كتب جواد محمود عباس: الإصرار من جانب القاهرة على إجراء مصالحة "تنظيمية" بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعضو المجلس التشريعي محمد دحلان المفصول منذ منتصف عام 2011 من حركة فتح، يطرح سؤالا مهما، وماذا عن المصالحة بين حركتي فتح وحماس الأكثر إلحاحا، وهو الملف "المقبوض عليه مصريا" للآن؟
محاولات رأب الصدع الفتحاوي وإنهاء الخلاف الذي طالما استنزف الكثير من الطاقات الفتحاوية، وانعكس ومازال بشكل سلبي على الحالة الفلسطينية العامة، يأخذ من القاهرة وقتا وجهدا كان من الأجدر أن يكون لصالح قضايا فلسطينية أهم بكثير من قضية الخلاف بين عباس ودحلان.
مصر ومنذ عهد المخلوع مبارك، هي المتفرّدة بملف المصالحة بين القطبية الثنائية الفلسطينية، فتح وحماس، وسلّمته إلى المخابرات العامة، وليس مثلا وزارة الخارجية، كما لم تسمح لأي طرف عربي بالتدخل فيه.
سقطت إمبراطورية مبارك بثورة الشعب عليه في يناير عام 2011، والمفروض أن نظامه بكل هياكله السياسية والأمنية والاقتصادية والإعلامية والاجتماعية، سقطوا من المشهد المصري، إلاّ أن شيئا لم يتغيّر، وبقي دحلان في تصنيفات المخابرات المصرية رجلهم القوي، والمؤمّل بعودته في حال انتزاع قطاع غزة من سيطرة حماس، وعلى أن يكون يد سلطة رام الله ورجلها أيضا.
المخابرات المصرية تدرك أن لدحلان حيث كان عضوا في اللجنة المركزية لحركة فتح، أنصارا ومؤيدين من المنتفعين الفتحاويين، ومن الناس العاديين في القطاع على قاعدة المصالح، والمال هنا هو الأساس، وهم اعتادوا التجسس على من لجأ من كوادر جماعة الإخوان هربا من بطش الحكم العسكري والأمني في مصر، وعلى تحركات كتائب القسام وقيادة حماس، وعن الأنفاق بتمرير معلومات استخبارية إلى دحلان الذي يتولى بدوره نقلها لجهاز المخابرات المصرية أولا بأوّل. ومن هنا، ولأسباب أخرى كثيرة، يرى الجانب المصري أنه رجلهم الأكثر أهمية، وبالتالي يجب تضييق فجوة الخلاف بينه وبين الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
خلال وجود الرئيس عباس في مصر قبل أيام، تسرّبت معلومات لا تنقصها المصداقية، تقول إن دحلان طار فجأة بطائرة خاصة من دبي حيث يقيم منذ طرده من تنظيم فتح بتهم الفساد والإفساد والتآمر إلى القاهرة، وأعتقد أن دعوته جاءت من الدائرة الأولى في المخابرات المصرية، وتحديدا من مكتب اللواء خالد فوزي رئيس الجهاز لإتمام تفاصيل المصالحة بين الأخوين اللدودين.
صحيفة (اليوم السابع) المصرية، قالت إن زيارة دحلان في ظل وجود الرئيس عباس في القاهرة، تأتي وسط مساع مصرية حثيثة لنزع فتيل الأزمة والخلاف بين الرجلين.
وردّد هذه الأنباء مقرّبون من دحلان مقيمون في القاهرة، ورأوا أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تساهم في تقوية حركة فتح في المرحلة الحالية الصعبة، وأكدوا أيضا وجود حراك مصري جاد للمصالحة.
أعتقد أن البوصلة المصرية فيما يتعلق بالمصالحة وإعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، تضلّ طريقها، فبدلا من أن تتوجه الجهود وبأن تكون حثيثة وجادّة لتحقيق الغاية المنشودة بإنهاء الانقسام وتوحيد الجهود الفلسطينية، للوصول لمصالحة شاملة بين كافة الفصائل، وبخاصة في هذه المرحلة، حيث الاستفراد الإسرائيلي بالشعب الفلسطيني، ترى مصر السيسي ومخابراته وأجهزته الأمنية أن الأولوية هي مصالحة عباس ودحلان.
(الشرق القطرية)