نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا للكاتبة أتوسا أراكسيا إبراهيميان، تقول فيه إن دولة
الإمارات تعهدت بدفع 200 مليون دولار، في حال وافقت جمهورية
جزر القمر على إصدار قانون يمنح الجنسية الاقتصادية للسكان "
البدون" الذين يعيشون فيها.
ويشير التقرير إلى أن الفكرة جاءت من رجل أعمال سوري يعيش في الكويت، ويملك إمبراطورية للإعلام والإعلان، يعمل فيها 4000 شخص في الشرق الأوسط وشرق أوروبا، وهو بشار
كيوان، الذي زار جزر القمر وبدأ علاقة حب مع البلاد، وحلم بتحويلها إلى
دبي جديدة.
وتنقل الكاتبة عن كيوان قوله إن الفكرة وافق عليها وزير الداخلية الإماراتي سيف بن زايد آل نهيان، ومدير الشرطة الجنرال ناصر النعيمي، حيث وقعا على وثيقة يعود تاريخها إلى نيسان/ إبريل 2008، ووقع عليها أيضا وزير دفاع جزر القمر محمد دوسر، وبموجبها يقوم كيوان بدور الوسيط، حيث تمنح الجنسية لـ4000 بدون إماراتي، دون أن يرحلوا إلى بلدهم الجديد، وذلك تمهيدا لإصلاح وضعهم في الإمارات.
وتذكر الصحيفة أن البرلمان في جزر القمر لم يوافق على المقترح، وعارضه عدد من النواب، ولكن كيوان نظم رحلة لوفد من أشد المعارضين للخطة لزيارة الكويت، حيث اطلعوا على الحياة وفرص الاستثمار في بلدهم، وأقام لهم مآدب العشاء التي حضرها كبار المسؤولين في البلاد. والتقى الوفد عددا من أفراد البدون الكويتيين الذين شرحوا للوفد أوضاعهم، وكيف يمكن لجزر القمر مساعدتهم.
ويبين التقرير أن فكرة تجنيس البدون ومنح الجنسية لمن لديه مال لشرائها جاءت وسيلة لزيادة خزينة الدولة، وتحسين فرص الاستثمار في البلاد، خاصة أن الطلب على الجنسية الثانية في الشرق الأوسط متزايد. ويعتقد رجال الأعمال أن الحصول على جنسية ثانية أو ثالثة وسيلة لسهوله التحرك والسفر.
وتقول إبراهيميان إن علاقة كيوان بجزر القمر بدأت في التسعينيات من القرن الماضي، عندما زارها ضمن وفد من رجال الأعمال "واكتشفت منطقة عذراء كانت تخرج من حرب أهلية مع المرتزقة"، و"كانت مثل الجنة". مستدركة بأن غياب الاستقرار لم يشجع فرص الاستثمار فيها.
وتلفت الصحيفة إلى أن زيارة كيوان أصبحت منذ عام 2005 شبه منتظمة وشهرية، وذلك لمتابعة شركته التي أنشأها هناك، وهي "كومورو غالف هولدينغ"، ولتقديم البلد لرجال الأعمال في دول الخليج، وتعريفهم برجال الأعمال في جزر القمر. ووقع عددا من العقود مع السلطات هناك، بما فيها إنشاء أول بنك تجاري في البلد.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن كيوان أصبح مؤثرا في السياسة المحلية في جزر القمر، حيث دعم ترشيح أحمد عبدالله سامبي عام 2006، الذي تقول الصحيفة إنه رجل درس العلوم الإسلامية، ولم يكن مهتما بالسياسة، ولكن ما يميزه هو شخصيته الجذابة. مشيرة إلى أنه بفوزه فقد أصبح كيوان مؤثرا في القصر الرئاسي.
وتنقل الكاتبة عن وزير الخارجية السابق محمد سقاف، قوله: "كانت لدى كيوان ورقة بيضاء، وكان رئيس الوزراء الفعلي لسامبي". مشيرة إلى أن كيوان كانت لديه خطة طموحة لتحويل جزر القمر إلى دبي جديدة، وتحدث بإعجاب عن أمير دبي الشيخ محمد بن راشد بن مكتوم، الذي وصفه بالرجل صاحب "الرؤية الكبيرة"، والذي "حول بلاده، التي يعيش فيه 600 ألف نسمة إلى وجهة سياحية". وقال إن مكتوم "لم يغير بلده فقط، بل وغير المفهوم العالمي عن المواطن العربي".
وتوضح الصحيفة أنه بعد تعيينه قنصلا شرفيا لجمهورية جزر القمر في الكويت عام 2007، بدأ كيوان برسم خريطة لإمبراطورية تجارية قمرية، تشمل السياحة والتجارة والتنمية وتقديم مشاريع للمستثمرين، من خلال شركته "كومورو غالف هولدينغ"، بل وبدأ بإصدار جريدة يومية وهي "البلد".. واستطاعت شركته جمع 100 مليون دولار أمريكي، مع أن البعض يقول إن المبلغ أقل، وإن المال جاء معظمه من كيوان.
ويستدرك التقرير بأنه رغم جاذبية المشاريع، إلا ان المستثمرين لم يقتنعوا، لافتا إلى أنه من بين الذين قابلهم عبرت نسبة 1% عن استعدادها للاستثمار في هذا البلد. ومن ثم جاءت الأزمة المالية التي أثرت على مشاريع كيوان، حيث لم يعد هناك مستثمر يرغب بوضع ماله في مكان جميل ولكن لا توجد فيه البنى التحتية المساعدة على الاستثمار.
وتورد إبراهيميان أنه بالإضافة إلى المشكلات المالية، فقد وجدت مجموعة "كومورو غالف هولدينغ" عقبات سياسية، وصار الكثير من القمريين ينظرون إليها نظرة شك. مبينة أن شركة "كومورو غالف هولدينغ" قامت بتوفير فرص عمل جيدة للسكان، ولكن من الواضح أن المشاريع الكبرى التي حلمت بها المجموعة لم تر النور.
وتنوه الصحيفة إلى أن طموحات كيوان ودبي الجديدة في جزر القمر انتهت في أيار/ مايو 2011، عندما تسلم إكليلو دوناين السلطة. وبدأت السلطة الجديدة بالطلب من شركة كيوان دفع ملايين الدولارات من مشروع الجنسية الاقتصادية. كما وألغت الامتيازات التي منحتها سلطة سامبي لكيوان ومجموعته.
واعترف كيوان بخسارة شركته أموالا، وفشلها في تحقيق طموحاتها في الجزر. وقال: "فهمنا أنه علينا الانتظار حتى تنتهي فترة الحكومة الحالية على أمل ظهور حكومة محايدة". وأضاف: "اعتقدنا أنه كانت لدينا علاقات جيدة مع البلد، لكن كل شيء يعتمد على الرئيس الذي يملك الكلمة الأخيرة".
وتختم "الغارديان" تقريرها يالإشارة إلى أنه لم يعد لكيوان الكثير من العلاقة مع جزر القمر، فآخر رحلة له كانت عام 2013، وفي عام 2014 خسر عقده مع فندق إتسندرا، وتوقفت جريدة "البلد"، التي ظلت ولعامين صورة عن مشاريعه، أما اليافطات التي علقت لمشاريعه مثل الكورنيش فقد مزقت.