واصل
الروبل تراجعه أمام الدولار لدى تعاملات الخميس، ما وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمأزق حقيقي في مواجهة أزمة
اقتصادية يبدو أنها تتفاقم بسبب هبوط أسعار
النفط. وأعلن الكرملين رفضه الحديث عن «انهيار» الروبل الذي خسر أكثر من 12 في المئة من قيمته منذ مطلع السنة، ووضع الكرة في ملعب البنك المركزي.
لكن في الأسواق، فإن التراجع يتزايد يوميا، ويثير قلق الروس، بعد سنة من أزمة أضعفت إلى حد كبير قدرتهم الشرائية.
وبعدما تراجع أول من أمس الأربعاء إلى أسوأ مستويات قياسية كان شهدها في العام 2014، خسر الروبل نحو 5 في المئة من قيمته أمس في بورصة موسكو، فيما يتجه سعر برميل النفط، أبرز مصدر لعائدات
روسيا مع الغاز، إلى الانخفاض. وبلغ سعر الدولار 85.99 روبل، وهو مستوى غير مسبوق. وفي الوقت نفسه، بلغ سعر اليورو 93.70 روبل، وهو أسوأ وضع للعملة الروسية منذ كانون الأول/ ديسمبر 2014 حين بلغت عتبة مئة روبل لليورو الواحد.
ويعني انهيار أسعار النفط أن الاقتصاد الروسي الذي يرزح أيضا تحت وطأة عقوبات غربية بسبب الأزمة الأوكرانية، سيبقى في حالة انكماش هذه السنة، وأن الموازنة ستنقص قسما كبيرا من العائدات المرتقبة.
وبحسب "الصحافة الفرنسية"، قال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في تصريح للصحافيين: "لا أحبذ استخدام كلمة (انهيار). بالواقع أن أسعار صرف الروبل تتغير، والأسعار تتقلب، لكنه ليس انهيارا".
وأضاف: "ليس هناك أي سبب للتشكيك في أن البنك المركزي أعد خطة تهدف إلى تجنب انهيار فعلي. إن البنك المركزي يتابع الوضع بانتباه".
البنك المركزي الروسي لا يزال متحفظا حتى الآن، وأكد الأربعاء أن الاستقرار المالي ليس مهددا؛ وهذا يعني أنه يجب عدم توقع تدخل هذه الهيئة التي امتنعت قبل سنة ونصف السنة عن اللجوء إلى الاحتياطي للحفاظ على أسعار الروبل.
في المقابل، فإن التقلبات النقدية قد تؤدي إلى إبعاد احتمال خفض الفوائد الذي تأمل به الأوساط الاقتصادية، في وقت تواجه فيه الشركات -وكذلك الأفراد- صعوبات كبرى؛ بسبب كلفة القروض الحالية، التي تأتي نتيجة لانهيار سعر الروبل عام 2014.
في المقابل، بدأ بعض الخبراء الاقتصاديين يتحدث عن رفع معدلات الفائدة لوقف تدهور سعر الروبل، وذلك خلال الاجتماع المقبل للبنك المركزي الروسي في 29 كانون الثاني/ يناير الجاري. وقال الخبير الاقتصادي انتون تاباك من معهد الاقتصاد العالي في موسكو: "حين يتراجع الروبل بنسبة 5 في المئة في اليوم، هذا الأمر يثير قلق الجميع"، مضيفا لوكالة الصحافة الفرنسية: "بالطبع، كل هذا يأتي في إطار الانهيار العالمي، وتضاف إليه عوامل محلية، لكن عدم تدخل البنك المركزي والحكومة يثير تساؤلات".
ولم تعلن الحكومة عن إجراءات محددة لمواجهة تراجع الروبل، لكنها تعمل على تحديد اقتطاعات جديدة من الموازنة ومصادر الدخل في مواجهة تراجع قيمة النفط؛ لأن الرئيس بوتين طالب باحتواء العجز إلى أقل من 3 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي.
وعلى هذا الصعيد، فإن خفض قيمة العملة يعدّ نظريا إجراء من شأنه تهدئة الصعوبات؛ لأنه يزيد آليا من قيمة العائدات المتأتية من مبيعات المحروقات، التي يحدد سعرها بالدولار، بعد تحويلها إلى روبل. والأربعاء أعلن رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف أن الحكومة تحضر إجراءات لمواجهة الأزمة ودعم الاقتصاد، وتعدّ ضرورية؛ "نظرا للطريقة التي تطور فيها الوضع في الأسابيع الثلاثة الماضية".
وسبق أن أقرت الحكومة الروسية بأن الاقتصاد سيواصل
تباطؤه على وقع السعر الراهن لبرميل النفط، مع ضرورة إجراء اقتطاعات في الموازنة.
وكثفت الحكومة اجتماعاتها في الأيام الأخيرة؛ لإيجاد موارد مالية إضافية، مع مواصلتها التقديمات الاجتماعية ومساعدتها للقطاعات الأكثر تعثرا، مثل السيارات والبناء.
وأقر الرئيس فلاديمير بوتين -الذي كان يتحدث أول من أمس الأربعاء أمام رجال أعمال تزامنا مع التراجع التاريخي للروبل أمام الدولار- بأن العامين الماضيين كانا صعبين "بالنسبة إلى كل القطاعات".
والانكماش الذي تشهده روسيا أدى إلى تراجع القدرة الشرائية لدى الروس واستهلاكهم بعد سنوات من النمو الكبير الذي سجل بعد وصول بوتين إلى السلطة بفضل عائدات النفط.