نشرت صحيفة ليزيكو الفرنسية حوارا أجرته مع بيرتران فيلا، الخبير الفرنسي في الشؤون الاستراتيجية، حيث قال إن
تنظيم الدولة نفذ عمليات إرهابية خارج مناطقه لفك الخناق الذي ضاق عليه مؤخرا، كما تحدث عن عجز دول المنطقة والغرب عن تكوين تحالف فعال لضرب التنظيم، بسبب الصراع السني الشيعي وتضارب المصالح.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن تنظيم الدولة يعيش حصارا خانقا على موارده وتحركاته العسكرية، ويبرز ذلك من خلال تخليه عن عدة مناطق في سوريا والعراق تحت القصف المستمر للطيران الغربي والتحالفات القائمة في المنطقة ضده، لذا فهو يبحث عن مخرج ينقذ به نفسه.
وقالت الصحيفة، نقلا عن فيلا، إن تراجع تنظيم الدولة عسكريا بدا واضحا وجليا في المنطقة، خاصة أن هناك توافقا دوليا على ضرورة القضاء على التنظيم، لكن المشكلة هي أن عددا من الدول تخشى الدخول في مواجهة مباشرة معه لعدة أسباب.
وقال بيرتران فيلا إن تلك الأسباب تتلخص في سببين رئيسيين، أولهما أن تلك الدول تخشى من عمليات إرهابية قد يشنها التنظيم داخل أراضيها، وثانيهما تفادي ضغط الرأي العام المحلي الذي قد يطالب بتحسين الوضع الاقتصادي الداخلي، بدل الدخول في حرب خارجية قد تكلف الكثير من الأرواح والأموال.
وأفاد الخبير الاستراتيجي بأن تنظيم الدولة رغم عجزه عن تقديم خدمات صحية واجتماعية لسكان المناطق التي يسيطر عليها، إلا أنه يحظى بشعبية كبيرة هناك. ويرجع المحللون أسباب ذلك إلى الطريقة التي يدير بها مناطق سيطرته، خاصة أن أغلب سكان تلك المناطق كانوا قد ذاقوا الأمرين تحت حكم نظام بشار الأسد.
ورجح بيرتران أن التنظيم يسعى، من خلال العمليات
الإرهابية الأخيرة ضد المصالح الغربية، إلى استعادة الشرعية العسكرية والاجتماعية التي سحبها منه الغرب وحلفاؤه، وإلى فك الخناق عن مناطق تمركزه.
وفيما يتعلق بمواصلة تنظيم الدولة استقطاب المجندين، أشار الخبير الاستراتيجي إلى أن تنظيم الدولة يستغل الصعوبات التي يواجهها في حربه لكسب استعطاف الشباب، عبر استخدامه رسائل مباشرة يبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تحت شعارات دينية خدّاعة، تحثهم على الالتحاق بدولة الخليفة وتقديم الولاء له.
وأفاد بيرتران فيلا بأن تنظيم الدولة، عبر هجمات إرهابية ينفذها خارج مناطق سيطرته، يستغلها لتقسيم المسلمين إلى صنفين، عدو وصديق، ما يعني أن الحرب أصبحت داخلية بين مسلم مؤيد ورافض لتنظيم الدولة، وأن التنظيم يعتبرها حربا أكثر أهمية من الحرب الخارجية.
أما عن حلفاء
فرنسا في حربها ضد تنظيم الدولة، فقال الخبير إن كل الدول متفقة على أن تنظيم الدولة هو العدو المشترك، لكن ليس من السهل بناء تحالف واسع، ما لم يتم حل الخلاف السني الشيعي في منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن فرنسا لم تقف مع دول الخليج في حربها ضد الحوثيين الذين تدعمهم إيران، كما أنها لم تبد استعدادا كبيرا لحل أزمة اللاجئين، أي أن فرنسا لم تدرك بعد من هم أعداؤها ومن حلفاؤها.
وفي الختام، اعتبر بيرتران أن فرنسا مستهدفة الآن من قبل المجموعات المسلحة؛ لأنها لم تدرك الحقائق الجديدة في العالم، وما زالت تتخذ قرارات ضعيفة، وغير مبنية على قواعد متينة وقناعة راسخة بإمكانياتها الأمنية كدولة لها مكانة في العالم المتقدم.