في تصعيد سوداني تقابله تهدئة
مصرية، أكد وزير الخارجية
السوداني، إبراهيم
الغندور، أن منطقة "حلايب وشلاتين"، على الحدود المصرية - السودانية، هي منطقة سودانية.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي جمع بين الغندور ونظيره المصري
سامح شكري في القاهرة، لدى زيارة الأول لها، الجمعة.
وردا على سؤال حول المنطقة، أجاب الغندور: "قضية حلايب ظهرت بين السودان ومصر في 9 شباط/ فبراير عام 1958، بعد الاستفتاء على الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا، ثم تلا ذلك إقامة الانتخابات السودانية في ذلك التاريخ، ثم بدأت القوات المصرية في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بدخول "حلايب وشلاتين".
وأضاف الوزير السوداني أن السودان تقدمت بطلب لمجلس الأمن لإخراج الجنود المصريين منها، ولكن مصر طلبت من السودان سحب طلبها من مجلس الأمن، وبالفعل وافقت السودان، فسحبت مصر جنودها من "حلايب وشلاتين".
وأشار الغندور إلى أن السودان، وحفاظا على حقوقه التاريخية، ظل يجدد هذه الشكوى سنويا، مؤكدا أنه ليس هناك شكوى جديدة إنما هي شكوى قديمة يجددها السودان سنويا لأن عدم تجديدها يعني سحبها، مشددا على أنه لا سبيل لحل هذه القضية إلا بالحوار بيننا، وهذا ما اتفقنا عليه، وحينها لن تكون هذه القضية طارئة.
وأشار إلى أنه تابع وقرأ في الكثير من أجهزة الاعلام هنا وهناك أن هناك شكوى جديدة ضد مصر، مختتما حديثه بالقول إنه لا حل لمشكلة "حلايب وشلاتين" إلا بالمفاوضات.
ومن جانبه، قال سامح شكري: "أزكي ما تفضل به وزير الخارجية السوداني من شرح لقضية على زمن طويل من التناول، وبالتأكيد: الروح والعبارات التى تناولها أنما تؤكد مرة أخرى طبيعة العلاقة التي تربط بين البلدين، والابتعاد كل الابتعاد عن أي موضع لإثارة الرأي العام أو إعطاء انطباع يؤدي إلى الانتقاص من قوة العلاقات بيننا فهذه أمور شكلية، وأيضا يتم تناولها من قبل مصر فى نفس الإطار، ولا تنتقص إطلاقا من الاعتزاز بكل من الجانبين لبعضهما البعض".
وأضاف شكري: "لدينا تحديات عديدة وهناك توافق ووضوح في الرؤي لدى القيادتين السياسيتين واتفاق على أن نزكي دائما المواضع التى نستطيع أن نخدم فيها مصلحة الشعبين التى عليهما أن يشعرا بعوائد مباشرة وتحديات في التنمية الاقتصادية في مواجهة المخاطر الدولية والإقليمية التي تحيط بنا، ولها أولويتها".
وكان وزير الخارجية المصري استهل المؤتمر قائلا إنه كانت هناك جلسة مباحثات ثنائية ثم تم عقد جلسة مشاورات سياسية في وجود وفدي البلدين تم خلالها تناول العلاقة الخاصة والمميزة التي تربط بين شعبي وادي النيل، كما تم تناول مختلف القضايا الثنائية، مضيفا أنه كان هناك تطابق واهتمام بأن تكون العلاقة قائمة على الشقافية المطلقة، ومراعاة احتياجات كل طرف للآخر.
وأوضح شكري أنه بحث مع الوزير السودانى مجمل الأوضاع الاقليمية فى الإطار العربي والأفريقي والعلاقات مع الأشقاء، في مقدمتها إثيوبيا وشريان النيل الذي يربط الدول الثلاث والتوافق حول العديد من القضايا، ومن ضمنها سد النهضة واعتبار تلك الأمور تزيد علاقاتنا بين الدول الثلاث.
وقال مراقبون إن تصريح وزير الخارجية المصري يعد بمثابة تهدئة مؤقتة للمشكلة المثارة منذ سنوات، والتي يتجدد الحديث عنها عند أي توتر تشهده علاقات مصر والسودان في أي ملف.
وقالوا إن إثارة الوزير السوداني للقضية يعني أن هناك توترا في العلاقات بين البلدين، مرجحين أن السودان يستغل أن مصر في أزمة مع إثيوبيا، على خلفية سد "النهضة"، وأنها لا تستطيع أن تفتح مواجهة إضافية مع السودان، في ظل احتياجها للسودان في مواجهة إثيوبيا، ما استغله السودان بذكاء لتمرير رسالة أن "حلايب وشلاتين سودانية"، دون أن ينبس الوزير المصري ببنت شفة، أو يحدث تصعيد مصري مضاد.
وكان الرئيس السوداني عمر حسن البشير كرر في حواره مع "قناة العربية" في مطلع كانو الأول/ ديسمبر الماضي، إصرار دولته على التحرك الأممي ضد مصر ردا على قيام الأخيرة بعقد الانتخابات البرلمانية في منطقة مثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد المتنازع عليه بين الدولتين.
وأتى إعلان البشير بعد أيام من تقدم دولته بشكوى ضد مصر في مجلس الأمن الدولي.
وشدد "الغندور" نفسه في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، في خطاب له أمام برلمان بلاده، على كون "حلايب وشلاتين سودانية مئة بالمئة"، وخيّر مصر في خطابه بين التنازل عن المثلث الحدودي بالتراضي أو بقوة التحكيم الدولي والقرارات الأممية.
وكانت السودان أعلنت ضم منطقة حلايب وشلاتين وأبو رماد كدائرة انتخابية في نهاية العام قبل الماضي، حين أعلنت مفوضية الانتخابات السودانية، أن منطقة حلايب ظلت دائرة انتخابية سودانية منذ عام 1953، وأنه سيجري عقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية السودانية فيها.
ويقع مثلث حلايب وشلاتين وأبورماد في الركن الجنوبي الشرقي من الأراضي المصرية، على مساحة 20 ألف كيلو متر مربع، ويضم محمية جبل علبة الطبيعية، وتقطن بها قبيلتا العبابدة والبشارية.
وتشير الدراسات الجيولوجية والجغرافية إلى غنى المنطقة بخام المنجنيز النقي عالي الجودة، الصالح لإنتاج كيماويات الماغنيسيوم غير العضوية، مثل كبريتات وكلوريد الماغنيسيوم، إضافة إلى استخدام الماغنيسيوم في صناعة الأسمدة.