اتهم المحلل العسكري
الإسرائيلي تسفي برئيل، بعض أجهزة المخابرات العربية بأنها صديقة للإرهاب رغم صداقتها للغرب، مؤكدا أنه يتم التعاطي في
الغرب مع
الاستخبارات العربية على أنها تهدف إلى العمل ضد أعداء سياسيين لأنظمتها، وهذا ما يجعل الغرب يتعامل مع المعلومات الواردة من الدولة العربية "باشتباه في أفضل الأحوال".
وفي مقالته بصحيفة "هآرتس" الثلاثاء، أكد برئيل أنه "لم يتبق دولة لم تعلن بشكل واضح وعلني أنها نقلت معلومات تحذيرية عن نية تنفيذ عملية في فرنسا". مشيرا إلى أن آخر هذه الدول السعودية والعراق، حيث قالت العراق عشية الهجمات في باريس إنها تعرف بأن العمليات ستحدث. وقبلهما قالت تركيا إنها حذرت فرنسا مرتين من إمكانية عملية إرهابية، والجزائر تحدثت عن تعاون استخباري مع فرنسا ونقل معلومات منهجي للاستخبارات الفرنسية.
ونوه إلى أنه "من اللافت كيف أنهم عرفوا فجأة عن نوايا العملية في فرنسا أو أهداف في أوروبا عموما، ولم يعرفوا عن العمليات التي حدثت في أراضيهم. لم تعرف تركيا عن العمليتين اللتين نفذهما تنظيم الدولة الإسلامية داعش في حزيران وتشرين الأول. العراق لم يعرف متى ستنفجر السيارة المفخخة التالية في بغداد، والسعودية تستمر في معاناتها من العمليات وفي مصر نجح مخرب على ما يبدو في وضع عبوة في الطائرة الروسية. هذا لا يعني بالضرورة أن المعلومات الاستخبارية التي تصل من الدول العربية ليست دقيقة، لكنهم في الغرب يتعاملون معها باشتباه في أفضل الأحوال، أو أنها تهدف إلى حث الدول الغربية على العمل ضد الأعداء السياسيين في هذه الدول".
وشدد برئيل على أن "الفرضية التي تقول إن الأنظمة القمعية تسيطر على كل ما يحدث في دولها وتعرف من هو المشتبه المحتمل، ثبت خطأها.. فهم ليسوا كذلك، فمصر مبارك لم تعرف كيف تمنع العمليات في الأماكن السياحية ولم تفهم أن الثورة ستحدث وكذلك تونس زين العابدين بن علي التي تفاجأت من غضب الجمهور".
وأكد أن الاستخبارات الناجعة نسبيا هي الاستخبارات الأردنية، رغم فشلها قبل عقد هجوم القاعدة على الفنادق في عمان.
وأضاف برئيل: "في نفس الوقت، في الخزائن المغلقة لأجهزة الاستخبارات العربية، توجد معلومات كثيرة عن عشرات آلاف المواطنين الذين يرتبط بعضهم بالتنظيمات الإرهابية أو المنظمات الإسلامية المتطرفة. هذه المعلومات التي يمكن أن تخدم الأجهزة الاستخبارية في أوروبا الآن بالذات، حيث إن آلاف اللاجئين يتفقدون إلى حدودها. حسب مصدر دبلوماسي غربي لا يوجد اليوم فحص أمني لمئات آلاف اللاجئين الذين يصلون إلى ألمانيا أو إيطاليا". وأضاف: "في البداية يتم استيعابهم وبعد ذلك يتم فحص جوازات سفرهم.. المشكلة أنه لا توجد لدينا القوة البشرية الكافية والمناسبة لفحص كل لاجئ بشكل معمق، وبالطبع فان التعاون مع دول عربية مثل سوريا والسعودية والعراق ولبنان غير موجود، حيث باستطاعتهم تقديم معلومات مهمة".
وأوضح أن "الفحص الوحيد الممكن هو فحص المعلومات القائمة حول مشبوهين عند الاستخبارات الأوروبية. لكن فحصا كهذا يتم فقط في حالات استثنائية – عند الحديث عن مطلوبين معروفين – يتم فحص مقارن للمعلومات الموجودة مثلا في ألمانيا مع تلك التي تم جمعها في بريطانيا أو فرنسا..
يضاف ذلك إلى صعوبات التعاون بين الأجهزة الاستخبارية الغربية والعربية – خصوصا أنه لدى الاستخبارات العربية لا يوجد تعاون منهجي – فإن الاستخبارات الغربية تتعامل بشك مع التعاون القائم حيث ثبت ذلك أحيانا بين الأنظمة وبين التنظيمات الإرهابية. ولا يجب المبالغة والحديث عن تعاون وثيق بين الأجهزة الاستخبارية في باكستان (التي تحظى بالمساعدة الأمريكية) مع طالبان من أجل فهم أساس المفارقة"، على حد قول برئيل.
ولفت إلى أن "تركيا تمت مراجعتها من قبل الولايات المتحدة حول الشبهات بأنها سمحت لنشطاء داعش الإسلاميين المتطرفين وغيرهم بالعبور من أراضيها إلى سوريا. لكل دولة من هذه الدول علاقات تجارية متشعبة مع الدول الغربية، الأمر الذي يفرض قواعد الأدب الواضحة: لا يتم الضغط على دولة وهي تشتري منك طائرات أو سلاح بمليارات الدولارات".
وختم برئيل مقاله بالقول: "الأخوة في المصالح قسّمت الدول العربية إلى جناح مؤيد للغرب وجناح معاد للغرب، وزرعت الكذبة بأن الطرفين يتفقان على محاربة الإرهاب، أو على الأقل تحديد الراديكالية العنيفة. لكن لا يجب انتقاد الأنظمة العربية فقط. فالولايات المتحدة هي التي أوجدت مفهوم (التنظيمات المعتدلة) من أجل دعم المتمردين في سوريا، والشيوعيين الراديكاليين في العراق وطالبان في أفغانستان، حيث إن لكل واحد من هذه التنظيمات تفسير مختلف لمفهوم الاعتدال".