وجه رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور يوسف
القرضاوي، كلمة متلفزة، مساء الأحد، بمناسبة الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، الاثنين، واصفا رئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي ب"المنافق الكذاب"، ومطالبا إياه، ومن معه، بالرحيل، والمصريين بالوقوف ضد ظلم "الظلمة"، وفق تعبيره.
وفي البداية وصف القرضاوي "ذكرى
ثورة 25 يناير" بأنها "ذكرى طيبة، يحتفل بها الناس في المشارق، والمغارب".
وأضاف: "عشنا قبلها وبعدها، ورأينا البلاد العربية تتحرك، وحمدنا الله، ولكن تبين لنا أن هذه الأمة لا تملك أمر نفسها، وأن هناك من يملك عليها أمرها، ومن لا يحب لها أن تستقر، أو تحيا حياة حرة كريمة، تملك فيها أمر نفسها، وتقرر ما تراه خيرا لها، وتعمل بما تراه".
وتابع: "رأينا هذه البلاد (
مصر) تُقاد إلى أمر آخر، وإلى دنيا أخرى، بدلا من أن يملك الناس حياتهم ومصيرهم، ودون أن يحجر عليهم أحد في شيء؛ جاء ما جاء، وجاء هذا الانقلاب الذي غيَّر الحياة كلها، وغيَّر مصر، وأبناء مصر، وأحوال مصر.. التي قامت بثورتها المباركة، وقامت كلها: شبابها، وشيوخها.. مسلموها ومسيحيوها .. الصعايدة والبحاروة.. كل الناس في مصر قاموا بهذه الثورة، وإذ بها تتجه اتجاها آخر".
وأردف الداعية الإسلامي: "جاء هذا الانقلاب الغاشم، فأخذ مصر، وأضاع عليها ما قامت به، وأصبحت البلاد التي كانت حرة، كل إنسان فيها لا يستطيع أن يقول نعم أو لا.. ولا يستطيع أن يقرر ما يراه لنفسه".
واستطرد الشيخ القرضاوي: "هذا الانقلاب المشؤوم الذي قام به عبدالفتاح السيسي.. هذا الرجل المنافق الكذَّاب ذو الوجهين، وذو اللسانين.. وأُخذ المصريون كلهم على غرة، وسُحب البساط من تحتهم، وجُرُّوا إلى حياة ليس فيها أي شيء من الحرية.. بل ليس فيها أي حياة".
وأردف رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في كلمته: "كل شيء أصبح في مصر الآن فاسدا، وسيئا .. هذه مصيبة الثورة المضادة التي خلعت من مصر كل شيء .. إذ يزداد كل شيء نقصا، وفسادا.. فماذا على الناس (المصريين) أن يفعلوا؟".
وأجاب: "عليهم أن يعودوا إلى ما كانوا عليه من الإيمان بالله، والإيمان بأن هذه الأمة لا تصبر على الطغيان، والفساد.. فمصر كل يوم تخسر مليارات الجنيهات".
وتساءل: "إلى ماذا يريد هؤلاء الناس أن يصلوا بالبلاد؟ إلى أي مصير أسود؟ وهل هناك أسود مما تراه.. البلاد لا تعرف إلى أين تذهب، وهؤلاء (الانقلابيون) يقودوننا إلى مصائر مهلكة، موبقة".
وتابع: "لقد أتيحت لمصر أن تصبح دولة عظيمة بعد سنوات عدة، ولكن هؤلاء ضيعوا هذه الفرص كلها".
وشدد الدكتور القرضاوي على أن الله تعالى لا يبارك في كل عمل يقوم (الانقلابيون) به، إذ لا يأتي عملهم بخير، ولا ينتفع الناس به. قال تعالى: "واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد"، وقال تعالى: "وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما".
وأضاف: هؤلاء (أعوان السيسي) ظلمة، والله لن يتركهم أبدا.. قال تعالى: "فلما نسوا ما ذُكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء".. فماذا يريد الناس (الانقلابيون) بمصرنا؟
وخاطب الدكتور القرضاوي، السيسي ومن معه، بالقول: "أقول لهؤلاء الناس: ارحلوا.. ارحموا البلد.. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء .. اتركوا مصر لأهلها،، واتركوا البلاد الأخرى تعيش كما يعيش الناس.. دعوا هذه البلاد تستمسك بحقها، وتتعاون فيما بينها".
واستكمل: "إن أي تعاون، ولو قليل بين الناس يفيد بعضهم بعضا.. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان"، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "المسلم أخو المسلم".
وتابع: "لا يمكن أن يأتي من وراء هؤلاء الناس خير لهذا البلد أبدا.. عليهم أن يرحلوا... يا سيسي، ويا مَن مع السيسي، وليس مع هذا الرجل إلا كل من يريد النفع والخير لنفسه فقط، ولا يريد لبلده الخير".
وأضاف: "ليس هذا هو الخير.. هو الشر وراءه الشر، وهو الذل وراءه الذل، وهو جهنم وراءها عذاب الله".
وتابع: "نحب لمصر أن تعيش في حرية وسعادة وقوة.. ويجب طلب الرحمة لهذه الثورة.. أترحمُ على شهداء هذه الثورة.. والأعداد الكبيرة التي أصبحت ضمن قوافل الشهداء.. ما قبل وما بعد "رابعة".. كل هؤلاء نقول عنهم: "رضي الله عنهم ورضوا عنه".
وأضاف الشيخ القرضاوي: "عندنا آلاف من هؤلاء أصبحوا في زمرة الشهداء.. منهم من استشهد خالصا، ومنهم من خُطف من بيته، وأعيد لبيته مقتولا.. ومنهم من خطف، ولم يعرف أين ذهبوا، وماذا فعلوا به.. وهناك كثيرون لم يُعرف أين ذهبوا.. لابد أن نذكرهم، وأن نترحم على من استشهدوا.. قال تعالى: "ولا تحسبن الذي قتلوا في سبيل الله أمواتا".
وتابع الداعية الإسلامي: "نترحم على هؤلاء الشهداء، وهم ليسوا قليلين، وهناك من ماتوا في سجون هؤلاء الظلمة، لأنهم لم يُسعفوا، ولا يجدون القوت واللقمة.. عشرات الآلاف.. نترحم على هؤلاء الشهداء أيضا، وننتظر انتقام الله تعالى منهم؛ إذ لم يبالوا بمريض، ولا بمن يستغيث، ممن يعيشون في سجون العقرب، وغيره".
وتابع: "ما رأينا هذا قط.. قلوبنا مع إخوتنا وأخواتنا وبناتنا الذين تعرضوا للاغتصاب في الأقسام والسجون وخارج السجون من بنات الأزهر والجامعات.. قتل وسقط بعضهم.. وقُتلت بنات وشباب تحت التعذيب.. ونحن نعزي أهل هؤلاء، وكلنا أهل لهم، ونعزي شبابنا الذي فصلوا بغير حق من الدراسة، وندعو الشباب الذي لا يخشى أحدا إلا الله، في كل مكان، أن يقفوا ضد هذا الظلم.. (الذي يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله".
ثم خاطب الشباب بقوله: "يا شباب مصر.. انهضوا، ولا تيأسوا، ولا تستسلموا لهؤلاء الظلمة، سيخر هؤلاء الظلمة أمامكم إن شاء الله، وستنتصر الحقيقة، وسينتصر الحق على الباطل، وسينتصر العدل على الظلم، وسينتصر الخير على الشر، وهذه هي سنة الله، قال تعالى: "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".
وأضاف القرضاوي أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن ينصرنا لكن بشرط أن ننصره.. ولا ينصرنا، ونحن نخذله، إنما ينصرنا إذا نصرناه، قال تعالى: "ولينصرن الله من ينصره إن الله قوي عزيز* الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور".
وتابع: "ثقوا أيها الإخوة أن الله معكم، ولن يتخلى عنكم أبدا.. أسأل المسلمين جميعا في هذه الليلة أن يدعوا الله تبارك وتعالى، وأن يقوموا هذه الليلة ما استطاعوا، وأن يصلوا الفجر ما استطاعوا، وأن يدعوا الله على الظالمين.. والله لن يضِيْع دعاؤهم على الظالمين أبدا.. الله سبحانه وتعالى أهل أن يجيب هذه الدعوات"، حسبما قال.
واختتم القرضاوي كلمته داعيا: "يا رب خذ هؤلاء الظالمين أخذا شديدا، ولا تبق منهم باقية".