انتقد النائب عن حركة
النهضة الصحبي عتيق وزير الشؤون الدينية عثمان بطّيخ خلال مناقشة ميزانية وزارته، الإثنين، بمجلس نواب الشعب، حيث توجه له في ختام مداخلته قائلا: "عرفت بأخلاقك وهدوء أعصابك، فأتق الله في عباد الله وبيوت الله".
وذكر عتيق، القيادي بالنهضة، الوزير بطيخ بما كانت عليه وزارته قبل ثورة 14 كانون الثاني/ يناير، حيث كانت "موظفة سياسيا، وكان الوعاظ وبعض الأئمة ينسقون مع الاستعلامات بشكل مباشر، وكان الخطاب الديني يمدح السلطة أكثر مما يشكر الله تعالى".
وتابع عتيق "أنت أستاذي، ودرست عندك سنة 1982 في كلية الشريعة، واليوم أذكرك بأن هناك أئمة اعتدال قاوموا الإرهاب، وأنت تعرفهم وأشرفت على بعضهم في الكلية. فهم أئمة لم يعرف عنهم الإرهاب ولا التطرف بل قاوموه، لكن وزارة الشؤون الدينية تخوض اليوم معارك هامشية، وتسعى أحيانا إلى تهميش المساجد وإفراغ المنابر من الخطباء الناجحين والمعتدلين".
وأضاف "اربأ بك عن هذه الخصومات والخلافات وأنت شيخ جليل".
خطاب ديني يقاوم الإرهاب
ولفت عتيق لبطّيخ بأن وزارته تفتقد لإستراتيجية واضحة لمكافحة الإرهاب، مضيفا "أين أنتم في المنابر الإعلامية؟ وأين الخطاب الديني الذي وعدت به الوزارة؟ .. كل المنابر يغيب عنها الخطاب الديني والوزارة معا، فلا نرى برامج تلفزيونية تهتم بهذا الأمر إلا ليل الجمعة في ساعة متأخرة من الليل أو قبل صلاة الجمعة بنصف ساعة".
وتابع "نريد خطابا دينيا يقاوم الإرهاب ويؤطر الشباب ويضرب الأسس، والمرتكزات الفكرية للخطاب التكفيري.. أحببنا أم كرهنا اليوم فإن الخطاب التكفيري المتشدد متلبس بالدين في ظاهره".
وأكد أن أغلب شخوص الخطاب التكفيري "منحرفون من أصحاب السوابق في المخدرات والجريمة، والجهل بالدين والقواعد الفقهية والأصولية، واللغة، والناسخ والمنسوخ وغيرها".
مفهوم الطاغوت
وتساءل عتيق "من يفكك مفهوم الطاغوت والتكفير والخروج المسلح واستعمال العنف والتفجيرات باسم الشهادة وباسم الدين ودولته، والدولة والدين براء منهم كل البراء؟"، مضيفا "من يقوم بهذا التفكيك ويفضح الخطاب ويؤطر الشباب ويحتويه؟".
وقال "الخطاب الديني اليوم باهت لا يواكب العصر ولا يتجذر في الأصل .. يجافي العلم ويخاصم الفكر، ويرفض عقد صلح شريف مع الحياة.. هذا خطاب فقد كل صلاحية للبقاء ويجب تجديده".
وتابع عتيق "نحن نريد من الوزارة أن ترعى الشأن الديني في بلادنا، وأن تكون لها مكانة محترمة تليق بها، لكن نرى أجور الأئمة لا تحفظ الكرامة (حوالي 40 دولارا في الشهر) أريد لها كذلك منذ عهد بورقيبة وبن علي".
إهمال وازدراء
وفي السياق نفسه، قال النائب عن حركة النهضة محسن سوداني في مداخلته أمام الوزير إن "المشكل الأساسي للشأن الديني في
تونس هو موقف الدولة الوطنية لتونس منذ الاستقلال المبني على الإهمال والازدراء من جهة، والهدم والتخريب من جهة أخرى".
من جانبه، نفى الوزير
عثمان بطيخ بشكل قاطع وجود أي إمكانية لإعادة الإمام الخطيب المعزول
رضا الجوادي، الذي سبق أن اعتقل خلال الشهر الماضي وأفرج عنه، إلى جامع اللخمي بمحافظة صفاقس.
وكان رئيس حركة النهضة،
راشد الغنوشي، انتقد في تصريح إعلامي، منذ فترة، قرار وزارة الشؤون الدينية عزل عدد من الأئمة الخطباء، قائلا: "نحن ضد العزل التعسفي للأئمة، وضد العودة إلى سياسة النظام السابق التي يسلكها الوزير القائم"، رافضا ما أقدم عليه وزير الشؤون الدينية عثمان بطيخ "الذي ينتهج سياسة الماضي من خلال تجفيف المنابع".
وكان الوزير بطيخ قد وصف الجوادي في حوار تلفزيوني، بث على القناة الوطنية منذ أشهر، بـ"التكفيري المتطرف"، قائلا: إنه "يخرج في المظاهرات مع المصلين، ويردد الله أكبر".
ويوجد في تونس حوالي 5 آلاف مسجد وجامع، تخضع جميعها لمراقبة وزارة الشؤون الدينية، التي تتولى تعيين الأئمة والمؤذنين والقائمين عليها.