توجه أحمد جنيدي الإندونيسي البالغ من العمر 32 عاما ويعيش من بيع اللحوم، إلى
سوريا للانضمام إلى
تنظيم الدولة يدفعه الوعد بالحصول على أجر عال والرغبة في مساعدة الأطفال.
لكن أوهام الرجل الأب لأربعة أولاد والمتحدر من جزيرة جاوا، تبددت بسرعة. فقد سئم من إعداد الكباب للمقاتلين مقابل أجر ضئيل ومن الروايات عن أعمال العنف الوحشية.
وخلال بعض الوقت، نجح في إقناع قيادته بالسماح له بالعودة إلى بلده مثل عدد متزايد من الذين خاب أملهم.
ويرى الخبراء أن هؤلاء المحبطين يمكن أن يشكلوا سلاحا للحكومات لردع الذين يفكرون بالالتحاق بالمقاتلين.
ويقول هذا الإمام السابق: "خدعت. كنا نشعر بالملل هناك وكل وعودهم لم تكن سوى أكاذيب".
ويضيف: "أعرف أنه يقال: العين بالعين في الإسلام، لكنهم كانوا يفعلون أكثر من ذلك بكثير منتهكين تعاليم الدين".
وأوقف أحمد جنيدي في آذار/ مارس بعد أشهر من عودته من سوريا. وقد مثل أمام القضاء في جاكرتا وسيتم سجنه على الأرجح.
ولإندونيسيا تاريخ طويل في مكافحة التطرف. ففي السنوات الـ15 الأخيرة شهدت البلاد سلسلة هجمات، بينها اعتداءات "بالي" التي أودت بحياة مئتي شخص وشخصين معظمهم من السياح في 2002.
وتكللت حملة ملاحقات من قبل سلطات هذا البلد الذي يضم 225 مليون مسلم من أصل عدد سكانه البالغ 250 مليون نسمة، بالنجاح.
وتوجه أكثر من 250 إندونيسيّا إلى الشرق الأوسط للالتحاق به، كما تقول السلطات التي تخشى أن ينعش هؤلاء شبكات متطرفة عند عودتهم إلى البلاد.
لكن مسؤولي مكافحة الإرهاب يرون في خيبة أمل قلة من المتطوعين السابقين في تنظيم الدولة، بعض الأمل، إذ إن تجاربهم يمكن أن تردع البعض من السير على خطاهم.
وهذه الفكرة عرضها في أيلول/ سبتمبر الماضي باحثون من المركز الدولي لدراسات التطرف في جامعة "كينغز كوليدج" في لندن.
وقد أشاروا في مذكرة إلى أن عددا متزايدا من الذين خاب أملهم بعد التحاقهم بالتنظيم من كل الأصول، يهربون.
وأحمد جنيدي هو أحد 58 من هؤلاء الفارين الذين ذكروا بعدما تحدثوا علنا عن التحاقهم بالتنظيم منذ كانون الثاني/ يناير 2014، ثم خاب أملهم من عدم تنفيذ الوعود بالسخاء المالي، أو صدمهم إزاء قتل عدد من أبناء دينهم.
وقال سعود عثمان ناسوتيون، رئيس الوكالة الإندونيسية المكلفة بمكافحة الإرهاب، إن خمسة إندونيسيين على الأقل عادوا.
وآخر هؤلاء رجل مع ابنه البالغ من العمر أربع سنوات، حاول الوصول إلى حقل نفطي يسيطر عليه تنظيم الدولة، لكنه سلم نفسه في نهاية المطاف بعد منعه من دخول سوريا من قبل تركيا.
ويروي أحمد جنيدي قصة مماثلة لإندونيسيين آخرين فقراء جذبهم المقاتلون في تنظيم الدولة.
وقال إن ما شجعه على التوجه إلى سوريا هو صور الأطفال الجرحى في سوريا التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وخطب رجال الدين.
وفي آذار /مارس 2014، اتصل به أحد الذين يقومون بالتجنيد لحساب التنظيم وأكد له أن ديْنه البالغ تسعة ملايين روبي (583 يورو) سيسدد إذا عمل بضعة أيام فقط.
وتوجه جنيدي إلى تركيا ومنها إلى قرية مجاورة لحلب في شمال سوريا. أما عمله الرئيس فكان إعداد طعام المقاتلين وفي بعض الأحيان حراسة القرية والمساعدة في تعليم الأطفال.
ولم يكن راتبه الذي يعادل 44 دولارا (نحو 39 يورو) بمستوى المبالغ الموعودة. وكانت الحياة اليومية مملة في القرية بعيدا عن المعارك.
وهو يقول إن الروايات التي تتحدث عن وحشية المقاتلين الذين قطعوا رؤوس عدد من الرهائن الأجانب، روعته. لكنه لم يحضر بشكل مباشر أي حدث مهم.
وبعد ثلاثة أشهر سمح له القائد المحلي للتنظيم بالرحيل وأكد له أن الموت ينتظره إذا عاد.
وقال أحمد: "أقول للإندونيسيين الراغبين بالتوجه إلى هناك: فكروا بالأمر مرتين لأنكم ستندمون".