قارن الكاتب الشيعي
اللبناني محمد عقل، بين الحسين بن علي عليه السلام، وبين
شيعة السفارة، معتبرا أن ما جمع كليهما هو "رفض البيعة والهيمنة السياسية"، وفق قوله.
وأوضح أن "كل الذين رفضوا القرار السياسي بمحاربة السوريين ورفضوا المبايعة السياسية – الدينية، متهمون بأنهم من شيعة السفارة، لكسر قرارهم، ولإخضاعهم لهذا القرار ولمفاعيله السياسية والطائفية والمذهبية"، مشيرا إلى أن "هذا ما رفضه الحسين، وهذا ما رفضه شيعة السفارة، إنه القرار السياسي وتبعاته، وما يمكن أن يجره من مآس وكوارث"، على حد قوله.
وتأتي مقالة عقل قبل يومين فقط من ذكرى "كربلاء" التي قتل فيها الحسين، التي تعدّ بالنسبة للشيعة "حادثة فارقة في الوعي والوجدان والتدين الشيعي"، و"وضعت الإمام الحسين"، كما يسميه
الشيعة، "في مصف الرمز الديني والدنيوي، الأقرب للأسطورة، كونه خرج في ثورة على الظلم والاستبداد، وثأرا لوالده علي بن أبي طالب عليه السلام"، بحسب ما يؤمن به الشيعة.
وقال عقل في مقال نشره موقع "جنوبية" الشيعي اللبناني المعارض لسياسات
حزب الله، إن "أمر الحسين يحيرني، فهو يعرف أنّه وأهل بيته ومن معه قلّة أمام جيش دولة كاسح ماسح، ومخابرات وعسس، وقوة استبداد، ومنظومة توريث، وكلها ستمر، أرضيَ أم لم يرضَ، والوضع الإقليمي حينها مع الدولة".
وتساءل: "يعني لماذا يعارض؟ لماذا يطالب بالحرية؟ خصوصا أنه يعرف أيضا أنّ أعداء الخارج قد يستغلون الوضع لغير صالحه ولغير صالح الدولة الفتية التي يعيش في كنفها. وهو بات في كربلاء بوضعية النزوح التهجيري، فهو ابن الجزيرة (السعودية) المهاجر من المدينة (يثرب) إلى كربلاء. فهو ليس ابن (العراق)، ومعه نسوة وأطفال وآل بيت، وليس معه محاربون، فما معنى جهاده؟"، بحسب قوله.
وأضاف عقل أن "الحسين خرج في ظل وضع ذاتي مضعضع، ووضع داخلي، وفي ظروف غير مساعدة، وموازين القوى لغير صالحه. بالإضافة إلى كل ذلك، فهو يعرّض الدولة التي أمنت له المأكل والمشرب والأمان مجانا للأخطار. فلماذا خاطر بحياته وقدمها رخيصة؟ لماذا؟ من أجل الحرية؟ أيّ حرية!".
وتابع بالتساؤل: "هل خرج من أجل حياة أفضل؟"، مجيبا: "بالعكس أتت بعد ثورته أنظمة أكثر فسادا، وعرفنا مخاطرها على المجتمع. وعلى الدولة، إذا علامَ يثور؟ علامَ يراهن؟ على الحرية وعلى الإصلاح الديني في أمة جدّه محمّد؟!! وعلى بناء دولة الإصلاح؟ أو من أجل الرفض والموقف؟ ما نفع كل ذلك والخراب شغّال؟ وقوى الدولة والتحولات الإقليمية ومصالح الإمبراطوريّات المحيطة هي أكبر منه!".
وتساءل أيضا: "لماذا خرّب بلده؟ وأتت أنظمة أعطل من النظام الذي كان؟ لماذا يقوم الإنسان أي إنسان بثورة في بلاده؟ وما جدواها في ظل هكذا ظروف موضوعية أقل ما يقال فيها إنّها لغير صالحه؟"، معتبرا أن النتيجة "كالعادة دائما تنتهي بأن يتدخل كل شذّاذ الآفاق، ويستغلوا الثورة إذا نجحت، ويخربوا الدولة، ويقتلوا الناس. ومن يقرأ التاريخ يعرف أن كل هذا حصل بعد ثورة الحسين".
واعتبر عقل أن "أمر الحسين غريب وعجيب، فهو الإنسان المحترم، الآدمي، حفيد الرسول وصهر الملك أنو شروان. الإمام المعصوم العارف، القائد، المبشّر بالجنة، سيّد شباب أهل الجنة، الغني مالا وخلقا، الإلهي، المتأله، العالِم العلَم"، متسائلا بسخرية: "عجيب لماذا يخرّب النظام ويقف ضده؟ أمن أجل الإصلاح في أمة جده؟ أين الإصلاح ممن أتوا بعد الثورة؟ أمن أجل الحرية والتخلص من الاستبداد؟ زاد الاستبداد! والحرية؟ أي حرية؟ أين الحرية؟ عجيب أمر الحسين، غريب ما سره؟ ما سرّ حبّه للحرية؟!".
وأضاف: "قد يقول قائل فهيم سرّ الحسين هو كل ما قيل، وقد يقول متفيهق سرّ الحسين نختصره بكلمة، ويرمي كلمة حفظها من شيخ جامع نسيه التاريخ. وقد يقول آخر إن سرّ الحسين أعظم، ويلصق ذلك في الغيب. وقد يقال: المسألة، أنّك كمن وصل الآن تخبز بالأفراح. ولعل الرد الأفهم سيكون: أنت خارج الموضوع يا عم. وقد يقول آخر: يا أنت، من أنت، لتتناول وتنتقد الحسين وهو المعصوم".
وبمقارنة مع الثورات العربية، قال عقل إن "كل هذه الرّدود ستكون لخطاب يهدف إلى فتح باب خلفي (إلهي- بشري) للهروب من الحرية، وأكرّر: هل تستحق الحرية كل هذا الدم والقتل؟ فإذا كانت الحرية تستحقّ دمنا فنحن مع: الشعب يريد إسقاط النظام، ومع شعوب الحرية والثورات العربية كلها، لأن فيها رائحة الحسين، وإذا كان الحسين مخطئا، فرجاء الإقلاع عن عادة بيع الكلام، لأنها تتساوى حينها مع أفعال الذين قتلوا الحسين تماما"، بحسب تعبيره.
وتابع بالقول: "أمّا إذا كان الحسين قد نزح من المدنية إلى الكوفة، تلافيا للمواجهة وحقنا للدّم. وأن الموقف المبدئي والأساسي للحسين أنّه رفض المبايعة السياسية. رفض هيمنة القرار السياسي، ورفض الخضوع لهذا القرار السياسي الخاطئ، ليصل لنتيجة مفادها: "هل الإمام الحسين من شيعة السفارة؟".
يذكر أن مصطلح "شيعة السفارة" أطلقه لأول مرة الأمين العام لحزب الله
حسن نصر الله، اتهم به عددا من الشيعة باختيارهم من "السفارة الأمريكية" لتشويه صورة حزب الله، وضرب صورته من داخل البيئة الشيعية، بحسب ما نشرته صحيفة "الأخبار" اللبنانية التابعة للحزب.
وتوسع المصطلح ليشمل في عرف حزب الله جميع مناهضيه في البيئة الشيعية، خاصة من النخب الذين رد كثير منهم على نصر الله، بعد الخطاب الذي ذكرهم فيه قبل أسابيع بنوع من التهديد.
يذكر أن ممن ردوا عليه الكاتب محمد بركات، والكاتب عماد قميحة وآخرون.