نشرت صحيفة "فايننشل تايمز" تقريرا لكاثرين حلي وإريكا سولومون قالتا فيه إن الرئيس السوري
بشار الأسد لم يغادر بلده ولا مرة منذ اندلاع الحرب الأهلية في بلاده حتى هذا الأسبوع عندما دعاه فالدمير
بوتين لزيارة موسكو.
ولم يكن الاجتماع بين الرجلين الثلاثاء الماضي مجرد تمرين في سياسة القوة على طريقة بوتين، ولكن كان واضحا أنه محاولة من الزعيم الروسي للاستفادة من
الضربات الجوية على مدى الثلاثة أسابيع الماضية في سوريا لتعزيز الدور الدبلوماسي للكرملين.
وأتبع بوتين الزيارة باتصال هاتفي بالملك السعودي سلمان بن عبد العزيز والملك الأردني عبدالله الثاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم الأربعاء؛ حيث أطلعهم على المباحثات بينه وبين الأسد.
أما بالنسبة للرئيس السوري نفسه فقد تكون الحملة الجوية الروسية دعمت الأسد ولكنها تجعله وبشكل متزايد تحت رحمة بوتين.
وأخبر بوتين الأسد أنه إن خف الضغط العسكري على دمشق كما يتوقعان فيجب أن يمهد ذلك الطريق أمام محاولة لحل الصراع سياسيا واستيعاب عدد من أعداء الأسد.
وقال بوتين بحسب ما نشر الكرملن: "النتائج الإيجابية للعمليات العسكرية ستمهد الأرضية للعمل على التوصل إلى إتفاقية طويلة الأمد تدخل فيها جميع القوى السياسية والمجموعات الدينية والعرقية".
ويشكل مقترح عدم استثناء أي مجموعة من الحوار تحولا عما كانت تصر عليه موسكو في الماضي من مشاركة أعضاء المعارضة "السليمة"، وهذا التعريف، بحسب ما قاله الدبلوماسيون والمحللون، يستثني أي قوى قد تشكل تحديا لبقاء الأسد في السلطة.
ويأتي هذا وسط محاولات لإيجاد أدنى قدر ممكن من الأرضية المشتركة مع القوى الخارجية لإحياء الجهود الدبلوماسة بخصوص الأزمة السورية.
وتم تخريب هذه الجهود سابقا بقيام روسيا بحملتها العسكرية في سوريا في 30 أيلول/ سبتمبر والمساعدات العسكرية للأسد من إيران وحزب الله.
لكن بوتين الذي توسط في اتفاقية الأسلحة الكيماوية السورية والتي جنبت الأسد ضربات جوية أمريكية يحاول أن يكسر الجمود في العلاقات الدبلوماسية مع الغرب وخاصة بعد أن تدخلت روسيا في الجارة أوكرانيا.
وأحرز تقدما نحو هذا الهدف عندما قابل الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الأمم المتحدة الشهر الماضي قبل بداية الحملة الجوية السورية.
ومن المقرر أن يجتمع وزير خارجية روسيا، سيرجي لافروف بنظرائه الأمريكي والسعودي والتركي الجمعة لبحث الملف السوري.
ويقول يزيد صايغ من معهد كارنيغي الشرق الأوسط في بيروت إن السبب المهم الذي يمكن تصوره وراء ذلك الاجتماع هو: "ما قاله بوتين للأسد حول رؤيته للحل السياسي".
وتابع صايغ قائلا: "ويجب على بوتين أن يكون واضحا حول رؤيته فحتى أكثر الرؤى ملاءمة سيحتاج إلى تنازلات من النظام".
ولكن المراقبين في المنطقة يرون أن في الاجتماع رسالة سياسية تقوي وضع الرئيس السوري.
يقول المحلل الأمني يونس عودة من لبنان: "هذا التحرك الإعلامي يهدف ليقول للعالم إن الرئيس [الأسد] يستطيع التحرك، ويستطيع أن يذهب ويعود كما يشاء".
وتخشى الشخصيات المعارضة في سوريا من أن أي محادثات سياسية جديدة ستقوي من نظام الأسد وتضعف من المجموعات المعارضة للأسد.
وكان موقف الدبلوماسيين الغربيين لحد الآن هو أن فرص نجاح المحادثات تبدو بعيدة المنال والسبب هو أن دعم موسكو للأسد يتعارض بشكل مباشر مع إصرار معظم القوى الخارجية الأخرى على تنحيه عن السلطة.
وعملت موسكو خلال العام الماضي وبحذر على توسيع نطاق مجموعات المعارضة التي يمكن شملها في المحادثات للتوصل إلى حل سياسي.
ولكنها لطالما كانت حذرة من المجموعات التي يصفها الغرب بالإسلاميين المعتدلين أو مجموعات الثوار والتي تعرف معا باسم "الجيش السوري الحر"، والذي هو على علاقة بالغرب. وتلك المجموعات ضربتها الطائرات الروسية التي قالت موسكو إنها تستهدف تنظيم الدولة.
وقبل أسبوعين فقط اقترح بوتين ولأول مرة إمكانية مشاركة الجيش السوري الحر في المحادثات.