تستمر المعاناة الإنسانية في الداخل السوري، وتتركز في الدرجة الأولى على
القصف المستمر لأحياء المدن المأهولة والبلدات؛ مما أدى لمقتل الآلاف من المدنيين، وسقطت آلاف المنازل والأبنية على رؤوس أصحابها، ولهذا السبب بدأ كثير من السوريين بالتفكير بالحلول البديلة والآمنة عن المنازل، وبالأخص في المناطق التي تتعرض للقصف المستمر.
أبو عامر أحد المدنيين من سكان حلب، بادر إلى حفر ملجأ تحت الأرض لحماية عائلته من القصف، واستفاد من خبرته السابقة في مهنة حفر الآبار قبل بدء الثورة في
سوريا، فاعتمد على بعض الوسائل البدائية للحفر، وقام بحفر ملجأ بعمق ثلاثة أمتار ونصف تقريبا تحت الأرض، وذلك كحل بديل عن المنزل لحماية عائلته من صواريخ وبراميل نظام الأسد، وتبلغ مساحة ملجأ أبو عامر نحو 100 متر، وقام بتجهيز ثلاث غرف فيه، وجعله منزلا بديلا، وأدخل تمديد الكهرباء إليه وثم قام بفرشه بأثاث منزله القديم.
يقول الناشط الإعلامي كرم المصري في تصريح لـ"
عربي21" لقد رافقت أبو عامر إلى الملجأ، وكان آمنا برأيي لأنه خبير بالحفر بسبب مهنته القديمة، وحفر الملجأ بطريقة فنية رائعة فيوجد فيه أعمدة كبيرة تحمل الأسقف بالإضافة إلى ذلك فقد كانت السماكة الصخرية جيدة فوق الملجأ؛ فهو استمر بحفره عام وشهرين، وحفره بيده لحماية أطفاله.
ويضيف "المصري" قائلا: "هذا هو الحل الوحيد لتلك العائلات، فبعض منها لا يمتلك المال للنزوح خارج قريته أو إلى بلدان الجوار، ويبقى أمامه الحل الوحيد بالبقاء تحت الطائرات، أو البحث عن البديل الآمن".
هذا ورصد الناشطون عدة حالات مشابهة لملجأ أبو عامر ففي إدلب بث ناشطون صورا لرجل وعائلته يعيشون تحت الأرض في ما يسمى "مغارة"، وهي حفرة عميقة تحت الأرض ويعود بعضها إلى حقب تاريخية قديمة، ويجدد السوريون استخدامها الآن للعيش مع أطفالهم بأمان من قصف طائرات النظام، والطيران الحربي الروسي.
من جهة أخرى فقد مرت قصص أخرى من هذا النوع من
السكن ولكن كانت بعض هذه التجارب في تركيا، حيث بادرت بعض العائلات في مدينة أورفا التركية للسكن في كهوف جبلية لعدم وجود المال لإستئجار المنزل المناسب؛ ولأنها ترى الكهف الجبلي أنسب من المخيمات لهم، وقامت بعض الجمعيات الخيرية بفرش هذه
الكهوف لتعينهم على العيش فيها.
يذكر أن أكثر من 100 ألف نازح تركوا بلداتهم في ريف حلب الجنوبي بسبب الهجوم البري الذي شنته قوات النظام السوري على بلداتهم، وذلك تحت غطاء جوي روسي؛ مما جعل الكثير من العائلات تنصب خيمها في الأراضي الزراعية المجاورة للبلدات التي يقطنون، وبعضهم الآخر قاموا بالحفر تحت الأرض، وآخرون لجؤوا للسكن في كهوف الجبال لحماية عائلاتهم من القصف.