دعا سفيرا بريطانيا وفرنسا في
الأمم المتحدة، الاثنين، إلى إنهاء كل عمليات الحصار المفروضة على مناطق في
سوريا، في وقت دخلت قافلة مساعدات غذائية وطبية إلى بلدة
مضايا الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف دمشق، والتي يعاني سكانها من الجوع، في الوقت الذي اعترفت فيه الأمم المتحدة بوجود
مجاعة في منطقتين محاصرتين بسوريا.
ومن ناحيته، قال السفير السوري إبراهيم الجعفري إنه لم يمت أي مدني جوعا في مضايا، خلافا لما أعلنته الوكالات الإنسانية.
وبدأ مجلس الأمن مشاورات مغلقة حول هذا الملف في نيويورك، في حين وصلت قافلة المساعدات إلى مضايا بالقرب من دمشق.
وتفرض قوات النظام السوري منذ ستة أشهر حصارا محكما على أكثر من أربعين ألف شخص في مضايا، تسبب بوفاة نحو ثلاثين منهم جوعا.
وقال السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة ماثيو رايكروفت "إن تجويع المدنيين تكتيك غير إنساني يستخدمه نظام الأسد وحلفاؤه".
وأضاف في بيان قائلا: "كل عمليات الحصار يجب أن ترفع؛ لإنقاذ أرواح مدنية، ودفع سوريا بشكل أقرب إلى السلام".
أما السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر، فقال إن فرنسا طالبت بإجراء هذه المشاورات بالتعاون مع إسبانيا ونيوزيلاندا؛ "لإبلاغ العالم باستعمال الجوع كسلاح رعب ضد المعدمين".
وأضاف: "آمل أن يتمكن مجلس الأمن من توجيه رسالة موحدة وحازمة بهذا الخصوص".
وتحاصر قوات النظام والمسلحون الموالون لها قرى عدة في ريف دمشق منذ أكثر من سنتين، لكن تم تشديد الحصار على مضايا قبل حوالى ستة أشهر مع بدء حزب الله اللبناني، حليف النظام السوري، هجوما واسعا على مدينة الزبداني المجاورة، وتمكنه من السيطرة على أجزاء منها.
وأوضح السفير الفرنسي أن "المحادثات السورية السورية لا يمكن أن تستأنف دون تحسين وضع المدنيين". وقال أيضا إنه لا يمكن أن نطلب من ممثلي المعارضة السورية "التفاوض مع ممثلين عن النظام في الوقت الذي يقتل فيه النظام أطفالهم".
ومن ناحيته، اعتبر سفير نيوزيلندا جيرارد فان بوهيمين أن "التكتيك القائم على محاصرة وتجويع الناس هو أحد المميزات المرعبة للنزاع السوري".
وأوضح أن وصول قافلة مساعدات إلى مضايا "أمر مشجع، ولكنه ليس إلا بداية، ويجب تأمين ممر إنساني دائم دون أي عوائق".
وأكد السفير السوري إبراهيم الجعفري أنه "لا توجد مجاعة في مضايا". وأكد أن "الحكومة السورية لا تنتهج ولن تنتهج سياسة تقوم على تجويع شعبها".
وأوضح أن الحكومة أقرت في تشرين الأول/ أكتوبر توزيع المساعدات في مضايا، التي كان يجب أن تستمر لأكثر من شهرين، ولكن "الإرهابيين في داخل المدينة" سرقوا المواد الغذائية.
وأشار إلى أن المعلومات المتعلقة بالمجاعة تهدف إلى "شيطنة" نظام بشار الأسد و"ضرب" مفاوضات السلام المقبلة، التي ستبدأ في 25 كانون الثاني/ يناير في جنيف، متهما السعودية وقطر باللجوء إلى "هذه الاتهامات والأكاذيب".
ومضايا واحدة من أربع مناطق سورية مع الزبداني والفوعة وكفريا الواقعتين في شمال غرب البلاد، تم التوصل إلى اتفاق بشأنها في أيلول/ سبتمبر بين الحكومة السورية والفصائل المقاتلة ينص على وقف لإطلاق النار وإيصال المساعدات وإجلاء الجرحى. ويتم تنفيذ الاتفاق على مراحل عدة.
الأمم المتحدة تعترف بالكارثة
وفي السياق ذاته، قال مسؤول كبير بالأمم المتحدة إن عمالا بالأمم المتحدة ووكالة إغاثة شاهدوا أشخاصا يتضورون جوعا في منطقتين سوريتين محاصرتين، حيث وصلت مواد إغاثة الاثنين.
وكانت قافلة إغاثة دخلت بلدة مضايا، حيث تحاصر قوات الحكومة آلاف الأشخاص منذ أشهر دون إمدادات، وأفادت تقارير بأن أشخاصا لقوا حتفهم من الجوع.
وقال يعقوب الحلو منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا، وهو في مضايا للإشراف على العملية، إنه تلقى تقارير أيضا -لم يتسن تأكيدها- تشير إلى أن 40 شخصا على الأقل لقوا حتفهم من الجوع.
وقال الحلو لرويترز عبر الهاتف من مضايا: "لقد رأينا بأعيننا أطفالا يعانون سوء التغذية الحاد. أنا متأكد أن هناك أشخاصا أكبر سنا يعانون سوء التغذية أيضا، وصحيح أنهم يعانون سوء التغذية، ومن ثم توجد مجاعة، وأنا واثق أن الشيء نفسه ينطبق على الجانب الآخر في
الفوعة وكفريا."
والفوعة وكفريا قريتان يغلب على سكانهما الشيعة، وتحاصرهما فصائل المعارضة، واستقبلتا أيضا مساعدات إغاثة ضمن قافلة الاثنين.