في إطار اللامعقول الذي يسود أوساط ما يسمى بـ"النخبة" في مصر، ناشدت كاتبة رئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي أن يزور
الانتخابات، عارضة أن تقبل يده مقابل ذلك.
الكاتبة هي "
أماني هولة"، وجاءت دعوتها تلك في مقالها بعنوان: "سيدي الرئيس..أبوس أيدك..زور الانتخابات"، بجريدة "
الوطن"، الموالية للسيسي، الجمعة.
وبعد أن استعرضت الكاتبة في مقالها، نماذج من المصريين البسطاء، الذين لا يكادون يجدون قوت أبنائهم، ويعانون من الأمراض، وشظف العيش، وعدم وجود مأوى لهم، قامت بتعميم تلك النماذج، معتبرة أن ما يدفع أصحابها للمشاركة في الانتخابات، والتوجه إلى لجان الاقتراع، ببطاقة الهوية والختم، حيث يعانون من أمية القراءة والكتابة، هو ثمن تافه لأصواتهم.
ويتمثل هذا الثمن، بحسب الكاتبة، تارة في قطعة لحم كبيرة، بالنسبة لسيدة، تذهب إلى المنزل الكبير في قريتها، كباقي أهل القرية، من أجل إعطائهم بطاقتها، وختمها، للخصول على قطعة اللحم.
وتحدثت "أماني هولة" في مقالها أيضا عن مواطن يعمل بالسخرة، ويعاني من مرض الكبد، وأشارت إلى أن مقابل شراء صوته في الانتخابات هو الحصول على عقار "سوفالدي"، الخاص بعلاج مرض فيروس التهاب الكبد الوبائي (سي).
أما النموذج الثالث فهو لبائع جائل في أحد أهم شوارع العاصمة، ومناد لسيارات أمام متجر كبير، لكنه يعاني من مشاركة "نطع" له في إيراده (خمسة جنيهات من كل زبون)، وأمين شرطة "رذل"، وموظف حي ومحليات يملكون صكوك ملكية موازية.
والأمر هكذا يبيع هذا المواطن صوته، وفقا للكاتبة، ذاهبا للانتخاب أيضا، بختم وبطاقة الهوية"، كي "يجد أخيرا ظهرا وسندا وقطعة مخدرات نظيفة وفرصة عمل أكثر استدامة في لعبة لا تنتهي...وتنتخبوا مين...وحابيبكم مين"، على حد تعبيرها.
واستعرضت الكاتبة نموذج سيدة أخرى تعيش في بدروم "ينشع" به ماء المجاري معظم الوقت، ويؤذن للصلاة من المسجد القريب، لكنها لا تأبه له، فهي لا تعلم قواعد الصلاة جيدا، وفي الوقت نفسه تنظر إلى أبنائها في الشارع، وهم يقومون بدورهم في استلال جنيهات قليلة من جيوب المارة".
وأشارت الكاتبة إلى أن السيدة حامل، لكنها تحضر معها ختما وبطاقة هوية لا تعرف لها معنى..سوى أنها ستوفر قوت عدة أيام على ما تفرج، ولم تنس الكيس الأسود الذي ستحمل فيه ما تيسر من رزق".
وأخيرا تعرض الكاتبة نموذج مواطن "خرج من المسجد متشحا بذلك الأمل الجديد في إقامة حدود الله وسط دعارة مجتمع كافر.. سيكون له دور أخيرا في تقويمه.. وسيعرف كيف ينتقم من أمثال أمين الشرطة الذي أذله أمام حبيبته عندما أخذه على "خوانة"، فلم يستطع أن يواجهها أبدا، وقتل حبه الوحيد..ثم هداه الله إلى الطريق القويم.. ورب ضارة نافعة فلولا هذا الموقف الذي غير حياته كان سيظل في ضلالة جلسات المقاهي، والبحث بيأس عن عمل وارتكاب المعاصي.
وأضافت: "أحضر (كما أخبروه) ختما وبطاقة هوية لا يعرف لها معنى.. سوى مؤازرة شيخه الذي يمنحه العطايا مقابل بعض الأعمال ليعينه على دينه، وقد أوصىاه بأن يصطحب زوجاته الأربع، والتأكد من حشد باقي الأخوان".
وبعد أن استعرضت الكاتبة هذه النماذج، وصمت الشعب المصري بعدم الأهلية، إذ خاطبت السيسي قائلة: "سيدي الرئيس.. هؤلاء هم أغلبية الناخبين من شعبك الذي امتهنت آدميته، وتم تجهيله لعقود طويلة.. والذي لا نستطيع (برغم قدرته الجسدية) أن نمنحه رخصة قيادة مركبة، أو رخصة استخدام سلاح خشية أن يقتل بضعة أشخاص، فهل نمنحه رخصة قتل وطن بأكمله؟".
واستطردت: "من الآخر.. وحتى لا نضيع الوقت في تحليل وتنظير أخلاقي وفلسفي لن تعبأ به رياح توشك أن تغرق السفينة.. لقد علمتنا حجرة العمليات أن قرارات اضطرارية آنية بغلق وريد نازف بكل تبعاته (بفقد وظيفة عضو ما) تنقذ من موت محدق".
واختتمت "أماني هولة" مقالها المثير للجدل - مخاطبة السيسي -: "أتوسل إليك، ومستعدة أن أقبل يدك...أن تسامحني في طلبي.. وتقوم مؤقتا بفعل أخلاقي جدا.. أرجوك ..زوّر الانتخابات".
و"أماني هولة"، كاتبة مقال بالصحف المصرية، كما أنها طبيبة أمراض جلدية.