاب مسدسه الميري في وجهنا، بينما هدد الأمين المصاب الأطباء باتهامهم بـ"الانتماء لتنظيم الإخوان"".
وأمام ذلك لجأ الأطباء لقسم الشرطة، إلا أنه بعد دقائق قليلة، طبقا لرواية الأطباء، حضرت للمستشفى سيارة ميكروباص بداخلها ثمانية أفراد آخرون من أمناء الشرطة، وانهالوا جميعا بالاعتداء على الأطباء، وهو ما أكده شهود عيان للواقعة من المرضى الذي تصادف وجودهم في الحادث، بل قام الأمناء بتقييد الطبيبين بالكلابشات، ووضعوهما بالقوة في سيارة الميكروباص.
ولم يكتف أمناء الشرطة بذلك، ففي القسم تم تحرير محضر ضدهما بأن الطبيبين، هما من قاما بالاعتداء على أمين الشرطة، ووضع الطبيبان في الدور الثالث بالقسم المعروف باسم "السلخانة"، حيث استمر احتجازهما حتى قام ضابط كبير بتحريرهما من بطش الأمناء بعد أن استمع لروايتهما، وسمح لهما بعمل محضر سجلا فيه الواقعة، والاعتداء الذي وقع عليهما، لكنهما عندما توجها للنيابة فوجئا بأن هناك محضرا ضدهما، يدعي فيه أحد أمناء الشرطة أن الطبيبين قاما بالاعتداء عليه بعد أن تحرر له تقرير طبي في مستشفى آخر، أثبت إصابته بكسر وإصابة بساقه أثناء اعتداء مزعوم للطبيبين في مستشفى المطرية عليهم.
ودفع ذلك الطبيبين إلى أن يقوما بالتنازل عن المحضر بعد أن نبههما وكيل النيابة إلى أنهما إذا أصرا على استكمال المحضر الخاص بهما، فسيتم حبسهما أربعة أيام على ذمة التحقيق، نظرا لوجود محضر مدعوم بتقرير طبي ضدهما، بأنهما اعتديا على أمين الشرطة، وأمام ذلك اضطر الطبيبان إلى أن يتنازلا عن محضر الاعتداء حتى لا يتم حبسهما.
تهديد باستقالات جماعية للأطباء
وفي سياق متصل، قرر أطباء مستشفى المطرية التعليمي، الجمعة، إعادة العمل بقسم الطوارئ والاستقبال، مع عدم العمل بالعيادات الخارجية، لحين اتخاذ إجراءات واضحة ضد أمناء الشرطة المعتدين على الأطباء.
وقال أطباء المستشفى - في بيان، تم إعلانه في مؤتمر صحفي عقب اجتماعهم مع مجلس نقابة الأطباء، الجمعة، لمدة خمس ساعات متواصلة - إنهم قرروا أيضا التقدم باستقالات جماعية لنقيب الأطباء في حال عدم التحقيق مع أمناء الشرطة الذين اعتدوا على الأطباء، مؤكدين أن عودة العمل بقسم الاستقبال والطوارئ لتفويت الفرصة على المندسين، والوقيعة بين الأطباء.
وتابع الأطباء في بيانهم: "النائب العام قرر، الخميس، فتح المستشفى حفاظا على أرواح المرضى، وإحالة المتسبب في الغلق الاضطراري للتحقيق، دون إشارة لمطالبنا بالتحقيق مع المتهمين من قريب أو بعيد، وأبلغتنا الداخلية بأنه تم تغيير مأمور قسم المطرية والمكلفين بتأمين المستشفى، بجانب توفير تأمين قوي بأسلحة آلية، لذا قررنا العودة للعمل باستقبال وطوارئ المستشفى في ظل التأمين الحديث المتواجد، وذلك رغم عدم حصولنا على جميع حقوقنا، ونؤكد احترامنا للقانون والعدالة، وسوف نعاود العمل بالاستقبال والطوارئ مع عدم فتح العيادات المتخصصة".
وقرر الأطباء التقدم باستقالات جماعية مسببة لنقيب الأطباء حال عدم حصولهم على كامل حقوقهم لحين انعقاد الجمعية العمومية الطارئة، مطالبين أطباء مصر بالحضور لحماية حقوقهم، فيما أوضح المدير التنفيذي للجنة حقوق الإنسان بنقابة المحامين، محمد فاروق، أن الأخيرة تتضامن مع الأطباء، وأن وفدا من اللجنة سيحضر معهم التحقيقات كاملة، مع إعلان خطوات تصعيدية قانونية حال عدم حصولهم على حقوقهم، بحسب صحيفة "المصري اليوم"، السبت.