واصلت القنوات الإعلامية الغربية والعربية تقديم تحليلاتها لما ستؤول إليه العلاقات الروسية التركية عقب إسقاط الأخيرة طائرة حربية روسية اخترقت أجواءها.
شبكة "سي إن إن" الأمريكية ترى أن هناك أربعة أسباب تحول دون تدهور العلاقات الروسية التركية، رغم التصعيد الكلامي الذي شهدته العلاقات بين البلدين، إلى جانب بعض القرارات الروسية التي وصفت بالعقابية.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين، قد وصف إسقاط الطائرة بأنه "طعنة في الظهر من متواطئين مع الإرهابيين"، بينما اتهم الرئيس التركي
رجب طيب أردوغان روسيا بـ"الخداع"، ووصف تصريحات بوتين بأنها "خطأ كبير".
وبحسب "سي أن أن" فإن المسؤولين الروس يلوّحون بفرض عقوبات اقتصادية على
تركيا، ولكن اندلاع حرب تجارية بين الدولتين ستكلفهما ثمنا باهظا، لهذه الأسباب:
1- روسيا.. قليل من الأصدقاء
روسيا ليس لديها الكثير من الشركاء التجاريين على الساحة الدولية، وتركيا واحدة من الدول القليلة التي يمكنها الاعتماد عليها.
تركيا لم تنضم للاتحاد الأوروبي، وأمريكا والدول الغربية الأخرى تفرض عقوبات اقتصادية على روسيا بسبب دورها في الأزمة الأوكرانية. وتركيا كانت تخطط لزيادة حجم التبادل التجاري مع روسيا إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2020.
تصاعد التوتر بين الدولتين يمكنه أن يسبب ضررا شديدا لهذه العلاقة التجارية.
2- الطاقة الاستراتيجية
وقعت الدولتان سلسلة اتفاقات استراتيجية حول الطاقة قبل عام فقط، وبينها اتفاق رئيس حول خطة لإنشاء خط لنقل الغاز الروسي إلى تركيا ومنها إلى السوق الأوروبي الضخم، وهو بديل لخط الغاز الذي كان من المفترض أن يمر عبر أوكرانيا، لكنه تم إلغاء المشروع العام الماضي بسبب تصاعد الأزمة الأوكرانية. وتعتبر تركيا ثاني أكبر مستورد للغاز الروسي بعد ألمانيا.
وتبني روسيا أيضا أول مفاعل نووي تركي، وقد بدأت أعمال البناء في نيسان/ أبريل الماضي، ومن المتوقع انتهاء البناء بحلول عام 2020. وبموجب الاتفاق الذي تم توقيعه في عام 2010 فإن روسيا ستمول بناء المفاعل بحوالي 22 مليار دولار، كما أنها ستشرف على إداراته.
3- السياحة
يعتبر السياح الروس عنصرا أساسيا في صناعة السياحة في تركيا، فقد بلغ عدد السياح الروس في عام 2014 حوالي 4.5 مليون شخص، وتظهر الأرقام الرسمية الروسية أن السياح الروس يمثلون 12% من إجمالي عدد السياح الذين يزورون تركيا، ما يجعلهم في المرتبة الثانية بعد ألمانيا.
وكان من الممكن أن تستقبل تركيا مزيدا من السياح الروس بعد حادث إسقاط طائرة الركاب الروسية في سيناء المصرية، بسبب تفجير قنبلة زرعها تنظيم "
داعش"، وسحب روسيا لمواطنيها من شرم الشيخ.
4- اقتصاد الدولتين لا يتحمل صدمة أخرى
تعاني روسيا وتركيا من اضطراب اقتصادي كبير، ويحتاج اقتصاد الدولتين إلى طفرة كبيرة وليس صدمة أخرى.
وقد عصف انخفاض أسعار النفط والعقوبات الغربية بالاقتصاد الروسي، ويتوقع صندوق النقد الدولي انخفاض الدخل القومي الروسي بنسبة 3.8% خلال العام الحالي..
كما أن تركيا ليست في وضع أفضل، فقد تأثر الاقتصاد بالأزمة السياسية التي شهدتها البلاد حول تشكيل الحكومة وإجراء انتخابات جديدة، وانخفض نمو الاقتصاد التركي خلال السنوات الأخيرة. ويتوقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد التركي بنسبة 3.1% فقط هذا العام، وهي نسبة صغيرة مقارنة بتحقيق 9% خلال عامي 2010 و2011، وانخفض سعر الليرة التركية بنسبة 20% مقابل الدولار.