"تصفية الحساب"، هي سياسة قديمة جديدة يعتمدها الاحتلال
الإسرائيلي في التعامل مع أعدائه؛ خاصة ممن ساهموا بشكل مباشر أو غير مباشر في قتل الإسرائيليين، حيث أكد خبراء أن تصفية القيادي البارز في
حزب الله اللبناني، الأسير المحرر سمير
القنطار، يأتي في هذا السياق، ليبقى السؤال؛ لمن ستكون الضربة الإسرائيلية المقبلة؟
سنوات طوال جمعت بين القنطار والاحتلال الإسرائيلي، حيث أطلق سراح القنطار ضمن صفقة تبادل للأسرى مع حزب الله عام 2008، وذلك بعد 30 عاما قضاها في السجون الإسرائيلية، بتهمة قتل أربعة مستوطنين إسرائيليين عندما كان عمره لا يتجاوز عمره 16 عاما، إذ حكم عليه بالسن مدى الحياة.
وأعلن حزب الله اللبناني مقتل القنطار بغارة إسرائيلية على مبنى في العاصمة السورية صباح الأحد، ونعاه شقيقه بسام القنطار على صفحته على "فيسبوك" بقوله: "ننعي بفخر استشهاد الزعيم سمير قنطار ونتشرف بانضمامه لعائلات الشهداء"، بحسب وصفه.
ولم تعلن "إسرائيل" مسؤوليتها عن مقتل القنطار، لكنها رحبت بمقتله.
ويؤكد الخبير في الشأن الإسرائيلي، عدنان أبو عامر، أن
اغتيال سمير القنطار في دمشق يأتي في إطار "تصفية الحساب مع كل من قتل الإسرائيليين في السابق"، لافتا إلى أن "عملية اغتيال القنطار؛ هي جزء من سياسية إسرائيلية قديمة جديدة".
وأضاف لـ"
عربي21": "دولة الاحتلال تعلم جيدا أن الإفراج عن القنطار من خلال صفقة تبادل مع حزب الله كان رغما عنها"، مرجحا أن يكون لعملية الاغتيال هذه "تبعات وعواقب كبيرة في المنطقة؛ لأن الاحتلال لديه قناعة كبيرة أن حزب الله اللبناني، لن يرد عليها في هذه المرحلة"، بحسب قوله.
وأشار أبو عامر إلى أن الاحتلال لديه "حسابات مفتوحة مع كل من قتل إسرائيليا في السابق؛ وهذا بالضرورة قد يشمل أسرى فلسطينيين محررين في صفقات تبادل سابقة".
وحول الدور الروسي في مثل هذه الظروف، أوضح أن "روسيا ليس من مصلحتها نشوب حرب بين حزب الله وإسرائيل"، ورأى أن روسيا "ستمارس الضغوط على حزب الله وإيران من أجل ابتلاع هذه العملية وعدم الرد على الاحتلال الإسرائيلي".
وفاء الأحرار
من جهته، يرى المحلل السياسي، ناجي شراب، أن تصفية القنطار هو "رسالة قوية وعميقة جدا من إسرائيل لحزب الله؛ بأنها مستعدة لأية مواجهة عسكرية محتملة في المنطقة".
وأضاف لـ"
عربي21": "التوقيت الذي اختاره الاحتلال يأتي في سياق الاستفادة من حالة الانقسام والتداخلات والضعف السوري، لقياس قوة الرد لدى حزب الله وآلياته وكيفيته"، موضحا أن هذه العملية جاءت مثل "بالون اختبار" لتحديد خيارات المواجهة العسكرية مع حزب الله.
وفي إطار توقعاته للرد، أكد شراب أن حزب الله لن يفوت فرصة الرد بالقوة العسكرية والمواجهة الميدانية مع الاحتلال، مستندا في ذلك إلى "سياسة القوة ومصداقية الفعل الذي يتبناه الحزب منذ نشأته".
وقال: "أتوقع مزيدا من الخيارات الإقليمية التصاعدية على مستوى المنطقة". ولم يستبعد شراب قطاع غزة من تلك المواجهة العسكرية.
وفيما يتعلق بتداعيات الاغتيال على الأسرى أو المحررين، أكد شراب أن التداعيات خطيرة خاصة في "ظل العنجهية الإسرائيلية والعقلية المتمردة التي لا تقيم وزنا للمواثيق والمعاهدات والالتزامات الأخلاقية".
وتابع: "الاحتلال في هذا الجانب يعتمد على محرك الأمن؛ فهو من يحكم سلوكها مع مختلف القضايا وليس الأسرى فحسب"، مبينا أن الاحتلال "يتعامل مع الأسير المحرر كخطر أمني، ولذلك لن تتورع في ارتكاب المزيد من الاغتيالات بحقهم".
الحساب قادم
ولفت شراب، إلى سلوك الاحتلال مع الأسرى الفلسطينيين الذين حرروا بموجب صفقة وفاء الأحرار إذ أعاد اعتقال كثير منهم، وضاعف الأحكام لدى آخرين لضمان عدم تهديدهم لأمنه.
من جانبه، أكد رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى، الأسير المحرر عبد الناصر فروانة، أن "عملية اغتيال القنطار تحمل في طياتها رسالة لكل الأسرى المحررين؛ ممن شارك في مقاومة الاحتلال؛ مفادها أن الحساب قادم مهما طال الزمن".
وأضاف لـ"
عربي21": "ما يقوم به الاحتلال هو مؤشر خطير؛ حتى في ظل صفقات التبادل التي تبرم بين طرفي الصفقة برعاية دولية، ما زال الاحتلال يصر على الانتقام من هؤلاء الأسرى برغم السنوات الطويلة التي أمضوها في سجون الاحتلال".
وأوضح أن الاحتلال يريد أن يدفع هؤلاء الأسرى المحررون ثم مقاومتهم المشروعة له"، مستنكرا "صمت وتخاذل المجتمع الدولي في ظل الجرائم الإسرائيلية التي يرتكبها في كل مكان".
وتساءل: "لماذا لا يتحرك المجتمع الدولي في حماية مشروعية المقاومة، وتجريم جرائم الاحتلال؟"، مطالبا المجتمع الدولي ومؤسساته المختلفة بـ"الكف عن التعامل بمكيالين وبازدواجيه المفاهيم وثنائية المصطلحات".