أثار تفاقم الخلافات داخل حزب "
نداء تونس" الذي يتمتع بالأكثرية في البرلمان، مخاوف من تفكك الحزب، ما من شأنه أن يؤدي إلى شلل حكومة الحبيب الصيد التي تسلمت مهامها في السادس من شباط/ فبراير الماضي.
ويشهد "نداء
تونس"، منذ انتخاب مؤسسه الباجي قائد
السبسي رئيسا لتونس في أواخر 2014 واستقالته من الحزب، صراعا على مواقع القرار وحرب زعامات ومصالح.
ويتنازع على القرار داخل "النداء" الأمين العام الحالي للحزب محسن مرزوق، ونائب رئيس الحزب حافظ قائد السبسي، وهو نجل الرئيس التونسي.
والأحد تبادل الشقان اتهامات بتجنيد "مليشيات" واستعمال العنف في فندق بمدينة الحمامات كان من المقرر أن يستضيف في اليوم نفسه اجتماعا للمكتب التنفيذي للحزب.
اقرأ أيضا:
قيادي بنداء تونس: نداء تونس مهدد بالانقسام
وسادت حالة من الفوضى داخل الفندق الذي تم تهشيم إحدى واجهاته البلورية وبعثرة بعض أثاثه حسبما أظهرت مقاطع فيديو بثتها وسائل إعلام محلية.
وأمام الفندق تدافع أشخاص وتبادلوا اتهامات وشتائم، فيما منع آخرون يحملون هراوات من دخول القاعة التي كان مقررا عقد الاجتماع فيها.
وهذه أول مرة منذ الثورة التي أطاحت مطلع 2011 بنظام الرئيس زين العابدين بن علي تظهر فيها "ممارسة عنفية داخل حزب واحد" في تونس، بحسب الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي.
والأحد، ندد 32 من نواب
نداء تونس في البرلمان في "رسالة مفتوحة" موجهة إلى الرئيس التونسي، بما اعتبروه "موقفا سلبيا" إزاء ما يجري في الحزب متهمين نجله حافظ بتجنيد "مليشيات" قالوا إنها "اعتدت" عليهم في فندق الحمامات.
وحذر هؤلاء من أن ما حصل الأحد "سيكون له أوخم الآثار على تماسك الكتلة النيابية للحزب وعلى استقرار البلاد وعلى توازنها السياسي والاقتصادي، إذا لم يقابله موقف واضح وصارم" من الرئيس قائد السبسي الذي دعاهم الاثنين إلى لقاء معه لكنهم رفضوا.
ويضم "نداء تونس" الذي تأسس منتصف 2012، يساريين ونقابيين ورجال أعمال ومنتمين سابقين لحزب "التجمع" الحاكم في عهد الرئيس بن علي (1987- 2011).
وعندما كان الباجي قائد السبسي يتولى رئاسة "نداء تونس"، فقد استطاع المواءمة بين المكونات المختلفة للحزب الذي تأسس بهدف إزاحة "الترويكا" التي قادتها
حركة النهضة الإسلامية من الحكم.
وحكمت الترويكا تونس من نهاية 2011 حتى مطلع 2014، قبل أن تستقيل لإنهاء أزمة سياسية حادة اندلعت في 2013 إثر اغتيال اثنين من معارضي الإسلاميين.
وحتى اليوم لم يعقد "نداء تونس" مؤتمره التأسيسي الذي يفترض أن تنبثق عنه هياكل منتخبة وقوانين داخلية.
وبحسب مجلة "ليدرز" التونسية الناطقة بالفرنسية، فإن "الطموحات الشخصية، وغياب الهيكليات المنتخبة، والفراغ العميق الذي تركته مغادرة الباجي قائد السبسي هي أسباب الأزمة".
خطر على استقرار البلاد
والاثنين، التقى الباجي قائد السبسي مع عشرات من نواب الحزب في البرلمان أغلبهم محسوب على شق نجله حافظ.
وقال النائب عبد العزيزي القطي، في تصريح لإذاعة "شمس أف أم" الخاصة، إن الرئيس تعهد خلال اللقاء بفتح "تحقيق" في ما حصل الأحد في الحمامات.
وأضاف أن قائد السبسي انتقد بشدة تهديدات بعض النواب بالانسحاب من الحزب وكتلته البرلمانية واعتبرها "خيانة مؤتمن" و"خطرا كبيرا على استقرار البلاد وعلى الاستقرار السياسي".
وتابع بأن الرئيس أقر أن "تأخير عقد المؤتمر التأسيسي للحزب هو الذي أوصلنا إلى هذه الأوضاع"، ودعا إلى عقده في شهر كانون الأول/ ديسمبر القادم "من أجل وقف هذا النزيف".
وفي تصريح لإذاعة "موزاييك أف أم" الخاصة، نفى محسن مرزوق الأمين العام لـ"نداء تونس" التخطيط لتأسيس حزب جديد.
وقال مرزوق إنه يفكر "في حل لإنقاذ حزب صوت له أكثر من 1.6 مليون ناخب في الانتخابات التشريعية" التي جرت في تشرين الأول/ أكتوبر 2014.
وقال: "لا يمكن إنقاذ الحزب إلا بالقطع مع مجموعة من السياسات والسلوكيات والأشخاص" في إشارة على الأرجح إلى حافظ قائد السبسي.
وبحسب محللين، فإن المنتمين السابقين للحزب الحاكم في عهد بن علي، يرون في حافظ قائد السبسي "حليفا مناسبا" لإزاحة اليساريين والنقابيين من "نداء تونس".
مخاوف عودة الإسلاميين إلى الواجهة
وأثارت أزمة "نداء تونس" مخاوف لدى أنصاره من تفكك كتلته البرلمانية، ما قد يجعل
حركة النهضة الإسلامية القوة الأولى في مجلس نواب الشعب.
وحركة النهضة ثاني قوة في البرلمان بـ69 مقعدا وراء "نداء تونس" بـ86 مقعدا.
وقالت يومية "المغرب" التونسية الثلاثاء: "يبدو أن الانعكاس الأول لأزمة نداء تونس هو انشطار كتلته النيابية ما يجعل من الخصم المشترك سنة 2014، حركة النهضة، الحزب الأول تحت قبة البرلمان".
وقبل انتخابات 2014، قاد "نداء تونس" الذي يتشارك مؤسسوه في معارضة الإسلاميين، حملة شرسة ضد حركة النهضة الإسلامية، وقدم نفسه بديلا لها في الحكم. لكنه تحالف معها بعد الانتخابات لأنه لم يحصل على الأغلبية اللازمة التي تمكنه من تشكيل الحكومة بمفرده.
والثلاثاء قال راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في تصريح لإذاعة "شمس أف أم": "ليس لنا أي برنامج للانفراد بالحكم أو حتى لقيادة الحكم اليوم (..) نتمنى لكل الأحزاب الخير والوحدة".