نشرت مجلة سلايت الفرنسية تقريرا حول دور
حزب الله اللبناني في الصراع السوري، وقالت إن هذا الحزب شهد تراجعا كبيرا في شعبيته، سواء في لبنان أو الشرق الأوسط؛ بسبب وقوفه ضد الثورة السورية والمشكلات التي جلبها للبنان والخسائر التي تكبدها.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن حزب الله الذي تأسس قبل ثلاثة عقود كامتداد للطموحات الإيرانية في المنطقة بعد ثورة 1979، يشهد تغيرا في موقعه في المشهد السياسي اللبناني والإقليمي في الفترة الأخيرة، حيث إن 70 في المئة من سكان المنطقة، والعديد من الحلفاء السابقين لحزب الله مثل حركة حماس، لم يعودوا ينظرون لهذا الحزب على أنه نموذج للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن تحول إلى مليشيا شيعية لا تختلف في شيء عن جيش المهدي في العراق وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، حيث اجتمعوا كلهم على قمع تطلعات السنة في
سوريا والعراق.
ونقل التقرير عن "ديديي لوروا"، الباحث الفرنسي المهتم بحزب الله، قوله: "من الواضح أن حزب الله لم يعد يتمتع بالشعبية ذاتها التي كان يتمتع بها في سنة 2006، وقد تغيرت الأمور كثيرا خلال السنوات الثلاث الأخيرة في لبنان، حيث تعرض الحزب لانتقادات لاذعة بسبب قراره الأحادي بالتدخل في سوريا، رغم أنه يتذرع بعمله على إبعاد التنظيمات المتشددة وحماية لبنان".
كما نقل التقرير عن لقمان سليم، الناشط السياسي الشيعي اللبناني، قوله إن "حزب الله يستغل عامل الخوف لدى اللبنانيين من أجل الحد من تدهور شعبيته، وقد استفاد كثيرا من صعود تنظيم الدولة الذي ارتكب مجازر بشعة ضد الأقليات والأجانب في سوريا، وهو ما غذى دعاية الحزب ومخاوف الناس من التنظيمات التكفيرية".
وذكر التقرير أنه رغم تمسك حزب الله بدعاية التخويف من التكفيريين، ورغم أن 79 في المئة من
الشيعة يساندون تدخله في سوريا، إلا أن 81 في المئة من عامة اللبنانيين يعتقدون أنه يجر البلاد نحو وجهة خاطئة، و50 في المئة من اللبنانيين يعتقدون أن تدخله العسكري في سوريا كان له تأثيرات سلبية على العلاقات بين الطوائف في لبنان.
كما أن شعبية قائد الحزب حسن نصر الله أيضا لم تعد محل إجماع بين اللبنانيين، و38 في المئة من الشيعة في لبنان أصبحوا يعتقدون أن الحزب لم يعد لديه زعيم حقيقي قادر على ضمان مستقبل الطائفة الشيعية.
وأشار التقرير إلى تزايد الامتعاض داخل الأوساط الشعبية في لبنان من دور حزب الله في سوريا، بالإضافة إلى أزمة النفايات في الصيف الماضي، التي أدت إلى اندلاع احتجاجات ضخمة في بيروت ضد غياب دور الحكومة، كما أن بعض سكان الضاحية الجنوبية بدأوا يشتكون من غياب الماء والكهرباء ومن تقصير حزب الله الذي يستغلهم كخزان للحروب".
وأورد التقرير أن أغلب التقديرات تشير إلى أن تكلفة مساندة الحزب لبشار الأسد بلغت إلى حد الآن ما بين 1200 و1500 قتيل، من أصل 5000 من مقاتلي حزب الله الذين التحقوا بصف الأسد منذ سنة 2012، أي ما يعادل الربع.
كما ذكر التقرير أن حزب الله لم تعد له القدرة على الاستقطاب من داخل الأوساط الشيعية كما كان يفعل في الماضي، لذلك التجأ في الفترة الأخيرة إلى تجنيد بعض الفلسطينيين من سكان مخيم اليرموك في سوريا، وبعض السنة من الطبقات الأكثر فقرا في صيدا وطرابلس في لبنان، وهو ما يعكس تراجع الدعم الشعبي له بين الأوساط الشيعية، وفي الوقت ذاته رغبته في الحد من الخسائر في صفوف مقاتليه المحترفين.
وأشار التقرير أيضا إلى أن أحد تبعات تدخل حزب الله ضد الثورة السورية، هو تدهور الأوضاع الأمنية في لبنان منذ سنة 2013، خاصة في الضاحية الجنوبية التي تعتبر معقل الحزب، حيث تعرضت هذه المنطقة في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي إلى عملية انتحارية أدت إلى وقوع 40 قتيلا، وقد تعرضت هذه الضاحية في الجملة إلى 11 هجوما مسلحا، بعد أن كانت في الماضي توصف بأنها غير قابلة للاختراق الأمني، وأدت هذه الهجمات منذ تموز/ يوليو 2013 إلى مقتل 120 مدنيا وجرح 1050، بحسب تقارير الصليب الأحمر اللبناني.
كما نقل التقرير عن ديديي لوروا، قوله إن "أهم خسارة لحقت بحزب الله من تدخله إلى جانب نظام الأسد هي خسارته "لسبب وجوده"، وهو
المقاومة ضد إسرائيل، وهو ما سيؤدي في المستقبل إلى تراجع قوة هذا الحزب الذي تعصف به انقسامات داخلية كبيرة؛ لأنه يخوض حربا ضد مقاتلين عرب ومسلمين وليس ضد الجنود الصهاينة".
وأشار التقرير إلى أن أحد أخطر تأثيرات تدخل حزب الله في سوريا، هي تعميق الشعور الطائفي وتفوقه على الانتماء الوطني في المنطقة، بما يخدم مخططات إيران الإقليمية ومساعيها لقيادة محور شيعي. فبحسب استطلاعات للرأي أجرتها جمعية "هيا بنا" اللبنانية، يعتبر 62 في المئة من شيعة لبنان أن "الحوثيين في اليمن والعلويين في سوريا والشيعة في العراق يقاتلون من أجل تحقيق القضية ذاتها".