حدَّدت نتائج المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية، التي أُعلنت الأربعاء الماضي، شكل "مجلس النواب" المرتقب في
مصر، بعدما توزعت الأغلبية الفائزة، أو المرشحة للفوز في جولة الإعادة، يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، بين قائمة "في حب مصر"، الموالية للسيسي، التي تضم عددا كبيرا من "قيادات" الجيش والشرطة السابقين، (فازت بـ75 مقعدا)، ودخول حزب "المصريين الأحرار"، لمؤسسه رجل الأعمال القبطي، نجيب ساويرس، جولة الإعادة بأكبر عدد من المرشحين، (65 إعادة مع 5 فازوا)، علاوة على فوز 24 نائبا سابقا للحزب الوطني "المنحل".
يأتي ذلك في ظل صعود قبطي بفوز 12 من
الأقباط، وخوض 20 الإعادة، وتراجع تمثيل التيارات اليسارية، وغياب الإسلاميين، بالمقاطعة اختيارا، وبالسقوط المذل لحزب "النور"، الذي هو أحد مكونات انقلاب 3 يوليو، فلم تفز قائمته بقطاع غرب الدلتا، (45 مقعدا)، برغم أنه كان يستهدف اقتناصها، بحكم أنها تتضمن مناطق نفوذه (الإسكندرية، والبحيرة، ومرسى مطروح)، فحلَّ الحزب رابعا بعد المصريين الأحرار ومستقبل وطن والوفد، بـ 22 مرشحا يخوضون الإعادة.
وتجري الإعادة بين 444 مرشحا يتنافسون على 222 مقعدا في محافظات المرحلة الثانية الأربع عشرة، من بين إجمالي عدد مقاعد المرحلة، ويبلغ 226 مقعدا بالنظام الفردي، و60 مقعدا للقائمة، حيث أُعلن فوز 4 مستقلين علي المقاعد الفردية، أبرزهم الصحفي الموالي للسيسي، عبدالرحيم علي في الدقي والعجوزة، فيما تبقى 222 مقعدا في الإعادة، وذلك بعد أن أُعلن فوز قائمة "في حب مصر"، بالستين مقعدا المخصصة للقوائم في هذه المرحلة.
"الجنرالات" يتقدمون
وصف أستاذ العلوم السياسية "خليل العناني" البرلمان المقبل بأنه "برلمان الجنرالات"، وهذه التسمية ليست مبالغة، إذ من بين 64 نائبا فازوا بعضوية مجلس النواب من الجولة الأولى، توجد نسبة 7.8% بينهم من العسكريين، فضلا عن أن عديدين منهم يخوضون معركة الإعادة.
وضمت قائمة "في حب مصر" العدد الأكبر من أفراد الجيش والشرطة الفائزين، وعددهم سبعة أبرزهم رئيس القائمة رجل المخابرات اللواء سامح سيف اليزل، إلى جانب مدير المخابرات الحربية الأسبق، اللواء كمال عامر.
وتلاها قائمة "تحالف الجبهة المصرية" و"تيار الاستقلال"، التي ضمت اللواء عصام الدين محمد بدوي، والعميد يونس أبو جبير.
وفي الإسماعيلية، فاز ضابط الشرطة السابق هشام محمد، بالإضافة إلى اللواء يحيى عيسوي.
وفي الجيزة نجح ثلاثة لواءات هم سعد الجمال عن دائرة الدقي والعجوزة، ورئيس المباحث السابق علاء عايد عن حزب المصريين الأحرار، فيما تمكن مساعد رئيس هيئة الرقابة الإدارية السابق محمد صلاح أبو هميلة من خوض جولة الإعادة بالعياط.
الحزب الوطني "المنحل" يعود
كشفت النتائج النهائية نجاح 24 مرشحا كانوا ينتمون للحزب الوطني المنحل، ووصولهم إلى البرلمان القادم، ضمن قائمتي "في حب مصر"، إلى جانب عشرات المرشحين الذين وصلوا إلى جولة الإعادة، المقررة الثلاثاء والأربعاء المقبلين. وبين الفائزين والباقين للإعادة عدد كبير ضمن صفوف "المصريين الأحرار".
تقدم "المصريين الأحرار"
شهد ترتيب الأحزاب المتنافسة خلال جول الإعادة على المقاعد الفردية بالمرحلة الأولى العديد من المفاجآت، إذ احتل حزب المصريين الأحرار موقع الصدارة، وتراجع حزب الوفد إلى المركز الثالث بعد حزب "مستقبل وطن".
وأعلن "المصريين الأحرار" خوض 65 مرشحا جولة الإعادة في 51 دائرة انتخابية، من إجمالي 112 مرشحا خاضوا المرحلة الأولى من الانتخابات بنسبة 58%، وبذلك يحل الحزب في المرتبة الأولى.
وقال القائم بأعمال رئيس الحزب، عصام خليل، إن الحزب يتوقع زيادة عدد مرشحيه خلال المرحلة الثانية من الانتخابات بزيادة نسبة المشاركة، مشيرا إلى فوز 5 من مرشحيه على قائمة "في حب مصر"، وهم: عماد جاد، وهشام الشعيني، وميرفت موسى، ومجدى ملك، ومي محمود.
"مستقبل وطن" مفاجأة أخرى
في مفاجأة كبيرة، أعلن حزب "مستقبل وطن" خوض 48 مرشحا جولة الإعادة، من إجمالي 88 مرشحا دفع بهم الحزب.
وجاء الحزب بمثابة الحصان الأسود بالجولة الأولى للانتخابات، فهو الحزب الوحيد الذى حصل على مقعد فردي، فيما تساوى مع الأحزاب الأخرى المشاركة في قائمة "في حب مصر" بحصوله على 5 مقاعد بالقائمة إضافة إلى المنافسة في جولة الإعادة، ليحقق بذلك نجاحا في الوصول لجولة الإعادة بـ60% من مرشحيه.
وتأسس الحزب عقب ثورة 30 يونيو، على يد الناشط الشاب محمد بدران، ويرى المحلل السياسي وحيد عبدالمجيد أن الحزب "مصنوع في مطبخ بعض أجهزة الدولة"، وباعتبار بدران أحد شباب حملة السيسي السابقة، فضلا عن أنه يحظى بدعم رجال الأعمال، ويعتمد على عدد من المرشحين السابقين عن الحزب الوطني "المنحل"، ما يعزز من فرصه في الانتخابات.
"الوفد" ثالثا ومتراجعا
بينما فاز له خمسة مرشحين على قائمة "في حب مصر"، وحلّل ثالثا في ترتيب الأحزاب الفائزة، أعلن حزب "الوفد" أن لديه 35 مرشحا يخوضون الإعادة علي مستوي دوائر المرحلة الأولي.
وقال رئيس الحزب السيد البدوي، إن الحزب كان لديه نحو 33 مرشحا تم شراؤهم من قبل بعض الأحزاب، وفق تعبيره.
مفاجأة "النور"
وكانت المفاجأة تراجع حزب "النور"، للمركز الرابع برغم ضجيجه الإعلامي السابق على الانتخابات، علما بأنه حلَّ ثانيا في انتخابات 2012، بعد حزب "الحرية والعدالة"، القريب من الإخوان.
ويخوض الحزب جولة الإعادة بـ 22 مرشحا في 6 دوائر انتخابية. وكان خروج "النور" بخسارة دائرة غرب الدلتا مفاجأة مدوية في شكل الخريطة الانتخابية، فضلا عن أنه فشل في الفوز بأي مقعد بالجولة الأولى، وفشلت قائمتاه أيضا أمام اكتساح "في حب مصر".
وفسَّر مراقبون خسارة "النور" بعدم ذهاب جماهيره (السابقة) لانتخابه، على الرغم من تذرعه بعكس ذلك.
صعود الأقباط
يخوض أكثر من 20 مرشحا قبطيا، مدعومين بشكل كامل من الناخبين الأقباط في دوائرهم، جولة الإعادة، فضلا عما لا يقل عن عشرة مرشحين أقباط فازوا بالفعل، في ظاهرة تحدث للمرة الأولى بمصر، وعلى الرغم من أن الأقباط لم يمثلوا في أنزه برلمان عرفته مصر، وهو برلمان عام 2012، سوى سبعة منتخبين فقط، في حين تم تعيين خمسة آخرين، ليبلغ عددهم الإجمالي حينها 12 نائبا قبطيا.
وفي محافظة المنيا وحدها يخوض عشرة مرشحين أقباط جولة الإعادة على مقاعد الفردي دفعة واحدة.
وقال مسؤول ملف حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إسحق إبراهيم، إن الكثافة السكانية للأقباط في بعض المحافظات، من ضمن ما أدى إلى نجاح المرشحين الأقباط، في إشارة ضمنية إلى أن التصويت كان "طائفيا" في بعض الدوائر التي تواجد بها مرشحون أقباط، حتى إن مركز ملوي بمحافظة المنيا يتنافس فيه مرشحان قبطيان وجها لوجه.
الليبراليون يتقدمون في حلبة فارغة
نتائج المرحلة الأولى أظهرت أيضا دخول عدد من المرشحين جولة الإعادة في عدد من الدوائر، تتضمن مرشحي الأحزاب "الليبرالية" الموالية للعسكر، لا سيما بدائرتي الوراق وأوسيم وإمبابة، إذ كانت الغلبة لمرشحي الإعادة في الدائرتين لمرشحي "المصريين الأحرار"، والوفد والمستقلين بينما لم يكن للنور سوى مرشح واحد.
أشهر المنهزمين
كشفت النتائج الأولية أيضا غياب حزب "الحركة الوطنية" - الذى أسسه الفريق أحمد شفيق بعد خسارته للانتخابات الرئاسية أمام الرئيس محمد مرسي في عام 2012 - عن المنافسة، فعلى الرغم من دفعه بمائة من مرشحيه لم يفز واحد منهم، فيما يخوض الإعادة ستة مرشحين فقط.
وعزا مراقبون تراجع الحزب إلى أن غالبية الناخبين لا يعرفون أنه حزب شفيق، وأنه تعرض لانشقاقات كبيرة قبل انطلاق العملية الانتخابية، منها استقالة قيادييه: صفوت النحاس، ويحيى قدري.
أحزاب لها مرشحون بالإعادة
قال تيار الاستقلال، الذى يقوده أحمد الفضالي، إن 30 مرشحا بالتيار نجحوا في الوصول إلى مرحلة الإعادة بمحافظات أسيوط وسوهاج وقنا وبني سويف.
وأعلن حزب الشعب الجمهوري أن الحزب لديه 14 مرشحا يخوضون جولة الإعادة في 9 محافظات هي: أسيوط والجيزة والمنيا والإسكندرية والأقصر وسوهاج والبحيرة وقنا وبني سويف.
وأعلن أمين عام حزب المؤتمر، أمين راضي، خوض 7 مرشحين جولة الإعادة في 5 محافظات.
وأعلن حزب "مصر بلدي" خوض 6 مرشحين له جولة الإعادة.
وأعلنت أحزاب "المصري الديمقراطي" و"حماة الوطن" و"مصر الحديثة" خوض 5 مرشحين لكل منها جولة الإعادة، في حين أعلن حزب "المحافظين" أن 3 مرشحين عن الحزب يخوضون جولة الإعادة، بينهم مساعد رئيس الحزب إيهاب الخولي في دائرة إمبابة.
ويخوض أكثر من 103 أحزاب الانتخابات، ومعظمها لا يعرف عنها الناخب شيئا، ولم يسمع بها.
أحزاب "الصفر"
حصد عدد وافر من الأحزاب المشاركة صفرا، ولم يفز لها مرشح، أو حتى يصل للإعادة.
ومن ذلك حزب "الإصلاح والنهضة"، الذي دفع بـ15 مرشحا رسبوا جميعا، فيما أعلن الحزب أنه سيدعم قائمة "في حب مصر" في الجولة الثانية.
ذبول يساري
خرجت أحزاب اليسار خلال الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية، خالية الوفاض، في ظل مشاركة حزبين فقط هما "التجمع والتحالف الشعبي"، من أصل أربعة أحزاب.
وشارك التحالف الشعبي الاشتراكي، الذي تأسس عقب ثورة يناير، في الانتخابات، بستة مرشحين في الجولة الأولى، لم يصل أي منهم لمرحلة الإعادة، وجاءت نتائجهم في ذيل ترتيب أصوات المرشحين.
الأمر نفسه تكرر مع حزب "التجمع"، أحد أقدم الأحزاب المصرية، إذ لم يصل أي من مرشحيه الـ40 لمرحلة الإعادة.
ضعف التمثيل النسائي
من بين 444 مرشحا في الإعادة هناك 12 سيدة فقط مقابل 432 رجلا.
انقسام صوفي
تحول المؤتمر السنوي للطرق الصوفية للاحتفال بمولد السيد البدوي بطنطا في ليلته الختامية الخميس، إلى ساحة لمعركة انتخابية، إذ فوجئ جمهور الصوفية المحتفلين بالمولد، بمشاركة تهاني الجبالي، في الاحتفال، بوفد من قائمتها "التحالف الجمهوري"، التي تخوض الانتخابات.
وتسبب حضور الجبالي في تصاعد الصراع بين شيوخ الصوفية المنقسمين بين دعم قائمة "في حب مصر"، التي يخوض من خلالها رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية، عبد الهادي القصبي، الانتخابات، وبين المشايخ الداعمين لقائمة التحالف الجمهوري، التي يشارك فيها رموز من الاتحاد العالمي للطرق الصوفية، برئاسة عصام محيي، الأمين العام للاتحاد.