كشف الشيخ رضا الجوّادي، إمام
جامع اللخمي المعزول بمحافظة صفاقس
التونسية، في أوّل ظهور تلفزيوني له بعد الإفراج عنه، عن ظروف
اعتقاله بسجن الإيقاف على ذمّة التحقيق، في قضية تتعلق بـ"جمع أموال دون احترام الإجراءات القانونية" طالت هيئة تسيير الجامع.
وتطرّق الجوّادي في برنامج "لقاء خاص" على قناة "الزيتونة" مساء السبت، إلى حملة التشويه التي طالته في بعض وسائل الإعلام، ذات التوجّه اليساري، خلال اليومين اللذين سبقا قرار إيقافه، حيث تم الترويج لـ"هروبه مع عائلته بعد أن ثبتت التهمة عليه، بعد العثور على ملفات تورطه مع رجال أعمال في فساد مالي في جمعية لا وجود لها أصلا" وفق تعبيره.
تبجيل واحترام
وربط ما حصل بمحاولة شيطنة الأئمة عبر وسائل الاعلام، بهدف التمهيد لقبول الناس بقرار الاعتقال، مشيرا إلى تصريح لنائبة في مجلس الشعب بأنه (الجوّادي) "أصبح خطرا على الأمن العام".
وحول ظروف إيقافه؛ قال الجوّادي إنه عومل، مع إمام الصلوات الخمس والإمام المكلّف بأمانة مال الجامع، باحترام كبير جدا؛ لصفتهم تلك (الإمامة)، لافتا إلى أن محققي الشرطة العدلية وقاضي التحقيق وحرّاس
سجن الإيقاف؛ أشعروهم بأنهم يكنّون تقديرا خاصا لأهل الدين.
وواصل قائلا: "أول ما دخلت غرفة الإيقاف؛ تيقنت أن 99 بالمائة من الشعب التونسي يحبّ الدين ويحترم المشايخ.. ولقينا من الموقوفين، على اختلاف قضاياهم، التبجيل والاحترام ما أدمع أعيينا، فاحتضناهم وواسيناهم.. وأحدهم خلع قميصه كي أستعمله مخدّة، وآخرون سلّمونا أغطيتهم كي نفترشها".
وأضاف الجوّادي، الذي تمّ اعتقاله أيضا في فترة النظام السابق، أن الغرفة التي تمّ إيقافه فيها طيلة ثلاثة أيّام بلياليها؛ لا تتجاوز مساحتها خمسة أمتار مربعة، "ورغم ذلك فقد زجّ فيها بأكثر من 20 موقوفا في قضايا حقّ عام، كالسكر والمخدّرات والعنف وغيرها".
روائح وجرذان
وبين أن أغلب المتواجدين في التوقيف كانوا ينامون وقوفا، وأحيانا يفترشون الأرض، فتلتصق الوجوه بالسيقان، بالإضافة إلى أن الروائح الكريهة كانت تنبعث من المرحاض الملاصق لهم، حيت تتجوّل الجرذان بين الفطائر التي لم يقدر أحد على تناولها.
وقال الجوادي إنّ ما عايشه بغرفة الإيقاف "التي كانت الأفضل من بين الغرف الأخرى" هو "وصمة عار على جبين الدولة والمجتمع"، مشيرا إلى "العدد الكبير من الشبّان الذين تواجدوا معه في الإيقاف، كانوا تحت تأثير المخدّرات".
وأضاف: "هؤلاء هم ضحايا المجتمع، وما هم فيه يدل على فشل نظام التعليم والتربية والأسرة والشارع والاعلام، على مدى العقود الماضية".
واتهم الجوّادي بعض وسائل الإعلام التي حاولت اختزال قضية عزل الأئمة في قضية ملفّقة ضدّه من قبل
وزارة الشؤون الدينية، مؤكدا أن من خرجوا إلى شوارع صفاقس للاحتفال مساء الإفراج عنه ليسوا أنصاره كما يريد البعض ترويجه، "وإنما هم أنصار الدين".
وذهب إلى أن "الاضطهاد الديني الذي مارسه النظام السابق خلال سنوات طويلة؛ جعلت الناس اليوم ينتصرون للحق ولحرية التعبير في المساجد وكل المنابر الإعلامية، فالناس باتوا يخشون العودة إلى مربّع الاستبداد الذي كانت فيه اللحية والحجاب وصلاة الصبح ممنوعة، ومجرّمة أحيانا" وفق تعبيره.
مخدّرات وعاهرة و"داعش"
وأوضح الجوّادي أن "التهمة الكيدية التي حاولت الوزارة إلصاقها به؛ بالية جدّا؛ لأن الطريقة التي اعتمدها في تسيير الجامع متطوّرة، إذ تمّ تخصيص صناديق حديدية مغلقة بأقفال ثلاثة، ومرقمة، بحيث لا يمكن فتحها إلا بحضور الإمام الخطيب، وإمام الصلوات الخمس، وأمين المال، ويتمّ تحرير محضر جلسة في كل مرّة يتمّ فيها تحصيل التبرّعات، قبل إيداعها بالبنك تحت متابعة خبير محاسب، وهو أستاذ جامعي".
وحذر من تلفيق قضايا كاذبة ضده، كأن تُدس له قطعة مخدرات في متاعه، أو أن تتهمه "عاهرة" بالاعتداء عليها، أو أن يؤتى بشاب يدعي في فيديو مسجل، بأنه ساعده على السفر إلى سوريا والانضمام لتنظيم الدولة.
وطالب الجوادي بتدخّل رئيس الحكومة والعقلاء من الأحزاب، بقصد التراجع عن قرار عزله من اعتلاء المنبر، أو إقالة وزير الشؤون الدينية عثمان بطيخ، "قبل أن تنفلت الأمور، وخاصة أن الشأن الديني في تونس قد وصل إلى طريق مسدود بسبب قرارات هذا الوزير" وفق تعبيره.