شن الإعلامي والكاتب الصحفي المصري، إبراهيم عيسى، هجوما حادا ومفاجئا، على
مجلس النواب الجديد، الذي يمثل برلمان ما بعد الانقلاب، ووصفه بأنه جاء بأصوات "قطاع صغير محدود من الشعب، كان مدفوعا بحملات التخويف، وبث الذعر"، ومحذرا من أن شكل البرلمان بأدائه من اليوم الأول يهدد استقرار البلد، على حد وصفه.
جاء ذلك في مقال بعنوان: "الزمبلك حيفوت"، نشره "إبراهيم عيسى"، بجريدته "المقال"، التي يرأس تحريرها، الثلاثاء.
وفي البداية قال عيسى: "ليكن واضحا، هذا برلمان الخمسة وعشرين في المئة الذي انتخبوه، ذهبوا مشكورين لصناديق الاقتراع، بينما قرر خمسة وسبعون في المئة من المصريين "تنفيض يدهم" من انتخابات برلمان بدا واضحا أن أجهزة الدولة لا تريده إلا هجينا أو ضعيفا أو عنينا، لكنه على العموم جاء كما رأيناه من اللحظة الأولى محبطا ومؤسفا وبائسا".
وأضاف عيسى: "لننتبه إلى أن هذا البرلمان جاء بأصوات الشعب ليس بأحد آخر، لكنه قطاع صغير محدود من الشعب كان مدفوعا بحملات التخويف وبث الذعر من برلمان حقيقي يناقش الرئيس، ويختلف معه، ويوافقه، ويضع مصلحة البلد فوق الأشخاص.. حملات تخويف وبث ذعر وتلويث سمعة واغتيال شخصيات وتيارات ممن آمنت بالديمقراطية الحقة".
وتابع: "استجاب ربع الجمهور لهذه الحملات المنظمة الإعلامية والأمنية التي دعت الناس إلى الاصطفاف للإتيان بمجلس موافقة وتأييد ومبايعة، فها هو قد جاء بفوضاه وارتجاله وعشوائيته، وضعف شديد في بنيته السياسية، وكراهية كثير من أعضائه للدستور، ولثورة يناير، في تعبير مذهل عن الإخلاص للأجهزة الأمنية، وليس للناخب الذي يدين له النائب بالولاء".
ووصف عيسى "الأجهزة التي أتت بهؤلاء، وأودعتهم ائتلافا، وأدخلتهم أحزابا لا تدرك، لقصور وعي كامل لديها"، بأنها "تخرب الاستقرار الذي تدعي لنفسها فضيلة الحفاظ عليه".
وعلق إبراهيم عيسى على هذا التصور، قائلا إنه "تصور بائس للأجهزة الأمنية لم تغيره منذ عهد مبارك، وواضح جدا أن الرئيس
السيسي لم يطالبها بأن تغيره، ولا هو منزعج من ذلك الأسلوب البائد، الذي تلتزم به أجهزة فشلت في كل عهد في الحفاظ على هذا العهد.. تصور قائم على أنها تحتاج إلى عساكر أمن مركزي في البرلمان والأحزاب والإعلام، ويمكنها هؤلاء العساكر من تنفيذ مخططاتها، وهي كالعادة مخططات تقليدية بليدة تتوهم أنها تستطيع أن تمسك بمفاتيح البلد، وتتحكم في صواميله، بترويض المشاكس، وتأديب المخالف، والتشهير بالمعارض، وتشويه المختلف".
واستطرد بأن المشكلة أنها (هذه الأجهزة) لم تنجح بهذا السيناريو إطلاقا في 2010، فإذا بها تكرره الآن بحذافيره، صحيح دون تزوير.. "كويس قوي اشربوا بقي".
ووصل الإعلامي إلى أن "شكل البرلمان بأدائه من اليوم الأول يهدد استقرار البلد، بل سيتحول بفوضاه، وضعف كوادره، وعبث البعض فيه إلى عبء مذهل على الرئيس".
وواصل عيسى حملته على الأجهزة الأمنية فقال: "الأجهزة التي ترتدي فرو الدببة على مكاتبها تظن أنها قادرة على الإمساك بزمبلك الحياة السياسية والبرلمانية والإعلامية، وتديره كما يحلو لها".("الزمبلك" هو أداة التحكم في ألعاب الأطفال).
وعلق عيسى قائلا: "حسنا.. أداء البرلمان يؤكد أن الزمبلك ح يفوت".
ثم تساءل: إلى متى سيتحمل البلد هذا السير في الطريق السياسي الخاطئ؟
وأجاب: "القصة كلها أننا بلد التعليمات، والأوامر، والتوجيهات".
واختتم مقاله قائلا: "هذه الأجهزة لم تتلق من الرئيس ما يفيد أن ثورتين حقيقيتين (بحسب وصفه) قد جرتا على أرض هذا البلد، وأن الدستور المصري يجب احترامه، وتطبيقه، وتفعيله، ومن ثم فهي تمضي في نفس السبيل.. نفس الذي تعلمته كدولة أجهزة، بأداء بوليسي، وتجفيف للسياسة، وتجنيد للخدم"، على حد تعبيره.