كشف رئيس مجلس أمناء "مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية"، عالم الاجتماع السياسي، الدكتور سعد الدين إبراهيم، أن هناك أربع وقائع تدل على غباء نظام حكم رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، متسائلا عمن يحكم
مصر بالضبط: السيسي أم جهاز الأمن الوطني، ("أمن الدولة" المنحل سابقا)، وفق تساؤله.
جاء ذلك في أحدث مقال له بجريدة "المصري اليوم"، السبت، تحت عنوان: "هل هو غباء نظام السيسي أم عودة الدولة العميقة؟!
وأوضح إبراهيم أنه تعمد استخدام كلمة غباء في عنوان المقال، "لأن الغبي هو الذي لا يتعلّم من أخطائه، ولا يستفيد من تجاربه السابقة.. بل أدهى من ذلك أن يترتب على هذا الغباء إفشال سياساته المُعلنة، وتشويه صورة النظام في الخارج، وتقويض شرعيته في الداخل"، وفق وصفه.
وعد إبراهيم أن أول وقائع غباء نظام السيسي، هو اعتقال مندوبي قناة الجزيرة، المصري الكندي محمد فهمي، والأسترالي بيتر جريسته، فيما عُرف وقتها (2012) بخلية فندق "الماريوت".
وأشار إلى أن اعتقالهما كان "مأساة وملهاة، دفع النظام المصري الحاكم بسببه ثمنا سياسيا وأدبيا فادحا، واضطر في النهاية إلى التراجع، وأن يفرج عن الصحفيين الأجانب تحت ضغط الإدانات الدولية".
واندهش إبراهيم من أن "أي عاقل، سواء في السلطة أو بالقرب منها، يتصور أن يكون النظام الحاكم قد تعلم الدرس، ولكن هيهات، فقد ارتكب الحماقة نفسها مرتين في السنة الأخيرة (2015)".
وهنا أشار إلى أن الحماقة التالية لنظام السيسي كانت حين أمر بالقبض على أحد أكبر رجال الأعمال المصريين، وهو المهندس صلاح دياب، عند الفجر في غرفة نومه، مشيرا إلى آثار سلبية وخيمة ترتبت على اعتقاله، على الاستثمار في مصر.
والحماقة الثالثة لنظام السيسي، بحسب سعد الدين إبراهيم، كانت حين أمر بوضع اسم الناشط الحقوقي حسام بهجت على قوائم ترقب السفر أو الوصول من وإلى كل الموانئ المصرية.
أما الواقعة الرابعة لغباء نظام السيسي فأوضحها إبراهيم بقوله: "يبدو أن الغباء السياسي نفسه يتجلى في قضية المفكر الإسلامي، إسلام البحيري، الذي أخذ دعوة الرئيس السيسي بضرورة تجديد الفكر الديني، مأخذ الجد، وبدأ باجتهاداته، في هذا الصدد من خلال برنامج تليفزيوني، عنوانه مع إسلام، فإذا بالكهنة في الأزهر ينتفضون، ويتهمون إسلام البحيري بالجهل، والضلال. وبدلا من أن يسوقوا حججهم المضادة، ضغطوا على حكومة السيسي، فأوقفت القناة التلفزيونية برنامج مع إسلام".
وبعد سرد هذه الوقائع الأربع لغباء نظام السيسي، وفق حصره، تساءل إبراهيم: من بالضبط يحكم مصر؟ هل هي رئاسة الجمهورية، في قصر الاتحادية، أم هي وزارة الداخلية في حي لاظوغلي؟
وتابع: "إن كانت هي الرئاسة في الاتحادية، بمصر الجديدة، فلابد من معرفة من يُحيطون بتلك الرئاسة، ومن يُقدمون إليها المعلومات، وكيفية اتخاذ القرار".
وأردف: "إن إلحاح تلك الأسئلة مصدره ما أشيع عن أن الرئيس السيسي هو رجل مُخابرات سابق، وأنه ما زال يعتمد على الجهاز الذي خدم فيه سنوات عدة".
وواصل حديثه: "أما إذا كان القرار في وقائع صلاح دياب وحسام بهجت وإسلام البحيرى، من جهاز الأمن الوطني (مباحث أمن الدولة سابقا)، فإن ذلك معناه أن ما يسمى بالدولة العميقة ما زالت هي المُهيمنة على اتخاذ القرار".
واستطرد أنه: "ضمن ما يُقال في هذا إن وزارة الداخلية - التي كانت قد فقدت هيبتها خلال ومنذ ثورة 25 يناير 2011 - قد انتهزت فُرصة الحرب على الإرهاب، والمواجهة مع الإخوان المسلمين، لكي تستعيد هيبتها المفقودة".
واختتم مقاله بالقول: "نحن ممن يؤيدون، بل يطالبون، بأن تستعيد كل مؤسسات الدولة هيبتها، ولكن استعادة تلك الهيبة لا ينبغي أن تكون بانتهاك حقوق الإنسان، أو بتجاوز الضمانات التي نص عليها الدستور، الذي هو في البداية والنهاية الدرع التي تحمي الوطن والمواطنين"، وفق قوله.
يذكر أن سعد الدين إبراهيم دعا أكثر من مرة إلى عقد مصالحة وطنية شاملة في مصر، تشمل نظام حكم السيسي، وجماعة الإخوان المسلمين، كما هاجم البرلمان المقبل بمصر، وقال إن الصوت الصاخب في الانتخابات كان صوت المقاطعة، والسبب في ذلك "خيبة أمل كثير من المصريين في أداء النظام"، وفق قوله.