نصيحتي التي أوجهها إلى الثوار الأبطال، وأيضا إلى كل مسلم حتى الذين يعملون لدى الأنظمة الفاسدة، فكلنا يوم القيامة سنأتي الله عز وجل أفرادا نُسأل عن كل ما فعلناه ونحاسب عليه.
وأتناول تلك النصيحة في هذه النقاط المركزة:
1- إن دفع الصائل له أحكامه وقواعده في الشرع، ولا يستطيع أن يُحرمه أو يمنعه أحد، لكن قد يحتمل الإنسان بعض الأذى في سبيل تجنب ضرر ومفسدة أكبر، ويكون الدفع بمقدار ما يندفع به الصائل ولا يتجاوز.
2- إذا بغت طائفة من المسلمين على أخرى وقاتلتها واتخذت سبيل الباطل ورفضت حكم الإصلاح من أهل الإسلام واستمرت في القتل، أصبح واجبا دفعها ودفع أذاها إلى أن تلتزم بحكم الإسلام وتكف عن القتل.
وقد وضع الفقهاء ضوابط لهذا الأمر، منها القدرة على دفع المعتدي، وألا يترتب على الصراع مزيدا من المفسدة والضرر – إلا أن يكون كفرا بواحا –، وألا يكون الأمر هو نصرة باطل على باطل (ففي النهي عن المنكر لا يجوز أن يزول باطل ليخلفه باطل أشدّ منه... ).
وإن الدفع والمقاومة له صور كثيرة، آخرها استخدام السلاح.
3- ادعاء إنسان مسلم أنه مجرد منفذ للأوامر ولا يملك شيئا وأنه مكره، لا يعفيه من العقاب والمحاسبة في الدنيا والآخرة، وإن ادّعاء الإكراه مهما بلغ لا يُعتد به بالنسبة للدماء والأعراض.
4- على المسلم أن يتحرى الدقة بشأن إراقة دم إنسان مسلم، وليتذكر ما حدث من سيدنا أسامة بن زيد رضي الله عنه في معركة واجه فيها الكفار، فعندما علا بالسيف على أحد الكفار المعتدين المقاتلين في ميدان المعركة، إذا به يقول لا إله إلا الله، فقتله سيدنا أسامة رضي الله عنه لترجيح أنه قالها متعوذا وليتهرب من الموت. فماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما ذكر ذلك: هلا شققت عن قلبه، ومازال يردد عليه: أقتلت رجلا قال لا إله إلا الله، حتى تمنى سيدنا أسامة رضي الله عنه ألا يكون قد دخل الإسلام إلا في هذا الوقت.
5- إن أي مسلم يُقتل من قبل الأفراد والجماعات – حتى ولو كان طفلا – سيأتي يوم القيامة يُمسك بقاتله، ويقول: ياربي هذا قتلني بغير حق. فهل لمن فعل ذلك إجابة صحيحة أمام الله تنجيه من عذاب الله.
6- يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما زال المسلم في فسحة من دينه ما لم يصب دما. فلنحذر هذا الباب ولنتقي الله .
7- إن قيام البعض بقتل أشخاص أو تفجير منشآت، فيقتل أو يصيب بعض من فيها، وكذلك ما يترتب على ذلك من قتل وإصابة المدنيين من نساء وأطفال وغيرهم، ثم يدّعي من فعل ذلك أن هذا مقاومة للظالم أو إسقاط للانقلاب، فإن هذا تصور خاطئ ولا يعفيه من المسؤولية أمام الله عن تلك الدماء.
8- وهل تأكد من فعل ذلك، أن هذا الشخص الذي قُتل أو أُصيب، هو مؤيد للظالم، وأنه قام بالقتل ومصر عليه، ويرفض أن يرجع عنه، وأنه يستحق حكم الشرع بالقصاص (والقصاص له ضوابطه وأحكامه وطريقة إنفاذه، وليس بهذه الفوضى ).
إن أقرب وصف لما فعله أنه أصبح من الذين وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: يخرج على الأمة يقتل برّها وفاجرها.
9- إن بعض هؤلاء الأشخاص مجرد موظفين، وعلى جهل شديد ولم يناقشهم أحد ويوضح لهم، ويكرهون في داخلهم هذا النظام الانقلابي .. إنهم يقولون لا إله إلا الله، فبأي حكم شرعي واضح لا اختلاف عليه، استحللنا دماءهم، وماذا نقول لله يوم القيامة عمن قُتل، سواء كانوا من العسكر أو من الأطفال والنساء والآمنين من أفراد الشعب.
10– من الحقائق التي يجب أن يعلمها هؤلاء أنه ليس بمثل ذلك يسقط الانقلاب، بل يقوم هو بقتل بعض أفراده إذا وجد فائدة ومصلحة له في ذلك.
11- إن قتل أهل الكتاب، وخاصة الأطفال والنساء والمسالمون – سواء دخلوا بلادنا بعهد أمان أو دخلنا بلدهم بعهد أمان – لا يجوز قتلهم أو إيذاؤهم، حتى ولو كانت حكوماتهم تعادي الإسلام أو تساند القتلة من الحكام، فهذه جريمة كبرى يأباها الإسلام ويعتبرها اعتداء على نفس بشرية لا يحل قتلها أو إيذاؤها.
وما ذنب هؤلاء المساكين الذين حصدهم رصاص الإرهاب، إن هذا غدر بعهد الأمان وقتل لغير المعتدي.
فإذا ترتب على ما يفعله مثل هؤلاء باسم الإسلام – والإسلام بريء من أفعالهم – أذى كبيرا للمسلمين وتشويه لدينهم وإثارة البغضاء والكره لهم، عرفنا مدى الجريمة الكبرى التي ارتكبوها في حق الإسلام.
ولا أدرى من وراء هذه الشيطنة وتلك الأفعال؟ والتي يخدعون بها الشباب المسلم الذي لديه عاطفة لكنه يجهل أحكام دينه، ويستخدمون في ذلك بعض المصطلحات والشعارات البراقة، والإسلام والجهاد منهم براء.