نشرت صحيفة لاكسبرس الفرنسية؛ تقريرا حول موقف الشباب
الفلسطيني في
المهجر، من المواجهات الدائرة في
الضفة الغربية بين الفلسطينيين وجيش الاحتلال
الإسرائيلي.
وأشارت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إلى الطالبة ولاء طبنجة التي تدرس منذ سنتين في إحدى جامعات مدينة ليل الفرنسية، لكنها في هذه الأيام تراقب بشغف ما يحدث في الأراضي الفلسطينية. ومنذ بداية الخريف، تتابع ولاء ذات الأربعة والعشرين ربيعا؛ مجريات الأحداث في الضفة، والأراضي الواقعة داخل الخط الأخضر.
وقالت الصحيفة إن الشباب الفلسطيني المشارك في الانتفاضة لا ينزل إلى الشارع ليرفه عن نفسه، بل إن أغلب هؤلاء الذين هم بعمر ولاء، يشعرون بانسداد الأفق أمامهم لأن الاحتلال يخنق الاقتصاد المحلي في الضفة الغربية، فضلا عن ارتفاع نسبة البطالة. ومن تسمح لهم الظروف يلجأون للبحث عن عمل في في أراضي 48، حيث تتوفر هناك فرص كثيرة للعمل، لكن سلطات الاحتلال تسمح للقليلين بالدخول، كما أنه لا يمكن أن يتخيل أحد حجم العراقيل اليومية الكثيرة، التي يواجهها الفلسطينيون هناك في بلادهم، كما تقول الصحيفة.
وذكر التقرير أن غياب حرية التنقل يمثل إحدى أهم الصعوبات التي يواجهها الفلسطينيون، حيث أنهم يقبعون تحت رحمة سلطات الاحتلال. فولاء مثلا، أرادت السفر في سنة 2012 إلى فرنسا للمشاركة في دورة تدريبية في اللغات، وكانت الطريقة الوحيدة لمغادرة الأراضي الفلسطينية المحتلة هي المرور عبر الأردن.
وذكرت الصحيفة أن ولاء اضطرت حينها إلى السفر بالحافلة إلى أريحا على مدى ساعتين من الزمن، ومن ثم نقلتها حافلة أخرى إلى الحدود لتنتظر هناك لمدة نصف يوم، وبعد كل تلك المشقة منعتها السلطات الإسرائيلية من مغادرة البلاد.
وقال التقرير إن مثول ناشط سياسي فلسطيني أمام التحقيق بتهمة رمي حجر خلال مظاهرة؛ كفيل بإدراج أسماء كل أفراد عائلته في لائحة سوداء، وهو ما حصل فعلا مع ولاء، فقد تم الزج بأخويها في السجن بسبب تظاهرهما ضد الاحتلال، وقد اضطرت لتوكيل محام للحصول على حقها في السفر. وفي 2013، حصلت على تصريح بمغادرة الضفة الغربية نحو فرنسا.
وذكرت الصحيفة أن ما روته ولاء لا يقتصر على المسافرين إلى خارج البلاد، لكنه يشمل أيضا من يتنقلون بين مدن الضفة الغربية، حيث يعيش هؤلاء معاناة يومية تتمثل في المرور في طوابير انتظار طويلة أمام الحواجز الأمنية.
وقال التقرير إن نابلس، الخاضعة للسلطة الفلسطينية، يدخلها الجيش الإسرائيلي متى يريد، ويقوم بنصب وإزالة الحواجز الأمنية كيف ما يحلو له. وعلى تلك الحواجز، يتحتم على الفلسطينيين في معظم الأحيان أن يتسلحوا بالصبر، أمام جنود الحراسة الذين يتفننون في ممارسة أبشع أنواع الإهانات.
وذكر التقرير أن الفلسطينيين يستغرقون قرابة خمس أو ست ساعات لقطع المسافة الفاصلة بين نابلس وبيت لحم؛ لأن القوات الإسرائيلية تراقب عدة طرق وتمنعهم من المرور عبرها، ويضطرون للمرور عبر طرق فرعية، لتفادي الحواجز واعتداءات المستوطنين على الحافلات والسيارات التي يركبونها.
وأشارت الصحيفة إلى ارتفاع حدة التوتر خلال الأشهر الأخيرة، في ظل بناء سلطات الاحتلال طرقات على أراضي الضفة الغربية، مخصصة لمرور المستوطنين، فيما يُمنع مرور الفلسطينيين عبرها.
وقال التقرير إن حياة الفلسطينيين في محيط نابلس أكثر صعوبة، نظرا لوجود المستوطنين بقربهم، بالإضافة إلى تواجد قوات الاحتلال الإسرائيلية في كل مكان لتأمين المستوطنين، ولا تحرك هذه الأخيرة ساكنا عندما يقوم المستوطنون بالاعتداء على المزارعين الفلسطينيين وإتلاف حقولهم وبساتينهم.
وقالت الصحيفة إن ولاء تتفهم موقف الشباب المحتجين في الشوارع وتؤيدهم، ورغم أن أصدقاءها لا يشاركون في إلقاء الحجارة على الجنود الإسرائيليين، فإنها تؤكد على أن الفلسطينيين واعون بأهمية ما يقوم به هؤلاء الشباب الغاضبون، وتؤكد على أهمية استنباط أشكال أخرى للمقاومة، لأن الواجب الوطني يحتم على الفلسطينيين الدفاع على أرضهم.
وذكرت الصحيفة أن ولاء تتأسف لتسليط وسائل الإعلام الضوء على رد فعل الفلسطينيين، وفي المقابل تتستر على العنف الذي يمارسه الإسرائيليون.
وقالت إن ولاء "تعتبر العنف الذي يمارسه الفلسطينيون مبررا، وليضع أحدهم نفسه مكان شخص رأى والده أو أخاه أو ابنته تقتل أمام ناظريه، في هذه الحالة لا يوجد أي وجه للمقارنة، لا يمكن مقارنة الجيش الإسرائيلي الذي يعتبر جيشا عالي التجهيز، بالفلسطينيين الذين يعتمدون على الحجارة وسكاكين المطبخ للوقوف في وجهه".
وذكر التقرير أن الشابة الفلسطينية، شككت في عدد عمليات الطعن التي أعلنت عنها السلطات الإسرائيلية، وأكدت أن جيش الاحتلال، في حال صراخ مستوطن بوجود عربي مسلح بسكين في المكان، لن يتردد حينها في إطلاق النار دون معرفة مزيد من التفاصيل.
وقالت الصحيفة: "رغم أن الجيل الذي ترعرعت فيه ولاء، عرف حياة مليئة بالاضطهاد بسبب الاحتلال، إلا أنه يحلم بحياة طبيعية ويريد أن ينعم بالحرية في وطنه الأم، والعيش دون رعب، وأن يتمتع بالدراسة والعمل والترفيه كباقي سكان العالم".