أكد مستشار معهد واشنطن دينيس روس، الدبلوماسي الأمريكي المعروف بـ"رجل السلام" في الشرق الأوسط، أن المملكة العربية
السعودية والولايات المتحدة تعدان شريكتين، وليس حليفتين، وألقى نظرة سريعة في مقالة له بمعهد واشنطن على تطور العلاقة بين أمريكا وإيران وبدء تخليها عن حليفها السعودي، واصفا هذا التطور بـ"اللحظة الحساسة"، والأسباب التي جعلت السعودية تطلق صفارة الإنذار أمام تزايد التهديد
الإيراني لها، خاصة بعد الاتفاق النووي مع أمريكا.
وقال روس إن حلفاء الولايات المتحدة عادة ما يتشاركون قيما معها، وليس فقط مصالح، ولكن ما يجمع الولايات المتحدة بالسعوديين هو مصالح مشتركة وتهديدات مشتركة. في الواقع، على مر السنوات، كل من هدد السعوديين هدد الأمريكيين أيضا، والعكس صحيح.
ونوه إلى أنه خلال الحرب الباردة، جعلت المعارضة الحازمة للشيوعية من المملكة العربية السعودية شريكا طبيعيا للولايات المتحدة في تنافسها مع السوفيات. فالسعوديون كانوا يعتبرون الدعم السوفياتي لخصومهم الإقليميين، سواء مصر في عهد جمال عبد الناصر أو ليبيا في عهد معمر القذافي، مصدر تهديد لهم. وكانت الولايات المتحدة تعتبر المملكة العربية السعودية قوة تساهم في الاستقرار الإقليمي، سيما أنها قد تدعم ماليا دولا أخرى مؤيدة للغرب مثل الأردن. إلا أن الولايات المتحدة اعتبرت كذلك المملكة العربية السعودية مصدرا أساسيا لإمدادات النفط المستقرة.
وأوضح روس أن القيم لم تدخل في المعادلة؛ حيث جرت منذ اعتداءات 11 أيلول/ سبتمبر، وبالطبع مع بروز تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، بعض المناقشات مع قادة سعوديين حول الامتناع عن تمويل المدارس التي تروج لتفسير متشدد وقاس وسلفي عن الإسلام.
وأشار إلى أن السعوديين بدورهم مهددون اليوم من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية"، ويحاولون اجتثاث أتباعه من داخل المملكة. ولكن كما يُظهر النزاعان في
سوريا واليمن، وكما يوضح اليوم قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، ينظر السعوديون إلى الإيرانيين ووكلائهم من المليشيات الشيعية أبرز مصدر تهديد لهم. وقد أصبح السعوديون اليوم أكثر استعدادا بكثير لتحدي هؤلاء، خصوصا في أعقاب الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران. ويعتبر السعوديون أن إدارة أوباما غير مستعدة لتحدي الإيرانيين، ويقلقون من كيفية استغلال إيران لرفع العقوبات الذي ستحصل عليه قريبا.
واستدرك روس بالقول: "في الواقع، من خلال إعدامهم أبرز شيخ شيعي سعودي في خطوة استفزازية، رسم السعوديون الخط الأحمر مع إيران، بما أنهم يشككون باحتمال قيام الولايات المتحدة بذلك؛ لأسباب مبررة، لا تريد إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن تشهد تدهورا للنزاعات السنية-الشيعية في المنطقة. ولكن هل يشكل السعوديون المصدر الوحيد لهذه النزاعات؟ أو أن إيران أدلت بدلوها أيضا في كل من العراق وسوريا والبحرين واليمن من خلال تأجيج حدة هذه النزاعات إلى حد كبير؟ وهل ستقدم إيران دعما ماديا إضافيا لوكلائها متى رُفعت العقوبات عنها؟ إن جميع أصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة تقريبا، بمن فيهم العرب والإسرائيليون، مقتنعون بأن إيران ستقوم بذلك، وهم يترقبون كيفية رد الولايات المتحدة على ذلك".
ووصف روس ابتعاد الولايات المتحدة عن المملكة العربية السعودية بـ"اللحظة الحساسة"، إذ إنه سيطرح أسئلة إضافية لدى حلفاء أمريكا التقليديين في الشرق الأوسط، وقد يضلل الإيرانيين من خلال جعلهم يعتقدون أن الولايات المتحدة لن تخضعهم للمساءلة بشأن الاتفاق النووي أو سلوكهم الإقليمي.
وخلص إلى القول إنه: "على السعوديين أن يعوا أيضا أن الالتزامات الأمريكية المستقبلية لصالح الأمن السعودي قد تتأثر على الأرجح بالمدى الذي تسعى فيه المملكة العربية السعودية على ما يبدو إلى تأجيج حدة النزاعات الحالية، عوضا عن احتوائها أو حلها".