نشر موقع "ميدل إيست آي" في لندن تقريرا لعمر فاروق، حول وضع
التركمان في سوريا، الذين انضم الآلاف منهم للجيش السوري الحر بداية الثورة، بعد أن عاشوا سنوات طويلة من القمع والتهميش تحت حكم حافظ
الأسد ثم ابنه بشار الأسد.
ويقول الكاتب إنه "بعد حوالي خمس سنوات تحملوا فيها اعتداءات جيش النظام، وفروا من أهوال اجتياحات
تنظيم الدولة، فإنهم الآن يواجهون النيران الكثيفة للقوات الجوية الروسية".
ويضيف فاروق: "لكن الآن فقط بعد دخول
روسيا على الخط، وبعد التسبب في إسقاط
تركيا للطائرة الروسية، برز الوجود التركماني من بين العديد من الأقليات والمجموعات التي تقاتل في سوريا".
ويشير التقرير إلى أن المقاتلين التركمان ظهروا في فيديوهات نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، يطلقون النار على الطيارين الذين أسقطت طائرتهما، بينما كانا يهبطان في مظلتيهما، وقتلوا واحدا منهما. كما استطاع المقاتلون التركمان تخريب طائرة هيليوكوبتر روسية، كانت جزءا من عمليه بحث وإنقاذ للطيارين، بصاروخ تاو أمريكي.
ويتساءل الموقع: فمن هم التركمان؟ وأين يقع ولاؤهم؟ ومن هم داعموهم الرئيسيين؟
جذور عثمانية
يقول الكاتب: "كما يشير الاسم، فإن التركمان ذوو جذور تركية، ويعتقد أن عددهم حوالي 3 ملايين في سوريا، بعضهم يتحدث اللغة التركية واللغة العربية، ولكن معظمهم حافظ على الروابط الثقافية لإرثه".
ويلفت التقرير إلى أن التركمان استقروا في الأناضول منذ القرن التاسع الميلادي، وشكلوا منذ القرن السادس عشر الميلادي جزءا كبيرا من جيش الخلافة العثمانية، بحسب خبير الإثنيات التركية في مركز أبحاث السياسة الاقتصادية في أنقرة، حسين يلماظ.
ويستدرك الموقع بأنه بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وتفكك الإمبراطورية العثمانية، بقي التركمان السنة على الأغلب أقليات في سوريا والعراق. وفشلت محاولات حزب البعث السوري والعراقي في الستينيات والسبعينيات في تعريبهم، وتركهم يشعرون بالتهميش، ففي السبعينيات مثلا، حظر حافظ الأسد اللغة التركية، واستولى على أراض تركمانية.
ويذكر فاروق أن التركمان توحدوا مع الأكراد عام 1991 في العراق، في ثورة فاشلة ضد بغداد. وبعدها شكلت عدة مجموعات تركمانية داخل العراق جبهة موحدة ضد حكم صدام حسين، بدعم سياسي من تركيا، حيث كان يعيش عدد من قيادات الجبهة، بحسب يلماظ.
التركمان يتسلحون
ويواصل الكاتب قائلا: "خلال الثورة ضد بشار الأسد في 2011، كان المقاتلون التركمان من أوائل من كان ضد الحكومة، وقاموا بتشكيل ألوية خاصة بهم متحالفة مع الجيش السوري الحر. وبقيت علاقتهم مع تركيا، التي تعارض الأسد، قوية. وبحسب المحللين، فإن التركمان في السنوات التي تلت ذلك لم يتصرفوا بتنسيق مباشر مع تركيا فحسب، بل عملوا وسطاء بين أنقرة والمجموعات الإسلامية التي تقاتل في سوريا، بما في ذلك جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة".
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن المحلل في برنامح دراسات طريق الحرير في إسطنبول غاريث جنكنز، قوله: "إنهم أقلية صغيرة، ولكنهم مهمون في تركيا؛ لأنهم مجموعة على اتصال وثيق بها، وبقاء"، تركيا على تفاعل معهم أمر مهم جدا لخطتها للإطاحة بالأسد".
ويبين الموقع أن تحالفا من الجيش الحر وغيره من مجموعات المقاتلين، قام بالعبور من خلال إقليم هاتي؛ لمهاجمة مناطق يسيطر عليها النظام السوري في كسب بالقرب من الحدود التركية. ويقول جنكنز إنه خلال هذه المعركة، قام التركمان بالقتال بجانب خمس مجموعات مقاتلة أخرى، بينها جبهة النصرة.
تحول المد
ويعلق الكاتب بالقول: "لكن دخول روسيا إلى سوريا كان مسؤولا عن التصلب في الخطاب التركي، والدعم لحلفائها الرئيسيين في سوريا. واتهمت روسيا بقصف القرى التركمانية، كون ذلك جزءا من حربها على (الإرهابيين) دعما للأسد، وهذا ما احتجت عليه تركيا بقوة". وقامت تركيا باستدعاء السفير الروسي ليوضح سبب القصف المكثف للقرى التركمانية في الحدود التركية.
ويشير التقرير إلى أن الطائرات الروسية قامت بضرب القرى بين حمص وحماة، بحسب طارق سولو، نائب حزب الحركة القومية التركمانية، وهي إحدى المجموعات المعارضة للحكومة السورية.
ويورد الموقع نقلا عن رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، قوله:"نشجب هذا الهجوم البربري بأقوى العبارات، فلا أحد يمكنه أن يشرعن الهجمات على إخواننا التركمان والعرب والأكراد، من خلال الادعاء بأنهم يحاربون الإرهاب". وقال جنكنز إن حزب العدالة والتنمية الحاكم وأحزاب المعارضة رفعت صوتها داعية إلى حماية المجموعة الإثنية.
وينوه فاروق إلى قيام مظاهرات أمام السفارة الروسية في أنقرة، بعد مقتل قائد أحد الألوية التركمانية في سوريا، وكان من بين المتظاهرين القوميين الأتراك الذين عارضوا إلى الآن علاقة تركيا بما يجري في سوريا.
ويفيد التقرير بأن أحزاب المعارضة التركية، التي اتهمت حزب العدالة والتنمية بدعم تنظيم الدولة، تصر على أن الثوار التركمان معتدلون، فوجدت روسيا، التي تدعي أنها تقاتل تنظيم الدولة والنصرة، نفسها في مواجهة القوميين الأتراك. يقول يلماظ: "تحاول كل من دمشق وموسكو تصوير الحال على أنه حرب ضد المتطرفين، وهي ليست كذلك. التركمان السوريون ليسوا متطرفين دينيين، ولذلك ليس للمتطرفين نفوذ في مناطقهم".
التركمان ليسوا تنظيم الدولة
ويتساءل الموقع: هل يمكن أن يكون التركمان من تنظيم الدولة؟ وينقل عن المتحدث باسم الائتلاف الوطني السوري سالم مسلط، قوله: "تنظيم الدولة يبعد مئات الكيلومترات، معظم هذه الغارات الجوية تقع ضد الجيش السوري الحر والمقاتلين المعتدلين، مثل التركمان، وضد المستشفيات المدينة، وأقل من 5% من الغارات الجوية الروسية كانت ضد تنظيم الدولة".
ويذكر الكاتب أنه تم تكثيف الغارات الجوية الروسية الأسبوع الماضي في بايربوكاك، حيث قام التركمان بتشكيل ألوية تقاتل إلى جانب الجيش الحر ضد قوات الحكومة. ويقول سولو: "كانت بايربوكاك في قبضة الأسد منذ بداية الحرب، والآن تسببت غارات الطائرات الروسية بمقتل 50- 60 شخصا، معظمهم من المدنيين وبعض المقاتلين، وأصابت بيوتا ومستشفى أيضا".
ويضيف سولو، الذي انتقل إلى تركيا في أيلول/ سبتمبر، بعد أن سيطر تنظيم الدولة على قريته شمال حلب، أن التأييد لتنظيم الدولة بين التركمان معدوم تقريبا. ويقول: "كل عائلتي تعيش في تركيا اليوم بسبب تنظيم الدولة الذي بدأ هجماته ضد مناطقنا في كانون الثاني/ يناير 2014، وكل ما كان لنا أصبح تحت سيطرة تنظيم الدولة، فقد استولوا على بيوتنا وبقالاتنا، وكل ما كنا نملك؛ لأن الرجال والأطفال والمسنين من عائلتي قاتلوا ضد التنظيم لتسعة أيام إلى جانب الجيش الحر. لكن مقاتلي تنظيم الدولة كان أكفأ منا في القتال، ولديهم أسلحة متطورة أكثر مما نملك، لذلك هربنا إلى تركيا، خسرنا الحرب"، بحسب الموقع.
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أن سولو يأمل بأن يغير إسقاط الطائرة الروسية الأمور، ويقول: "لا نحتاج قوات تركيا تدخل سوريا، ولكن نطلب من تركيا والتحالف الدولي إمدادنا بأسلحة متطورة لنحارب الطيران الروسي".